صدح فى السكون صوت المؤذن ينادى لصلاة الصبح ، دفع الرجال الأغشية من فوق أجسادهم وأسرعوا الى أماكن الطهارة يغسلون أبدانهم من محل النوم ، فتحت الأبواب ونزع الناس الى مصلاهم ، أقيمت الصلاة ، وخشع الشيخ فبكى وأبكى المأتمون به ، ودعاء الفجر يشق طبقات السماء ، أوقات التسبيح والاستغفار والذكر تحلو فليس أحلى من قرب من تحب وهل بعد حب الله حب .
النساء أدين الصلاة وهرعن الى أوانيهن ومطاهيهن البسيطة وأوقدن النيران وبدأت رائحة الطعام الشهى تداعب الأناف ، أيقظن الأطفال وأمرنهن بالتطهر والصلاة والاستعداد لتناول الإفطار بصحبة ذويهم ، عاد الرجال من مصلاهم واصطفت العائلة حول الطعام فى دائرة يعلوها الحب .
أنهى الجميع إفطارهم وبدأ كل يشق طريقه الى وجهته ، أخرج الرجال المواشى والأنعام من حظائرهم وتوجهوا الى حقولهم ، ساعدت الأمهات الأطفال على ارتداء ملابسهم وأعددن لهم وجبات خفيفة تسعفهم فى وقت الراحة المدرسية .
فى البلدة الطيبة مدرسة واحدة ، طابق واحد ، مائة وثلاثون طالبا موزعون على ثلاثة فصول ، غرفة للمدير ، يلتحق الأطفال فيهم عندما يبلغون السادسة ويغادرونها بعد ان يتأهلوا الى المرحلة التالية وأعمارهم حينذاك تلامس الثانية عشر.
الثامن من ابريل لعام ألف وتسعمائة وسبعون من الميلاد ، دقات الساعة تعلن السابعة والنصف ، نسمات الربيع تقبل خد الصباح والشمس تغازل بأشعتها الوجوه كأم حانيه ، اصطف الطلاب فى ثلاثة صفوف يؤدون التمارين الصباحية ، خمس دقائق لكل تمرين وثلاثة أضعاف ذلك للاذاعة المدرسية والأصوات تتغنى بحب الوطن .
والله زمان يا سلاحى
اشتقت لك فى كفاحى
انطلق وقول أنا صاحى
يا حرب والله زمان
والله زمان ع الجنود
زاحفة بترعد رعود
حالفة تروح لم تعود
إلا بنصر الزمان
هموا وضموا الصفوف
شيلوا الحياة على الكفوف
ياما العدو راح يشوف
منكم فى نار الميدان
يا مجدنا يا مجدنا
ياللى اتبنيت من عندنا
بشقانا بكدنا
عمرك ما تبقى هوان
مصر الحرة مين يحميها
نحميها بسلاحنا
أرض الثورة مين يفديها
نفديها بأرواحنا
الشعب بيزحف زى النور
الشعب جبال الشعب بحور
بركان غضب بركان بيفور
زلزال بيشق لهم فى قبور