أصبح رهينا لكل ما حدث قبلا ، لا يقوى على التخلص من
الذكريات ، الآثار محفورة فى كل مكان ، الأوراق ، الصور ، الكلمات ، الكتب ،
الألوان ذاتها مخضبة بهيئتها ، غارقة برائحتها ، مطلية بخمرها ، الأصوات مرتبكة ،
متلعثمة ، لا يميز أى الأصوات ليس بصوتها ، الحنين قاتل والوجع مسيرة عمر والألم
مسكنه الروح ...
لم تعد الطيور تغرد ، وحده الغراب ينعق قيقذف عليه ما فى
جوفه ثم يفر وكأن العقبان تطارده ، النوارس أصبحت تخشى الاقتراب من المياه ، يلقى
لها ما يحمله عساها تقترب كسابق عهدها ، تنظر إلى ما ألقى وتلتفت إليه ، تنظر حائرة
ثم تغرب إلى لا مكان أو أى مكان لا يشبهه .
نسمات البحر جافة ، حارقة كأنما نبعت من ثغر بركان يفور
، الروح بها أزيز كأزيز المرجل ، العين كلمى والليل أصم ، الصبح يأتى متعثر الخطى
يحمل قمرا بعد أن ضلت الشمس الطريق إليه .
الوقت سجن ، جداره الذكرى ، العقاب فيه صداها ، ليس
بأقوى فى العقاب من أن يترك المرء للذكريات فهى كفيلة بأن تبدل حاله وتضعف بدنه
وأهون العقاب أن النوم يفارق مضجعه والليل سنوات تيه ، والوطن كل ذلك .
1 رأيك يهمنى:
دقة الوصف فوق الوصف الله الله
إرسال تعليق