الليل سكن فلا يسمع سوى
الهمس ، الأضواء فقط هى ما يشير الى وجود حياة فى هذه الشقة او تلك ، أشرد مع
الحلقات ، اليوم كان مرهقا بحق ، سفر لمسافة طويلة تلاها كل هذه الأحداث ، تطرق
رسل النوم على رأسى ، أغلق حاسوبى وأطفئ الأنوار وأُلبى نداءها .
أتقلب كثيرا فى الفراش
، تتقافز الخواطر والأحداث أمام عينى ، هكذا الحال عادة كلما رغبت فى النوم وجدت
كل الأشياء تقف بينك وبينه ، تمنعكما من التلاقى وتظل فى صراع مع خواطرك وهواجسك إلى
أن يغلب أحدكما الأخر .
أسمع أذان الفجر وللمرة
الأولى أسمع صوت مؤذن هنا ، أتوضأ وأصلى ، النوم فارق ، أجلس للقراءة ، الظلام لازال
عالقا ، لازالت ستائره منسدلة على الكون ،
أفتح النافذة أستنشق نسمات الفجر ، تقدم رطبة طرية تحمل معها رائحة الياسمين
ونعومة قطرات الندى ، هكذا الصبح فى كل مكان له ما يميزه .
أشرد إلى أيام الصبا ، أرى
صبية صغارا يخرجون مع أصحابهم بعد صلاة الفجر ، يتلون الأذكار ، نسير الى البلدة
المجاورة حيث ملعب الكرة ، لا يوجد فى قريتنا ملعب وانما نلعب فى أى شارع او قطعة
ارض خالية بجوار منزل احدهم نسميها " الجرن " ، ولكن البلدة المجاورة
فيها ملعب كبير يتوسط المدرسة والمعهد الأزهرى والوحدة المحلية ونقطة الاطفاء ،
محاط بمجموعة من الغرف التى تركت خرابا يستغلها اللاعبون فى تغيير ملابسهم ، نذهب
باكرا حتى ندرك اللعب لساعتين قبل أن تبدأ اوقات لعب الكبار ، نتقسم فرقا حسب
العدد الموجود ونجرى قرعة أى فرقتين تبدأ ويكون الحكم من الفريق الذى ينتظر فى
الخارج وغالبا تكون مدة المباراة ربع ساعة ، أحب اللعب ولا أجيده ، دوما ما يمنعنى
والدى من اللعب ، واللعبة الوحيدة التى حاول تعليمها لى هى ركوب الدراجة ، لكنى ما
اتعلمتها إلا عندما ذهبت برفقة اصحابى نتعلم سويا على دراجة أحدنا وظللنا نحاول
حتى تعلمنا رغم كثرة الوقوع والاصابات التى تعرضنا لها ، يومها ذهبنا لبلدة مجاورة
، وقفنا عند قصر كبير ، أمامه مساحة واسعة بها منطقة مرتفعة ، اخترناها مكانا للتعلم
وقضينا أكثر اليوم هناك حتى عدنا وقد تعلمنا كثيرا حتى أصبحت أقود الدراجة لفترة
دون أقع ، نبدأ من المنطقة المرتفعة ويدفع أحدنا الأخر برفق فيعمل قدميه فى بدال
العجلة وينزل بها الى المنطقة المنخفضة وهكذا بدأنا ، والبدايات دوما هى الأصعب فى
كل شئ فإذا تخطيت عقبة البداية فكل شئ يليها سهل ، ننتهى من لعب الكرة وعند صهريج
قريب نذهب ننظف أنفسنا جيدا من التراب والغبار الذى لحق بنا من اللعب ، ونختار من
بيننا اثنان او ثلاثة يذهبون لشراء افطارا لنا جميعا من المطعم القريب بعد أن نجمع
من كل الموجودين ثمنه ، نفطر سويا ثم نعود الى بيوتنا .
على مهل بدأ النور يُنثر
على الوجود بسخاء والليل رفعت ستائره رويدا رويدا ، تخرج الى الشرفة ، تفرد المقعد
، تلقى بنفسها عليه ، تطلى جسدها بلفحات صباحية من أشعة الشمس ، ترتدى مايوها يكشف
عما خفى .
1 رأيك يهمنى:
فإذا تخطيت عقبة البداية فكل شئ يليها سهل ...ما أروع معانيك وأدق وصفك وأعذب كلماتك ما أجمل أيام الطفوله والصبا ما أبدعك فعلا وكأنها ألحان تعزف
إرسال تعليق