رواية ... للكاتب الأستاذ / عمر طاهر .. صدرت
عن دار الكرمة ... القاهرة 2019
فى بيت من بيوتنا القديمة ، تعيش أسرة مصرية تملؤ حياتها
المودة ، تقرأ السطور تجد نفسك وسطها بحال من الأحوال ، تصف ما مر به كل واحد منا
، من حب الطفولة لبنت الجيران التى حتى لا تعرف اسمها ولا فى أى صف تدرس ، ودخان
أول سيجارة ، ونكتة فاحشة ، ومشاغبات الصغار ، " عيبك يا سيسكو أنك تشكو
الجوع دائما وعيبك يا خالو إنك حشاش " ، الأصل انها تدور فى خمسة ايام لكن تمتد بنا
الأيام فمع كل يوم قديم فى الثمانينات تنتقل الى فترة فى الكبر فى العقدين الأول
والثانى من الألفية الثالثة ، حفلة للمطرب المفضل يغرى " سيسكو " خاله
بحضورها ويخبره أنه سيعمل على اقناع والده بذلك شرط أن يفعل فى خلال الايام قبل
الحفلة ما يجعل والده يوافق ، يسحره دوما أن يسأله أحدهم " اتغديت " ،
يمر على شقق الجيران فيلقى بأنفه ليعلم طعام كل واحدة منهن ، ففى الطابق الأول طنط
مديحة وروائح طعامها دوما هى الأشهى ، وفى الطابق الثانى طنط ألحان التى جعلته
يؤجل قراره النهائى بشأن كرهه للسمك ، وفى الطابق الثالث الحاجة أم سمير التى
تمتلك أسرار قائمة طعام المدينة الأصلى ورائحة طعامها يحرك معدته .
رواية عن الطعام ، الجوع ، الشبع ، اللذة ، العطش ، عن
فن التذوق ، عن وصف الاشتهاء ، لا عجب أن يتسلل إليك الجوع وأنت تقرأ ، فإن كنت من
اولئك الذين يحافظون على وزنهم ويضبطون أنفسهم بريجيم قاسى فلا يتناولون الطعام
ليلا فنصيحتى لك ألا تقرؤها فى أى وقت من ليل ولكن إن مر بك " سدة نفس "
فلن تجد أفضل منها يجعل ريقك يجرى وتسرع إلى أقرب مطعم وستعمل جليا على أن تدخل
المطبخ بنفسك لتختار الأكلات إن لم تقم بإعدادها ، لا تقلق ستجد فى هذا الكتاب
وصفا كافيا للأكلات حتى التى لا تحبها ، بعد القراءة قطعا ستغير رأيك .
لا تعجب إن وجدت نفسك تقول أن " المسقعة بديعة فى
كل أحوالها مع الخبز أو مع أرز " حبة وحبة " ، خلطة ألوان ساحرة ، النظر
اليها يرقق القلب .... " ، أو وجدت نفسك على عربة كبدة تتقاسم مع صاحبها سر
اضافة جوزة الطيب الى " بطن النار " المكونة من الثوم والكسبرة والتى
تسبق الكبدة الى التحمير ، أو تجد نفسك تبطن ساندوتشات الحلاوة الطحينية بالجبنة البراميلى
وتدعى " إن لمس القلوب قاعدته الأولى كسر المألوف " ، فتجد " فى
المشاوى رصانة قصائد أم كلثوم التى تطل عليك بعد منتصف الليل عبر الراديو فى ليلة
شتوية ، بهجة القسط الأخير فى رحلة كانت مرهقة " وقطعا " بعد لحم جيد
يستطيع الواحد أن يغفر أى شئ " .
الطفل يكبر وحب الطعام يكبر معه ، فيبحت عن زوجة "
تفتح نفسه " ، يبحث فيها عن طعام أمه ونفس جدته فى وسط كل طعام يأكله ، تفطن "صافية"
لمبتغاه فترسل إليه كل يوم ما حرك ذائقته دون أن تخبره " مخبوزات بالقرفة
" ، فيسعى حتى يعرف المرسل وتبدأ الحكاية ، لم تكن نحيلة سمراء كـ سحر حب
الطفولة ولكنها ممتلئة قليلة ، فوضوية ، معبأة باللماضة وعندها رد لكل شئ ، تحب
الأكل مثله .
فجاة تجد نفسك
مقتنعا أنه " لا يوجد ما هو أشهى من طعام استقر لفترة داخل فخارة فى النار ،
تماما كالتجارب التى تسوى جاذبية الواحد على مهل ، الحلويات تقول إن ما يجعل
السعادة جذابا كونها استثناء ، الفاكهة التى أعود بها من السوق لا ضامن لها وهى
غدارة مثل اختيارات الواحد العاطفية ... " .
ستجد معانى جديدة
للاخلاص لم تخطر فى بالك يوما وستعلم للملوخية فوائد جمة حتى أن زراعتها تصلح فى
أى تربة لكنها فقط تحتاج الى قدر من الدفء ، رائحتها هى الونس ولكل شئ رائحة
وللتوابل معجزات جمة .
1 رأيك يهمنى:
ما أبدعك والله .....سردك الرائع ليس أقل من دقة وصفك المعهودة .....جميل كحل وحبهان فعلا فاتح شهيه قوى ورائحة الطعام تكفى لفتح النفس المسدودة فعلا 😄 ....ماشاء الله للحظة اعتقدت أن الاسم ليس له علاقة بالمضمون كحل وحبهان ....سردك للروايه فعلا فيه تشويق وإثارة لقراءتها ..مبدع مبدع كالعاده
إرسال تعليق