الخميس، 18 أكتوبر 2012

الأميرة وهو

هى هكذا تحيطها الاسوار الشائكة رغم أنها تسكن فى أعلى برج عاجى لا تكاد تراها عين سوى من يخدمها فقط سوى من يسمح له بالقدوم عليها سوى أصدقاء العائلة والصفوة المقربين من الاسرة الملكية سوى أولئك المغرقين بالأموال العاشقين للسلطة الباحثين عن الجاه اللاهثين خلف المناصب  تحيطهم أطيانهم وممتلكاتهم ولكل منهم حاشية تحيط به وأعوان يمهدون له الطريق .
أما غيرهم فلا يسمح لهم بالاقتراب واذا تجرا أحد وحاول يكون أجله قد حان ، أولئك الذين يعيشون فى كد وتعب ، أولئك الذين يواصلون ليلهم بنهارهم سعيا وراء لقمة عيش تسد جوعهم ، وراء شربة ماء تروى ظمأهم ، وراء درهم واحد لشراء مؤنتهم ، وراء دينار واحد للحصول على دوائهم وعلاج أوجاعهم ،  وراء جنيه واحد للحصول على مأواهم ، كثير ما يتخذون من السماء غطاء ومن الأرض سريرا ومن أوراق الأشجار غذاء ومن مياه البحيرات شرابا ، كثيرة هى الأوقات التى ينتظرون فيها سقوط الأمطار لتبتهج زروعهم لتتساقط الأتربة التى كست جلودهم  .
تقف فى الأعلى تطل على البحيرة واشجار شواطئها المتناثرة وسفنها التى تبدو فى المياه حائرة ، لا تكاد ترى للمياه نهاية فحيثما وجهت نظرها وجدت المياه تحيطها فترفعها للسماء فاذا السحب تحتضنها ، تغرق عينيها الدموع فإذا النسيم يتلقى ما تساقط من عينيها من قطرات يجففها بقبلاته التى يعطر بها وجنتها ويداعب بها خصلات شعرها .
حلمت كثيرا أن تراه ولكن من اين لها به وهى كالسجينة فى قصر مهجور فى أفق مسحور من خلف بحيرات مسجورة ، نعم أحلامها أوامر ولكن بشرط ألا تتعرض الأحلام مع مصالح اسرتهم الملكية ولا تنزل بها الى المستويات الدنيا حتى لا يصيبها داء الفقر .
حلم أن يراها ولكن من أين له بها وهو الذى يحيا لا يملك قوته ،  لا يملك وقته ،  لا يملك نفسه ،  عبدُ يوجهه سيده حيث شاء ، اذا حاول رفع ظهره قليلا لالتقاط أنفاسه ينهال عليه السوط وقد نزعت منه كافة ألوان الرحمة فخلى من كل شئ سوى القسوة والغلظة .
ترى المياه ساكنة فما بال روحها لا تسكن مثلها ،  ترى النسمات مسرورة فما بال ذاتها مكتبئة حزينة ، وصيفاتها يسألنها عما بها ولكنها فقط تجيبهم بصمت وكأنها نذرت للرحمن صوما .
يرى الأطفال تلعب ويتذكر أنه يوما ما وجد من يلاعبه ، يرى الشباب بحياته مستمتع ويتذكر الملقى على عاتقه ويخشى عقاب سيده فتدمى عيناه وتدمع ولا يجد من يخبره بشكواه .
هى فى قصرها تحيا ولكنها لا تحيا ، الجميع يحسدها على ما هى فيه ولا يشعرون كم تعانى من ألم ، ولا يشعرون كم تقاسى من وجع ، يظنون أنها أسعد الأميرات وأكثرهن حظا ومكانة ، وهى موقنة أنها بالأوجاع مغللة ، تختنق من بغض الرائحة التى تداعب أنفها  رغم أن عطرها تفوح رائحته ذكية يدركها القادم من مسافات بعيدة .
 عرقه يتساقط ويتساقط والشمس تتوسط كبد السماء والأعمال المطلوب منه انجازها  ماتزال كثيرة ولم يعد يقوى على إلتقاط انفاسه فقد ألجمه العرق وصارت بشرته بلون الليل القاتم شديد العتمة وأصبحت معدته تتلوى من الجوع وريقه قد جف من شدة العطش .
عندها كل شئ متاح وقتما تريد فقط اشارة منها وكل من حولها يلبى سمعا وطاعة .
عنده كل شئ محدد بأمر سيده حتى جرعات الماء حتى اللقيمات التى بها يقيم صلبه .
منذ ذلك اليوم الذى رأت فيه هذا الشاب يحمل الأثقال على ظهره عندما خرجت بصحبة والدتها ووصيفاتها الى السوق ولم تزل تحلم ان يلتقيان يوما وتجمعهما كلمة واحدة .
منذ ذلك اليوم رأها فيه بينما كان يحمل البضائع لتخزينها فى أماكنها حينها سمع أصواتا تتعالى فرفع عينه فإذا موكب الأميرة يمر وهى ترفع الستائر لترى ما خفى عنها فالتقت العينانان فلم ينسها أبدا .
ولكن هل تتحقق الأحلام يوما ؟....... ربما 

الاثنين، 8 أكتوبر 2012

ذات مساء


ذات مساء
نزل من مسكنه متوجها الى عمله يصاحبه الأمل فى أن يوسع الله رزقه ويفرج ما لحق به من كربات ، استقل سيارة الأجرة حتى وصل الى مقر عمله ، دخل مكتبه ، رتب أوراقه ، فتح حاسوبه ، نفذ الوقت المقدر للعمل وما نفذ العمل ...
ذات مساء
اصطحب زوجته وابنه للتنزه والاستمتاع بالليل الربيعى الهادئ ، دخلو ا المتنزه ، اختاروا منضدة فى جانب هادئ بعيد عن الصخب بالقرب منها وضعت أرجوحة صغيرة أسرع نحوها الطفل تصاحبه امه وبعد أن اطمئنت عليه عادت الى رفقة حبيبها ، طلبا مشروبا باردا ، تذكرا أجمل أوقات عمرهما ومازالت مستمرة ، انقضى الوقت ، غلب النوم الصبى فعادوا الى بيتهم مجددا .
ذات مساء
تناول وجبة الغداء وجلس يتابع بعض الاخبار والبرامج ، اتصال مفاجئ ، والدك مريض ، تبدل لون وجهه ، أسرع يبدل ثيابه وهرول متجها نحو الموقف ، أخرج هاتفه ، اتصل على صديقه ، أبقى بالقرب من والدى حتى أصل ، وصل البيت ، قبل يد أبيه ، بدت علامات الارتياح على وجه الأب ووجه الابن .
ذات مساء
جهز نفسه ، ارتدى ملابس شبابيه تلائم الوقت الذى قرر قضائه برفقة اصحابه على المقهى يشاهدون المباراة المرتقبة ، فى الجانب أصوات تعلو تبدلت الى ألفاظ بزيئة تبدلت الى شجار أسرع محاولا تهدئة الموقف ، طعنة غادرة ، دماء تتناثر ، اسعاف يقطع الزمان متعثر الخطى ، وصل المشفى بعد أن انقضى الأجل .
ذات مساء
جلست تنتظر عودته من السفر فاليوم موعد عودته الشهرى يقضى معها أربع ليال لا تزيد هكذا طبيعة عمله ، هيأت نفسها له وأعدت الطعام الذى يحبه ، يؤرقها تأخره ، مازلت فى الطريق المواصلات شديدة الازدحام ، طرقات على الباب أسرعت تفتحه ، لا أحد ، ظرف مغلق ، كل عام انت حبيبتى ، قبلة على جبينها ، ها أنا قد وصلت .
ذات مساء
جلس فى شرفته يستنشق بعض الهواء النقى بعد أن مل من اوجاع الفراغ الذى يعانى منه ، استعاد شريط حياته لحظة لحظة ، الى متى سأظل هكذا ، فكر ، قرر ، مازال المقعد يهتز لكنه صار الأن خاليا .

السبت، 6 أكتوبر 2012

مركب ورق




مركب ورق
تدفعه المياه من هنا
تلقى به الأمواج هناك
ولا حيلة له ولا سبيل يملكه فيرد عنه أثرها .
مركب ورق
هش ضعيف لا يقوى حتى على تحمل نسمات الهواء
اذا اشتدت قليلا مزقته قطعا صغيرة تذوب وسط زبد البحر .
مركب ورق
هكذا كان قلبى بيدك
 فرحتى بتشكيله بهيئته التى تعجبك
لهوتى به قليلا وفى المياه ألقيتيه لتتم متعتك
 فاستمتعتى أنت وقتلتيه .
مركب ورق
كان حلم طفل أن يبحر يوما
فصنع من حلمه مركبا
وخطى به نحو المياه فوضعه
وظل يراقب حركاته سعيدا مسرورا
فمرت بالقرب منه قطعة خشبية
دفعتها الموجات فقذفته فغرق
فبكى الطفل على فقدان مركبه
واستمرت القطعة الخشبية فى طريقها
وعاش الحلم فى قلب الطفل حتى أضحى قبطانا .
مركب ورق
حملت رسالة حب
تحوى مشاعر قلب باح بكل ما فيه ووشوش لتلك الورقه به
ثم صنع منها مركبا ووضع المركب فى البحر
عسى أن تحملها الموجات لحبه الذى أخذته الأقدار بعيدا
فلا الرسالة تصل ولا الحبيب يعود .
مركب ورق
ممزوج بعرق رجل طيب
تراكمت على كاهله الهموم
فجلس بالقرب من الماء تنهمر دموعه والله يعلم حاله
ألقت اليه الريح بورقة فأسر لها بما فى داخله
وألقى بها فى اليم عسى أن يحمل اليم رزقه ويسوقه اليه
ومازال ينتظر ولكل رزق معلوم .
مركب ورق
تحمل أمل أم تأتى كل يوم الى المرسى
تنتظر عودة ابنها الغائب فبدلت ملامحها السنون
وما عاد الغائب فقد اصطحبته الدوامة فما استطاع منها فرارا
وما انقطع الأمل فى قلب الأم يوما .


الخميس، 4 أكتوبر 2012

لحظات الألم والندم

حكى لى قائلا :-
مرت الايام ولكنها ابدا ليست قادرة على طى صفحات الألم التى تشكلت وملأت حياتى كل الاوجاع تشبهنى كلها صنعت خصيصا لى ، طعمها مر علقم كأنها مزجت بمسحوق مصنع من الكراهيه والضغينة والبغض ، طغى الأسود على لونها بعد ان كان لونه أبيض فعلمت أن الأثام عكرته حتى أنقلب اللون الى أسود حالك ولو تغيرت لتغير .
هكذا فى محتواها هكذا فى مضمونها
لم ترضى ان تطيب أبدا
لم ترضى ان تتبدل أبدا
الأوجاع تملأ كل اركانها ، جوانبها ، هوامشها ، حتى المساحات الفارغة بين السطور ملأتها ، حتى الحواشى الفارغة فى الجوانب غمرتها فأصبح الألم يفور ويفور منها وعلى صوت أزيزه وأصبحت الدموع لعينه مصاحبة فأبت أن تفارقها يوما .
أكاد أموت من الذنوب التى تكاثرت على واجتمعت حولى وكأنها قررت أن لا تفوتنى الا بعد ان تهلكنى وتأتى على ما تبقى منى وحق لها ذلك فأنا ما تركت أحدا إلا وسببت الكثير من الألام له حتى صار جل من يعرفنى أثار ذنوبى معه موشومة على صدره وقلبه .
أحتاج الى عقد هدنة مع نفسى عساها تطيب وترضى وتكف عن اقتراف المعاصى والأثام ، اراها شديدة الضعف أمام نزواتها وشهواتها ، كلما بدا لها فى الأفق شهوة أسرعت نحوها تلاحقها حتى لا تدعها الا وقد أجهزت عليها ولوثت برائتها .
أحتاج الى هجرة بعيدة عن كل الخلائق حتى لا أسبب الأذى للأخرين مجددا ، أحتاج الى عزلة حتى تكف النوب المنهمرة ، أحتاج الى الابتعاد حتى لا يضار من حولى بما اقترفته يداى وربما ينظر الله إلى نظرة رضا وشفقة فيتكرم علي بجزيل فضله وعفوه ورحمته فرحمته أوسع من أن تحصر وأعظم من أن تضيق على .
أحتاج الى مساحة صغيرة بعيدة عن كل البشر حتى لا تفسد أخطائى عليهم سبل حياتهم فالأثام تفسد الحياة قال الله ( ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ) ،  أنثر فيها دموعى بعد أن أبث شكوى ذنوبى وخطيئاتى الى ربى وأكون قريبا منه وحده أبكى على ، أطلب منه العفو ، أطلب منه أن يسترنى ، ان يرحمنى ،أن يجنب غيرى أثار أثامى ،  أن يقبضنى وهو عنى راض.
تساقطت من عينى الدموع وأنا استمع لحديثه فقلت فى نفسى وكأنك تصف لى حالى 
إلهى 
لست للفردوس أهلا ولا أقدر على نار الجحيم 
فهب لى توبة واغفر ذنوبى فإنك غافر الذنب العظيم