الليل ، الوقت ، الصمت ، الكلمات ، كتاب مفتوح ، حروف
ضالة ، البرد ثقيل ، يقتل كل شئ ، الأرض مرهقة ، السماء ناعسة ، العيون جامدة ،
الفكر شارد ، العزلة سوداء ، صماء ، بكماء ، كـ سجين .. قعيد ... مكبل بالأصفاد ..
حلق جاف ، قلب نازف ، خيوط صمت تنسج على جسد ميت ، أو هو حى ميت .
نشعل الأخشاب تغطيها بعضا من أعواد القطن والحطب الجاف
وأغصان الشجر، بقايا خبز من طعام مضى وقته ، أسماك صغيرة حصيلة صيد العصارى ، حزمة
جرجير وعيدان سريس ، حبات طماطم وباذنجان ، فول أخضر ..
الساقية تهدر يتدفق منها الماء يعانق الأرض العطشى ، يشق
طريقه عبر قناة صغيرة ، يطوى المسافات متعجلا ، متلهفا ملاقاة معشوقه ، يتقافز ،
يلهو مع الأركان ، يتخطى هذا ويصطدم بكتف ذاك ، يتخلل بعض الفجوات ويقفز إلى غيرها
ويتسلل إلى ارض الجيران ، أسرع فأضع الحواجز فى طريقه وأسد عليها تلك الفتحات التى
يتسلل منها إلى الأرض المجاورة كى لا يفسد
الزرع بها .
ننتهى من شواء السمك ، نلتهمه مع اللقيمات والخضروات ،
نملأ وعاءا بالماء ونضيف إليه حبات الشاى ، نشتهيه مصنوعا على تلك النيران الهادئة
، نتسامر ، نتذاكر حكايا الماضى وأحداث الحاضر ، الذئاب التى دوما تهاجم ليلا
ونسمع صوت عوائها ، عن الرجل الذى صعد الشجرة فرارا من ذئب هاجمه حينما أتى فى
الليل إلى حقله ، عن البيوت المجنونة التى تشتعل فيها النيران وحدها ثم تطفئ وحدها
وتعاود كرتها مرارا دون أن يعلم سبب ، قيل أنه يسكنها الجن والعفاريت ، عن الراقصة
التى كانت بالمولد وانحسرت عنها ثيابها أو بالأحرى تلك القطع التى كانت تغطى بعضا
من جسدها ، عن الأغنام التى سرقت أمس عند الظهيرة ، عن الرجل الذى ترك تعليمه
وغادر أسرته ورحل برفقة صاحبيه إلى أوروبا ، عن الفتاة التى تخرج ملطخة وجهها
بالأحمر والألوان وتكشف بعضا من شعرها وترتدى ثيابا " محزقة " تصف كل
جسدها ما برز منه وما انحنى ، عن الرجل الذى فقد عقله عندما ذُبح أخوه أمام عينه ،
أصبح يرتدى ثيابا غريبة ويقيم فى عشة صنعها من أغصان الأشجار وقطع الأخشاب وأعواد
الحطب وعيدان الغاب وجذوعها من سيقان البامبو، مقرها على حافة الترعة ، يعلوها
لافتة تحمل رسما لحمار وكلب وشعلة نار ، يصحبه كلبه ، يبهرج دراجته ويزينها ، يطلق
لحيته ويحمل قلما وأوراقا يكتب فيها بخط صغير منمق ، يقول أنه يكتب القرأن كله فى
ورقة واحدة .
الأرض كلمى ، يقتلها الوجع ، يدمى فؤادها تقاتل أبنائها
، تنظر إليهم ، تنحنى تقبل اقدامهم ، تسألهم بالله ألا يفعلوا ..... تتوسل إليهم
أن يبروا بقسمها ... يبتسمون لها باشمئزاز ويتجاهلون طلبها ، يعقونها ويفعلوا ...
الليل يبكى ، يقسم أن يرحل ويرحل يصحبه قمره فتذبل
النجمات وتتساقط فى خريف عمر فتسارع الغربان تدفنها فى بطن الألم .
4 رأيك يهمنى:
الله الله جميل وصفك تخيلته وكأني هناك
يااااة ولسة فينا الروح وبنكتب
جميل اوي ي محمد
روحنا اساسا فى الكتابة يا رحاب
شكرا جزيلا
إرسال تعليق