صعدت إلى
غرفتى مجددا وزلفت إلى الحمام ونزعت عنى ثيابى ، فتحت الماء على جسدى فينزل متعجلا
يصهركل تلك الأوجاع والمشاق التى عشتها فى تلك الليالى ، صليت الصلوات التى فاتتنى
، فتحت التلفاز فإذا بالحجيج تتدفق أفواجهم ، راسلت أسرتى ومقربين منى لأطمئنهم
على حالى ، تناولت شيئا من الطعام وعبوة من العصير ، توجهت إلى الله متضرعا لعله
يقبلنى وييسر لى إدراك عرفه ، غلبنى النوم ثم أفقت بعد نحو ساعتين على صوت الهاتف
، يخبرنى صديق الذى قال أنه سيبحث عن احد معارفه يبحث له عن سبيل للدخول واخبرنى
أنه بالفعل دخل مكه الأن وهو فى طريقه إلى عرفات فى أفواج الحجيج المتوجهة نحو
المشاعر ، أخبرنى أنه حاول التواصل معى لكنه اتصالاته لم تفلح ، أعطانى رقم السائق
الذى اصطحبه فاتصلت عليه فلم يجب ، انتظرت حتى صليت الفجر ثم اتصلت عليه ثانية فلم
يجب ، نزلت وأخذت سيارة اجرة وتوجهت إلى تلك المنطقة التى ركبنا منها سابقا ، بحثت
عن أى سيارة تقلنى إلى مكة فلم أجد ، عدت مجددا إلى الفندق وطلبت المفتاح من موظف
الاستقبال ، صعدت إلى الغرفة واستلقيت مجددا ، ظللت أكرر الاتصال على رقم السائق
حتى أجابنى فأخبرته بمكانى واتفقت معه فكل سيصل فى غضون دقائق ، نزلت إلى الأسفل
وانتظرته فى مقدمة الفندق وكان هناك الكثير من الأشخاص يبحثون عن سيارة تقلهم إلى
مكة ، اتفق مع بعض الأشخاص فأتم حمولة السيارة وأعطى رقمه للبعض كى يتواصل معه
فيعود إليه ليقله أو يرسل إليه سيارة أخرى .
كان السائق
سودانى يرتدى جلبابا أبيضا ونظارة سوداء ، استدار بنا وانطلق فى طريقه ، لم يكف
هاتفه عن المكالمات أكثر الوقت الذى قضيناه فى الطريق ، يرشد أحدهم إلى طريق بعيد
عن الأكمنة أو يرتب مواعيد أو يعقد اتفاقات ، دخل بنا يمينا إلى محطة للتزود
بالوقود ونزل من السيارة وصفها أمام محل تجارى ، انتظرنا فى تلك المحطة ساعة أو
يزيد وهو يخرج من هنا لهناك ولا ينزل سماعة التليفون عن أذنه ، لاحقا قدم إليه أحد
الأشخاص ، تحدثا سويا بعض الوقت ثم عاد إلى السيارة ، استدار بنا إلى منطقة
التنظيف فى محطة الوقود و طلب من العمال أن يغرقوا السيارة بالمنظف ويتبعوه بالماء
ووصاهم بعدم تجفيف السيارة ، تسرب بعض الماء إلى داخل السيارة فبدى الضيق على بعض
الركاب .
تحرك بنا
مغادرا المحطة وتبعتنا السيارة الأخرى التى لحقتنا إلى المحطة السابقة وواصل
السائق الاتصالات التى يجريها يستطلع من خلالها الأكمنة على الطريق والطرق
الجانبيه التى قد نضطر إلى اللجوء إليها ، واصل السير ثم أتاه اتصالا فأنحدر فجأة
ناحية اليمين حتى وصل بنا إلى مسجد فأنزلنا عنده وطلب منا الدخول والانتظار فى
المسجد حتى يعود إلينا مجددا .
دخلنا إلى
المسجد وصلينا الظهر ، ارتبت عندما وجدت أحدهم يلتفت ويمسك بهاتفه فتذكرت خادم
المسجد الذى أبلغ عنا سابقا فحملت حذائى وغادرت المسجد وأوصيت رفاقى أن يفعلوا
المثل وعندما رجع السائق غضب من ذلك لأنه خشى أن ترانا سيارات الشرطة التى تمر
بالقرب .
طلب من
المجموعة التى كانت بالسيارات الأخرى البقاء فى المسجد وركبنا معه مجددا وانطلق
بنا فى طريق رملى وسط مجموعة من المساحات المحاطة بسياج من أغصان متشابكة وبعضها
مسورة ، وطوال الطريق لم يفارقه الهاتف وكانت سرعته تتغير حسب ما يقال له من الذى
يحدثه عبر الهاتف ، حتى أنه تعجل فخسر مرأة السيارة عندما اصطدم بسيارة نقل زاحمته
على المكان المخصص للتخطى إلى الطريق الأخر ثم زلف فجأة يمينا سالكا الطريق
الرئيسى وبعد مسافة انحدر بنا ناحية اليمين إلى منطقة جبلية بها الكثير من الحشائش
والصخور والأشجار ، وفى منطقة آمنة أوقف السيارة وطلب منا النزول واصطحبنا سيرا
على الأقدام فى هذه المنطقة حتى وصل بنا إلى جهة أخرى وهناك طلب منا الجلوس وعدم
رفع رؤوسنا أو الخروج نهائيا حتى يعود إلينا بسيارته وأتفقنا على أسلوب محدد
لتنبيه السيارة كى نعرف أنه هو فنخرج له .
مر علينا
العديد من الأشخاص ونحن جالسين ننتظر ، وجدنا أشخاص ينادون مكه ، لمن يبحثون عن
وسيلة للوصول ، بعد قليل أقبل السائق فأطلق تنبيه السيارة بالطريقة التى اتفقنا
عليها فخرجنا إليه ، ركبنا مجددا السيارة وانطلق بنا مسرعا وها نحن نسير فى طرقات
مكة وشوارعها ، طلب منا سداد المبلغ الذى اتفقنا عليه فأخبرناه أن اتفاقنا أن يصل
بنا الى الطريق المتجه إلى عرفات فأخبرنا أنه سيرتب لنا ذلك مع سائق أخر ، بالفعل
وصلنا وطلب منا الانتظار حتى يرتب لنا سيارة أخرى تنقلنا إلى حيث تبدأ رحلتنا سيرا
على الأقدام ، اتفق مع سائق أخر وانتقلنا إلى السيارة الأخرى ، طلبت من السائق أن
يقف عند اى محل نستطيع منه شراء إحرامات وتوقفنا عند أكثر من مكان حتى استطعنا
شراء الاحرامات واشتريت حذاء .
عدنا مجددا
إلى السيارة التى أقلتنا حتى وصلت بنا إلى مطلع الطريق الموصل إلى عرفات فقال
السائق أنه لن يستطيع أن يخطو أى خطوة أخرى حتى لا يتم القبض عليه ، شكرناه ونزلنا
نحمل حقائبنا وأيات الفرح تشرق على وجوههنا فقد اقترب حلمنا أن يتحقق وكتب
لدعواتنا أن تستجاب .
كان بصحبتى
شاب يصحب عمته ويرافقنا شيخ ستينى ظننته قريب لهم ولم أعرف أنه ليس معهم إلا عندما
نزلنا من السيارة ووجدته سلك الطريق وحده دون أن ينتظر أحد ، كان الشاب قد أحضر
معه كرسى متحرك ليجلس عمته عليه ويدفعه بها طوال الطريق فأرشدنى الله إلى البقاء
برفقتهم أساعده ونتبدل سويا فى دفع الكرسى فالمسافة طويلة وربما يكون ذلك العمل هو
سبب التيسير لنا فى بلوغ عرفات .
1 رأيك يهمنى:
جميله
إرسال تعليق