هل هذا الوقت سيرحل ، هل ستمضى كل تلك الدموع التى
انسالت ، ليست مما يمكن احتماله ، الأيام ربما تخفف الألام ، هل يموت الألم ؟! ،
لا أظن ... ، أعتقد أنه يشتد ويشتد مع كل صورة وذكرى ، مع كل كلمة ولحظة ، مع كل
شئ تلمسه وكل مكان خطت عليه بقدميها الصغيرتين ، يشتد ثم يبحث عن ركن يهدأ فيه
ليمنح النفس وقتا تجمع فيها بقاياها حتى يستطيع أن يهجم عليها مجددا ويمارس معها
أفعاله ، كأن الألم لذته رؤية الأرواح معذبة ، يبدل صوره ومظهره ، يقدم على غفلة
ولا يرحل دون أن يترك علامة .
ابتسامتها ، كانت صافية كسماء اغسطس ، ساحرة كليالى
الأندلس ، وهادئة كصلاة الصبح .
كلماتها حانية كريش نعام ، طيبة كرحيق الياسمين ،
لمساتها دافئة وأشد حنانا من الدموع .
كانت تلهو سعيدة ، تلقى بكل الأشياء هنا وهناك ، تجرى ،
تقفز ، ويتقافز الفرح أمام ناظريها ، تقرب المسافات ، ضحكتها صاخبة ، بريئة كتغريد
الكناريا ، ثم خملت فجأة ، سكتت فجأة ،
وساد الصمت من يومها وحل الغياب .
يا طفلتى ، صغيرتى ، أميرتى ، الحلم الذى لم يكتمل
والعمر الذى لم يتم ، يا جنتى ومهجتى وضحكتى التى رحلت معك ، يا قوتى التى وهنت
وأوقاتى التى ضلت ، ودمعتى التى جفت وعينى التى جمدت.
لعبك ، أرجوحنك ، تنوراتك وفساتينك ، عرائسك ، فرشاتك ،
مرآتك ، وقبلاتك ......... قبلاتك .
نظرة أخيرة وقبلة وداع ودمعة تغسل خدك ، من يمسح دموعى
بعدك ، من يلهو معى ، من يختبئ لى خلف الستائر وتحت الأسرة وفى خزانات الملابس ،
من يقطع لى الفاكهة ويصب العصائر على ملابسى ويملأ الأركان بالشيكولاته ، من يبتسم
فى وجهى قبل النوم وعند الصباح ، من سيكون صباحى وليلتى ، من يصحبنى فى نومى
وغفوتى ، من أبكى فيقبل دموعى ، وأضحك فيرقص لفرحى ، وأجرى فيطير يسبقنى ، من
يعانق رأسى حتى تختفى فى كف يديه الصغيرتين ، من يسبقنى فيعانقنى ، من يصرخ فى
وجهى إذا غضبت ، حتى تلك اللقيمات التى كنت تضعيها فى فمى ...؟! .
هل أعد ما تبقى من عذاب حتى يحملنى القدر إليك ، كم
ستمهلنى الأوقات وهل يقوى قلبى على التحمل ؟ ، تحمل بعدك ، وأيام خلت منك وأوقات
طعمها علقم .
الحياة هبة والفراق موعد والرحيل حقيقة وليس أشد منه وجعا
...
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق