لم يعد أمامنا حل أخر ، فقط الخروج للطريق
الرئيسى والاشارة لأى سيارة تمر حتى لو كانت من دوريات الشرطة ، جاهدت نفسى فى
التفكير ولما غلبنى العطش واشتد الجفاف ثانية فى حلقى صعدت السور ووقفت على الطريق
أشير للسيارات المارة أنى فى حاجة إلى الماء وبعد وقت توقفت سيارة نقل ، طلبت من
السائق ماء فقال ليس معه ماء ولكنه معه مياه غازية فأعطانى منها ، عرفت انه مصرى
فطلبت منه أن يقلنا أنا وصاحبى لأقرب مكان
قريب ، اعتذر وأخبرنى أن ذلك قد يسبب له متاعب ربما تصل إلى الترحيل من البلاد ،
فشكرته جدا على ما قدمه لنا وعلى عطفه معنا وقفزت من فوق السور مجددا ورجعت إلى
صاحبى ، لحظات قليلة وجدت السيارة ترجع إلى الخلف مجددا ويشير إلينا السائق أن
تعالا بسرعة .
أمسكت بيد صاحبى وأسرعنا نحو الطريق ، ساعدت
صاحبى على صعود السور ثم ركوب السيارة ، أخبرنا السائق أنه سيأخذنا معه إلى أقرب
مكان مأهول ونسأل الله السلامة لنا وله ، حدثنا عن الاجراءات الأمنية المشددة هذا
العام وأنه لم يرى ذلك من قبل وأن بعض أقاربه كانوا يريدون القدوم لأداء مناسك
الحج بنفس تأشيرات الزيارة لكنه حذرهم بسبب ما يراه بعينه ، أعطانا معلبات مياه
غازيه أخرى ، وصلنا إلى مفترق طرق فأخبرنا أن نعبر الطريق وننزل إلى الطريق
المنحدر ونأخذ من هناك أى سيارة متجهة الى الداخل فنحن الأن على مشارف مكة ،
شكرناه ودعونا له بالخير وترجلنا من السيارة .
أسرعنا بالعبور إلى الناحية الأخرى ثم بحثنا
عن وسيلة ننزل بها إلى الطريق المتجه إلى الداخل ، جلسنا نلتقط أنفاسنا بجانب أحد
أعمدة الانارة الضخمة ، محاولين الاختباء عن أعين سيارات الشرطة كثيرة المرور ، ثم
أمسكت بيد صاحبى ونزلنا المنحدر ببطئ وقلبنا أبصارنا فى المكان ثم توجهنا ناحية
الطريق .
تجاوزنا مساحة ترابية رطبة وانحدرنا الى
الطريق وتوجهنا يمينا ، نظرت عن يسارى وجدت سيارة شرطة متوقفة تحت النفق المار
أسفل الطريق الذى هبطنا من فوقه ثم سيارة شرطة أخرى مقبلة فاستدرنا حتى تجاوزتنا
سيارة الشرطة فوجدت السيارة التى كانت متوقفة تحركت وتوجهت بسرعة ناحيتنا ووقفت
أمامنا مباشرة ، نادى علينا الضابط وسألنا عن هوياتنا فأعطيته جواز سفرى وأخبره
صاحبى أن جوازه ليس معه واشتد الحوار غلظة بينهما بينما وقفت صامتا ، نهرنا الضابط
وهددنا وطلب منا العودة من حيث أتينا وإلا سيقوم بإلقاء القبض علينا واستدار عائدا
للخلف ، صعدنا مجددا لكن صعود ذلك المنحدر أشد صعوبة بكثير لكن الله ساعدنا وأمدنا
بالقوة حتى صعدنا إلى الطريق مجددا ونحن نجر بعضنا بعضا ثم جلسنا بجانب ذات العمود
الذى جلسنا بجانبه قبلا .
أجرى صاحبى عدة اتصالات مع بعض معارفه الذى
كان قد رتب معهم لهذه الرحلة سلفا ولكن كل الاجابات لم تقدم الدعم الذى نريده
والاجابة واحدة ، تخطينا فاصل الطريق مرة أخرى وانتظرنا حتى هدأت السيارات وعبرنا
نحو الجهة التى قدمنا منها ثم وقفنا ننتظر ونفكر ونقاوم ما بنا من تعب .
وقفنا ننتظر مجددا ، لا مكان للاختباء عن
أعين الشرطة ، لا مكان حتى للجلوس ، نستند فقط على حافة السور التى طبختها الشمس ،
حلقى عاد لجفافه من جديد وذلك ابتلاء رافقنى خلال أكثر أوقات هذه الرحلة وكل مرة
يكاد يسحب روحى معه لولا أن عناية الله كانت تدركنى فى كل مرة قبل الرمق الأخير ،
حاولت ايقاف سيارات كثيرة لكن الكل يسرع فارا رغم انى كنت أشير طالبا زجاجات مياه
لا أطمع فى أكثر من ذلك حتى يقضى الله فينا بأمره وأخيرا توقفت لنا حافلة قديمة
متهالكة نوعا ما كأنها عانت حربا طويلة تركت أثارها عليها .
السائق ليس عربيا مثل غيره الذين يعملون فى
المهن التى يتعفف السعوديون عن العمل بها ، إلتقطت منه بعض الكلمات ، فهمت أنه
ليسه معه مياه فقلت له هل تدخلنا معك إلى مكه فأشار أركبوا معى ونصحنا بالرجوع إلى
مؤخرة الحافلة ففعلنا وكانت خالية تماما سوى منه ، حمدت الله أن سخر لنا هذا
السائق لكن لازلت متوجسا من أن توقفنا أى دوريات للشرطة وليس بالحافلة أحد غيرنا
كى نندس بينهم ، اوقات من القلق مرت بنا حتى وقف بنا السائق داخل محطة انتظار
كبيرة واشار إلى أن انزل هنا واشترى ما تحتاج إليه وعد إلينا مجددا وظل صاحبى
برفقته ، نزلت وبحث عن البقالة حتى وجدتها اشتريت المياه وعبوات من البسكويت وعدت
إلى السيارة مجددا .
قدمت إلى السائق وصاحبى مما اشتريته وجلس كل
منا فى مقعد مغاير وانتظرنا فى الموقف وأعيننا ترقب الطريق ، بدأ الناس يتهافتون
على الشاحنة وكلما دخل أحدهم إلتفت إلينا وبدت على وجهه علامات الدهشة ، كلهم من
جنوب شرق أسيا غير أن كان من بينهم مصريان ، جلس بجانبى مصرى وتجاذبنا أطراف
الحديث وأخذ يخبرنى أسماء الأماكن التى تمر بها الحافلة حتى وقعت عيناى على أبراج
الساعة فأخبرنى أننا بمحاذاة الحرم الشريف .
أتم السائق سيره بعض الوقت ثم توقف وطلب منا
النزول هنا قبل أن يخطو إلى الاشارة القادمة لمشاهدته سيارات الشرطة عندها ،
هرولنا من الحافلة مسرعين وشكرنا السائق والذين معه ورفض أن يتقاضى منا أى شئ ،
زلفنا بين الأبنية إلى برهة مزدحمة بمحال صغيرة تعرض كل ما يحتاجه الحاج فى رحلته
ونظرت بالأمام فوجدت مسجد السيدة خديجة بنت خويلد فتوجهنا إليه .
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق