الأربعاء، 13 مايو 2015

لماذا أكتب

إنما أكتب لأهدى للناس حياة ، أكتب لتقرأ نبضات قلبك ، أنقل مشاعرك التى تخشى البوح بها ليحمل معك غيرك المشقة وليساعدك محبوك فى تجاوزها ، لا لأفشى سرك فلست أعلمه قطعا وإنما أحاول قراءة ما تخفيه عيناك وما تكتنزه مشاعرك وما تفور به خواطرك ، أكتب لجعل المجتمع كله جسدا واحدا مترابطا متكافلا لا يخشى البوح بالنوائب والألام ، لا يخشى اعلان فرحه وسروره ، لا يخشى اعلان حبه وعشقه ، لا يخشى معاقبة على أفكار جالت بخاطره ، لا يخشى معاقبة على جرم لم يقترفه .
أكتب لأن الكتابة حياة ، روح وجسد ، يتداخلان فيتكاملان فيهبان حياة لكل من ذبلت فى داخله الحياة .
أكتب لترى قلبك فى مرآة مصنوعة من حروف غلفتها شرايين روحك فتعيش فيها وتحيا بها وترى ذاتك واضحة جلية امامك لا تقوى على انكارها ، أدفعك لمواجهة حقيقتك وبالطبع أفعل بالمثل مع نفسى وربما يزداد الأمر معى فأجلد ذاتى حتى اقوم مسارها وطريقها وأعيدها إلى وجهتها التى أجهد فى التفكير حتى أراها مقتربة من الاكتمال وحاشى لمثلنا أن يصل ولكن السعى للتذكية والتقويم واجب .
أكتب لأضع أمام أعين كل من يقرأ نبض مجتمعه الذى يحاول البعض تجاهله ولفت نظره بعيدا عنه ، لأدفعه رغما عنه لرؤية ما يفر منه فربما يحزن مما يرى فيعمل فكره فى إصلاح ذلك وتغييره للأفضل ، فرب حروف قليلة تقيم حضارات لا ينقطع ذكرها وآثرها .
كتبت يوما أنى "مازلت أحلم بأن أكون ذلك الكاتب الذى يترك بصمة عند كل من يقرأ كلماته ، أن أكون الانسان الذى يترك أثرا طيبا فى كل من يعرفه " ،  ولازلت أحمل حلمى فى صدرى وأسعى لبلوغه ما تبقى فى جسدى حياة ، فمعتقدى أنى لا فائدة لى إذا لم أترك أثرا ينتفع به من كتابة أو علم أو عمل أو غير ذلك مما يخلد ذكره وينتفع به . 
 قرأت يوما أن بعد كتابة " ماركيز " لروايته الرائعة " مائة عام من العزلة " أقيمت مدينة كاملة تحمل اسم المدينة التى بناها فى روايته ، تمنيت أن يحدث لى مثل ذلك يوما .
أكتب الواقع والحلم ، كتب الألم والأمل ، أصف القبيح والجميل ، أداوى هذا وأبث شكوى هذا وأطبب جرح ذاك ، أحاول أن أنقل الداء ومسبباته وأعراضه وأبحث داخل بطون الكتب والمواقع والعقول حول الدواء المناسب ، أشتت تفكيرك حينا وأشوقك حينا وأهديك رصاصة الرحمة حينا ، أبحث خلف كل حرف أكتبه وكل كلمة قبل أن تنشر حتى إذا قرأت ما دونته نهلت منه ما شئت وأنت على يقين أنك إذا نقلت معلومة مما أبثها بين السطور فى أى أنواع الكتابة التى ادونها أنها صائبة بعيدة عن التحريف والتأويل .
أكتب فأعيش كل حرف أكتبه ، كل حالة أرسمها ، أحاول اختيار الكلمات التى تغلف الكلمات بالموسيقى فكأنك ترى وتسمع وتعيش ما تقرأ وأزعم أنى أحاول أن اجعلك تسمع من صدى كلماتى صوت قلبك .
أتألم ...نعم أتألم عندما أكتب عن الألم حتى أبكى ، وتطير روحى وتلامس حد السماء عندما تكتب عن الأمل والبهجة ، وتغرق ملامح وجهى سمات الغضب حينما أكتب عما يقاسيه وطنى .
أكتب لأتعلم ، لأقرأ ، لأغوص فى أعماق مختلفة ، لأرحل لعوالم مختلفة ، لأعيش حياة غيرى ووجعه وفرحه ، لأرى معاناة الإنسانية وكفاحها منذ بدء الخلق حتى وصل الأمر إلينا ، اقرأ لأرى العالم مع كل كلمة بلباس جديد .
أكتب لأن فى الكتابة حلمى وأعتدت السعى خلف حلمى .
أكتب لأن الكتابة حياة فكيف أحيا بدونها .
أكتب لى وأكتب عنى ، أكتب لك وأكتب عنك ، أكتب للوطن وأكتب عن الوطن ، أكتب لأحيا .