جده يقولون أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى رجل ولد فيها قبل
الاسلام ويقال أنها تنطق بضم الجيم وتعنى شاطئ البحر لوقوعها على ساحل البحر
الأحمر وقد تعنى الطريق الواسع الممتد ويقال أنها تعنى الجدة نسبة إلى أم البشر حواء التى يقال أنها عندما
نزلت من الجنة نزلت فيها ثم إلتقت بأبو البشر أدم عليه السلام عند جبل عرفه ودفنت
بجدة وهناك مقبرة تعرف باسم " مقبرة أمنا حواء " ، أما أغلب سكان جدة
فينطقونها بكسر الجيم ، وهى المعبر الرئيسى لحجاج البحر منذ أن حولها ثالث الخلفاء
الراشدين سيدنا عثمان بن عفان لتكون ميناء لأفواج الحج والأن أصبحت المعبر الرئيسى
البحرى والجوى وللكثير من القادمين برا .
نزلنا من السيارة وانطلق كل فى طريقه ، بقيت
أنا وصاحبى وجلس بجانبا رجل أخر كان معنا بالسيارة مغربى ربما كانت جنسيته ، نظرنا
حولنا فى تلك المساحة الشاسعة والسيارات المتوقفة فلم نجد أى من السيارات التى
تنقلنا إلى مكة ، فارقنا المغربى للبحث عن سيارة ، وضعنا حقائبنا على الرصيف بجوار
المعارض التى لازالت مغلقة ، هاتفت صديق لى أخبرنى أنه ينتظر فى مكان أخر فى جدة
مع عائلته للبحث عن سيارة تقلهم أيضا إلى مكة ، بدأت المحال تفتح أبوابها فجنبنا
حقائبنا بعيدا عن مداخلها .
بدأت الحركة تعم المكان وعمال المحال فتحوا
جميع الأبواب وبدأوا بالتنظيف أمام المحال ونقل البضائع وبدأ المشترون يطرقون
ابوابهم وهم يقذفوننا بنظرات بعضها متسائل وبعضها متضايق وبعضها حزين .
هواتفنا أوشكت بطارياتها على النفاذ فاستأذنا
أصحاب المحال فى وضع هواتفنا على الشواحن عندهم بعض الوقت وتركت صاحبى جالسا أمام
المحال وانطلقت حول المكان بحثا عن سيارة ثم أوقفت بعض سائقى التاكسى وسألتهم
فأخبرونى أن أنتقل إلى المكان الذى أخبرنى صاحبى أنه به وقالوا أن هناك السيارات
أكثر ، السيدة التى كانت تجلس خلفنا فى السيارة رأتنى فأقبلت نحوى ، لا أفهم ما
تقول ويبدو أن من معها تركوها وسعوا أيضا يبحثون عن سيارة تقلهم إلى حيث يرغبون .
أحضرت هاتفى فوجدت عدة اتصالات فائتة من
صاحبى فاتصلت عليه أخبرنى أنه اتفق مع سيارة وكان ينتظرنا ولما لم يجد ردا منا أتم
السائق ركابه وانطلقوا فى طريقهم إلى مكه ، أخبرت صاحبى وأوقفنا سيارة وأتفقنا
معها أن تقلنا إلى الكيلو 110 حيث تنتظر السيارات .
دقاق قليلة كنا قد وصلنا إلى المكان المحدد
وهناك وجدنا كثير يفترشون الطرق ويقعدون على أرصفة المحال وسيارات الشرطة تروحى
وتجئ ، نزلنا من السيارة وحملنا حقائبنا وجلسنا بالقرب من الجالسين نفكر وننتظر ما
هو مقدر لنا .
يبدو أن المكان مكتظ بالناس من الأيام
الفائتة ، سوء نظافة المكان وانتشار القاذورات يدل على ذلك جيدا ، البعض افترش
جانبا ونام ، والبعض يجلس جماعات ، الكثير يفر كلما اقتربت سيارة من دوريات الشرطة
التى تطلق مكبرات الصوت طالبة الناس بمغادرة المكان فورا .
الوجوه مختلفة ، سمتها يحمل جنسيات من دول
عدة ، كلها قدمت لأداء مناسك الحج ، كثرة التعقيدات وغلو الأسعار جعل الناس تبحث
عن طرق بخلاف الرسمية ، ينفذون من خلالها لأداء الركن الأعظم فى الاسلام ، الأعمار
مختلفة ولكن من منا يضمن أن يعيش لعام قادم حتى يتمكن من القدوم ، الكل تحمل مشقة
الرحلة وعانى حتى يصل إلى هنا وليت هنا المنتهى ولكنها مرحلة فقط فى الرحلة وكل ما
بعدها أشد .
الساعات تمضى والشمس أضحت قاسية ، تصب
حرارتها على الرؤوس صبا ، العيون حائرة ، العرق يطغى على الأجساد حتى تبدل لون
الجلود ، الشوق إلى الكعبة يفوق كل الوجع وينسى كم المشقة ، الحج عرفة والسبت يوم
عرفة واليوم الخميس ولابد من حيلة للوصول قبل أن ينفذ الوقت ولا ندرك الغاية .
جلسنا نتابع ما يحدث لبعض الوقت ، نتابع
التفاوض ونعرف الأسعار وأماكن الوصول ، الأسعار لا تمت للمستحق بأى صلة كانت قياسا
على تلك المسافة ، عربات الدفع الرباعى منتشرة فى المكان يتفاوض مالكوها مع
المسافرين ، يعرضون الأسعار دون توقف السيارة ومن يرغب يشير إليهم وقطعا يرفض
الكثير ، انسحاب الوقت يجبرنا على اتخاذ قرار سريع فاتفقنا مع سيارة jeep بها ثلاث شباب سعوديين ، وضعنا حقائبنا فى
السيارة وجلسنا بالمقاعد الخلفية ودار الشاب بالسيارة دورات كثيرة بحثا عن ركاب
أخرين يتم بهم حمولته وكلما وجد سيارة شرطة فى طريقة هرول إلى شوارع جانبية ويبدو
أنه سريع الملل فانطلق بعد عدة دورات مغادرا المدينة .
اتجه ناحية اليمين فى طرق ترابية ، تخطى
الحيز العمرانى وهى كانت مساكن ومنشأت قليلة فى كل الأحوال وشيئا فشيئا ابتلعتنا
الصحراء ، جغرافيا جدة تقع ضمن اقليم تهامة ويقال أن تهامة سميت بهذا الاسم نسبة
الى اشتداد الحر وركود الريح ، نجلس فى مؤخرة السيارة ويجلس فى أوسطها احد الفتيان
وفى المقدمة صديقيه أحدهما السائق والأخر يجلس بجانبه ، يتكلمون بصوت مرتفع ولا
أفهم الكثير مما يقولون ، يتنقلون فى ممرات رملية يتتبعون أثار السيارات التى سبقت
ومرت من هذه البقاع ، الذى فى الوسط يرشدهم إلى الطريق يقول أنه مر من هنا بصحبة
أحدهم قريبا ، الصحراء ممتدة باسطة أياديها فى كل صوب ، الكثبان الرملية تعددت
ألوانها وتكويناتها ، ناعمة تكاد تغرق فيها وصلبة تكاد تقسم السيارة نصفين .
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق