وبعد مقدمة قصيرة ، انهالت الأمطار ، بدأت قطرات ثم
أصبحت فى عجلة من أمرها تتدفق أفواجا أفواجا ، بدأت مبشرات فطرب الناس وتسابق
البعض ليلهو وسط زخاتها مبتهجا ثم تتابعت فغضبت فتبدل لون السماء وأصبحت تشتعل
وتئن وتزأر ، لم يكن اللمعان إبتهاجا كما كنا نظن وإنما كان صراخا أحدث دويا هائلا
، هزيم الرعد مدوى سبقه وميض البرق المفزع ، وأصبحت القطرات كرات من الثلج تقذف
جماعات جماعات ، الأشجار كانت تتراقص طربا وفجأة أصبحت تتلوى ألما وكمدا حتى
صرعتها الرياح فاقتلعت جذورها ، الطيور التى كانت تغرد وتلهو هرعت إلى أعشاشها ضامة
صغارها بين أجنحتها ، الشمس غفلتنا وانسحبت دون أن يدركها أحد منا .
أصبحت الأمطار كأسد غاضب ، خرج من عرينه لتوه ، جائع يبحث
عن فريسته وهل من فريسة أيسر من تلك التى تتقاذفها الريح وتحملها الأمطار .
كأن كل شئ تحالف ضدها ، أعمدة الكهرباء اشتعلت ، لم تقوى
على كبح جماح شرايينها فأنفجرت العروق ملقية بشحناتها إلى الأرض والأرض أغرقها
الماء والماء يحمل الموت والفريسة .... تركت فريسة .
هواتف لعينة وأبواق نزع منها صوتها وسيارات تعطلت فسد
وقودها ، صرخات أم وكسر أب وبكاء صغار وأمانة ضاعت بين جنيهات عفنة ومؤن مغشوشة
وذمم خربة وأنفس مريضة وراع ضيع رعيته .
الماء الطاهر ابتلع الروح والجسد البرئ فارقته قواه ،
الألم وقت مضى والوجع ليل سرمدى ، النهار ولى مفارقا والليل أبى القدوم ، الروح
تشبثت بالضوء والضوء هزمته دموعه .
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق