أسرع إلى مسكنى ، أتدثر
فى فراشى ، فرائسى ترتعد وقشعريرة تسرى فى أطرافى ، أغيب فى نوم عميق ، أجرى فى
السهل الممتد ، أفر من وحش يطاردنى ، أهرب من ظلام ذراعه تناطح السحب ، طريق طويل
لا ينتهى وخوف ينشر جنوده .
أغادر الفراش متكاسلا ،
أتوضئ وأصلى ، أغسل الإناء وأضع المياه فى السخان ، أُعِد مشروب الصباح ، أفتح باب
البلكونة ، أبُعد الستائر ، تطل الشمس ، تتأرجح الستائر يداعبها الهواء ، تلاطف
الشمس وجهى ويلامس الصقيع قدمى ، أزيل التراب الذى اعتلى الكرسى والمنضدة بقطعة
قماش بالية ، أخرج حاسوبى من حقيبته ، وأوصله بالكهرباء ، اصف قلمى واراقى أمامى ،
أحضر أجندتى من مكتبتى ، أطالع الفقرة التى انتهيت إليها فى الكتابة .
تشغلنى اخبار العمل
ومستجداته فأغيب معها قليلا ثم يأخذنى الحنين مجددا إلى الكتابة فأحول بصرى عن
مواقع التواصل وأمنح قلمى وقته ليمارس شغفه .
يغرق كل شئ فجأة ،
الطموح ، الأمل ، الأمنيات ، كل شئ يسقط منك رغما عنك ، حاولت وجاهدت ولكن لحظات
الضعف فاقت قوتك وإرادتك ، يا أبى يعبثون
بكل شئ ، أحلام البسطاء وابتسامة الطيبين ، الجشع سيد الموقف والضباع حاصرت الغابة
....
يا أبى علمتنى أن أكون
طيبا ، أزرع الأرض ، أنشر الخير ، أعطى السائل ، أعلم كل ساع وأعين المحتاج وما
علمتنى كيف ألقى هؤلاء ؟ .... صنائع المعروف تفعل يا ولدى ... صنائع المعروف تكفى
..... الخير حصنك والعلم سبيلك والتقوى زادك يا ولدى .
أهجر كل ذلك وأبحث عن
راحة أخرى ، أقطع مسافة طويلة ، مئات الكيلومترات ، بين الجبال والرمال ، بحر
يقترب حينا وتخفيه الجبال أحيانا ، خمسمائة متر فوق سطح البحر ، الهواء يلفحنى ،
الجبال ترتدى ثيابا بألوان زاهية وألوان واهية وألوان بالية وألوان فرحة وألوان
باكية .
الطريق يطول ، الطريق
يطوى ، الصحراء تتسع ، الصحراء تضيق ، القلب يخاف ، القلب يرقص ، النفس تطرب ،
النفس ترتعد ، الأزرق مريح ، الأزرق مخيف ، الأزرق خائف .
الطريق غريب ، يتلوى
كأفعى ، يرتفع حتى تظنه لامس السماء ، ويهبط حتى تراه غارقا فى زرقة البحر ، ومع
منتهى كل نظر تعانق الرمال السحب كعاشقين اجتمعا على الحب فذابا فيه ...
" اللهم يا ذا
الطول ، بك أحاول وبك أطاول ، أن أخرج من هذا التيه ، من هذا اليأس ، أن أجد باب
الخروج ، سبيل الرشاد " – الدعاء مقتبس من كتاب القرأن
نسخة شخصية .
1 رأيك يهمنى:
كلماتك درر ساحرة سبحان الوهاب ....
إرسال تعليق