على جانب
وقفنا وخلعنا ملابسنا واستبدلناها بملابس الاحرام وانطلقنا ندفع الكرسى المتحرك
مجددا رافعين أصواتنا بالتلبية ، وجدنا الكثير يوزعون المياه على أفواج الحجيج
والبعض كان يوزع فاكهة والبعض كان يوزع وجبات والبعض يوزع مثلجات .
الطريق طويل
من العزيزية الى عرفات ، الشمس قاسية والرصيف شديد السخونة ، العرق يكوى جباهنا
ويصب الملح فى العيون ، لبيك اللهم لبيك ، القلب من فرط فرحه لا يكاد يصدق ،
الحافلات تمر مسرعة تحمل أفواج الحجيج والكثير منها تتقدمها سيارات الشرطة ،
الشرطة أعدت الكثير من الأكمنة على طول الطريق لكنهم رغم أنهم كانوا يحاولون ردنا
كثيرا إلا انهم فى النهاية كانوا يتركوننا نمر ، مرات ومرات يحاولون إيقافنا ونحن
نسألهم بالله أن يتركوننا نتم مناسكنا فلا يدرى أحدنا إن كان سيقدر له العمروالمال
والوقت والصحة والجهد حتى يدرك الحج مرة أخرى أم لا ، يتشاغلون عنا فنمر مسرعين ،
نحاول التودد فنسألهم عن المسافة المتبقية حتى نبلغ عرفة فيقولون أمامكم ، مكبرات
الصوت تحذر من الاقتراب ، نطلب منهم بعض الماء ، ارجعوا من حيث جئتم فلن نترك احدا
يمر ، تسرع خلفنا امرأة فأبطئ حتى تلحق بنا ، أعطيها زجاجة ماء وتواصل السير معنا
، لسانها لا يكف عن الدعاء ، لبيك لا شريك لك لبيك ، جئناك بضعفنا وانكسارنا ،
جئناك وقد أثقلتنا الذنوب وأهلكتنا الخطايا ، جئناك نطمع فى كرمك ورحمتك وعفوك ،
جئناك فلا رب لنا سواك ولا ملجأ لنا إلاك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، حبيبى يا
رسول الله كنت تحيا هنا ، كنت تمشى هنا ، كانت قدماك الشريفتان تخطوان هنا ، هنا
ارتفع بصرك إلى السماء ومن هنا صعدت دعواتك ، أبونا أدم وأمنا حواء وخطوات حتى
اللقاء ، ما أطيب أرضك يا مكه وما أبهى سماؤك ، وما أعطر ريحك ، لولا غلظة فى
أخلاق قاطنيك .
أشعر ببعض
الإعياء ، أطلب من مرافقى أن يدفع الكرسى المتحرك بدلا عنى ، أجفف عرقى وأشرب بعض
الماء ، أسترجع منه الكرسى ثانية ، نواصل السير ، يظهر كوبرى على اليسار وفى الأفق
يمينا يظهر مسجد ، نسأل على المسافة المتبقية فتكون الاجابة واصلوا السير أوشكتم
على الوصول ، ربنا يتقبل يا حاج ، بعض افراد تأمين طرق المشاعر يلقون المياه على
أفواج الحجيج لترطيب الحرارة بعض الشئ ، نواصل التضرع والتلبية ، تمر أتوبيسات
فاخرة تسبقها سيارات الشرطة للتأمين ، نفسحهم لهم الطريق ، يطمئننى مرافقى أنهم لن
يمنعونا وسيتركوننا نمر إلى عرفات ، أوشكنا على الوصول ، رياح شديدة تفاجئنا ،
حملت معها أتربة منعت الرؤية تماما ، جلسنا على الأرصفة ووضعنا أيدينا فوق رؤوسنا
وأغلقنا عيوننا بعض الدقائق حتى انتهت تلك الزوبعة ثم واصلنا السير ، وجدنا على
اليمين جثة مغطاة فوقفنا فأشار إلينا الشرطى أن تحركوا ، ثم وجدنا جثة أخرى يحيطها
البعض .
عبرنا منطقة
رملية وتخطيناها الى الناحية الأخرى والأن نحن على بوابات عرفات ، أسوار شائكة
أمامها مولدات ضخمة ، ساعدت شيخا على النهوض ، واصلنا السير ثم إلتفتنا يسارا
وعبرنا البوابات وإلتفتنا نبحث عن لافتة بداية عرفات حتى نتخطاها لنكون دخلنا
منطقة المشاعر فعليا فوجدناها بعد مسافة صغيرة .
لا إله إلا
الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللّهم إنّي أسألك
إيماناً دائماً، وأسألك علماً نافعاً، وأسألك يقيناً صادقاً، وأسألك ديناً قيّماً،
وأسألك العافية من كلّ بَليّة، وأسألك تمام العافية، وأسألك دوام العافية، وأسألك
الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس.
سرنا إلى
داخل عرفات بين الحافلات على الجانبين وأفواج الحجاج ، على جانب وقف مرافقى وعمته
للاستراحة قليلا وبحثت عن منطقة جانبية لأصلى فيها العصر ، هاتفت أسرتى وأخبرتهم
أنى دخلت الى مشعر عرفات بفضل الله وكرمه وسألتهم عن أى معلومات يعرفونها عن مكان
تواجد والدتى ورفقائها فقالوا أن أخر معلومة عندهم أنهم يجلسون فى مسجد نمرة .