الجمعة، 27 ديسمبر 2024

التاشيرة " 7 "

 

خلعت حذائى وارتديت حذاء ظننته ترك هنا لاستخدامه فى الوضوء وعندما انتهيت من وضوئى وعدت لأصلى وجدت صاحبه يبحث عنه فاعتذرت له وأخبرته بظنى فابتسم وتقبل الأمر ، زلفت إلى المسجد وصليت الظهر والعصر وبحثت عن كهرباء لأشحن هاتفى وجلست مستندا بظهرى إلى الحائط أحاول إلتقاط أنفاسى وتمنيت أن لو غفت عينى بعض الوقت مثلما فعل صاحبى لكن القلق حرمنى تلك الفرصة .

جلسة كبيرة فى شكل دائرة من الرجال يتلون كتاب الله ويصحح لهم شيخهم وجماعات متفرقة بجانب الأعمدة الأخرى يتجاذبون أطراف الحديث بينهم .

جلس بجانبى شاب مصرى ، تحدثت معه وأخبرته بوجهتى وطلبت منه المساعدة فقال أن الأمور شديدة الصعوبة والشرطة منتشرة فى كل مكان وأن أى شخص يتطوع لمساعدتنا يعرض نفسه لمخاطرة كبيرة ، ثم طلب مبلغ محدد مقابل إيصالنا إلى وجهتنا فأخبرت صاحبى ووافقنا ،أجرى الشاب بعض الاتصالات ثم طلب منا مغادرة المسجد بعد دقائق وننتظره أمامه فعلنا .

ركبنا معه السيارة واتجه الى اليسار ثم انعطف يمينا فإذا بالشرطة امامنا فقلت له قف ننزل هنا فقال لا سنواصل السير ، أوقفنا الشرطى وطلب منا النزول من السيارة وأثناء تحدثى مع الشرطى فر السائق وصاحبى وتركانى بمفردى ، سألنى الشرطى عنهم فأنكرت معرفتى بهم وطالع أوراقى ثم أعطاها إلى الضابط الذى راجعها مجددا ثم سألنى عن سبب الزيارة فقلت له لأداء مناسك الحج ، فقال أن هذه ليست تأشيرة حج فقلت له أعلم أنها تأشيرة زيارة عمل ولكنى قدمت إلى هنا من أجل الحج فطلب منى الدخول إلى سيارة الشرطة وكانت سيارة صغيرة جلست فى ظهرها منفردا ، حاول الضابط تقديم بعض المياه والفاكهة لى فرفضت وبدأت رحلة معاناة جديدة .

وقت قليل ثم شابين أخرين انضما إلى ، ظلا يناديان على أفراد الشرطة ويحاولون معهم مرات ومرات دون فائدة وأنا ظللت فى صمتى لا أحدث أحدا وأحاول الشرود من ذلك الضجيج ونسيان هذا الموقف تماما ، لاحقا تم نقلنا إلى أتوبيس كبير وبدأت الأعداد تتوالى رجال ونساء حتى امتلأت الحافلة عن أخرها فتحركوا بنا إلى منطقة أخرها كان عندها أفراد من الشرطة أوقفوا مجموعة أخرى من الأفراد فنقلونا إلى حافلة أكبر تضمنا جميعا ، ساعات وساعات على هذا الحال والضجيج يعلو والاشتباكات والمناوشات بين الموقوفين وأفراد الشرطة تتزايد ، أدعى شاب اصابته بنوبة من القئ فأنزلوه من السيارة وعندما غفلوا عنه حاول الهرب إلا أنهم أمسكوا به وأعادوه وفى غفلة من قائد الحافلة قفز من النافذة وفر دون أن يتم الامساك به هذه المرة ، مناوشة أشد حدثت بين الضابط وأحد الموقوفين وارتفعت الأصوات واشتبكت الأيدى إلى أن تم احتواء الأمر وتهدئة الأطراف ، انتصف الليل تقريبا فتحركت بنا الحافلة مغادرة مكة إلى أن وصلت إلى منطقة خالية فى ربوع جدة أنزلونا عندها وتركونا وغادروا .

منطقة واسعة ، ارض رملية يفترشها البعض ، حالهم مثل حالنا جميعا ، قدموا لأداء مناسك الحج لكن تم إيقافهم من قبل السلطات السعودية وألقوا بهم فى هذا المكان فجلسوا يفكرون وينتظرون قدوم الصباح فعسى أن يحمل معه بشارات خير، الأرض هى الفراش والسماء هى الغطاء  ما عند الله خير وأبقى .

الهاتف بطاريته قد فرغت ، أبحث عن أى محل ابوابه مفتوحة كى أحاول أن أضع الهاتف على الشاحن عندهم بعض الوقت كى أستطيع أن أطمئن أهلى فالقلق يكاد يفتك بهم ، بحثت هنا وهناك وسألت ولكن دون جدوى ، الكثير يفترش الشوارع وأمام البنايات وكلها أغلقت أبوابها تقريبا ، وجدت شخصين يجلسان فى سيارة أجرة يبدو من هيئتهم انهم مصريين فذهبت نحوهم وطلبت منهم أن أشحن الهاتف من خلال وصلة بمسجل التاكسى لبعض الوقت ، وافقا وتحدثا معى وسألونى عن حالى فقصصت عليهم شيئا مما حدث معى فقال السائق أركب معنا عسى الله أن يجعل لكم مخرجا ، ثم قاد السيارة وانطلق بنا إلى منطقة أخرى فى جدة .

0 رأيك يهمنى: