الأحد، 18 أكتوبر 2020

طرفة عين

 

ثم تجد نفسك تصارع هذا الموج وحدك ، الشاطئ بعيد ، المياه تثور ، السماء كأنها غضبى ، السحب تكدست ، الرياح تجرى كأنها تفر من الزحف ، فى لحظة كل شئ يتبدل ، طرفة عين هى المسافة الفاصلة بين كل ذلك ، كــ حالى ، أتقلب فى لمح بصر من أقصى الوجع إلى أعلى الرضا والفرح ،" عجيب ، غريب" ، هكذا يقولون فى وصفهم ، كيف يمكنك التحول فى ذات الوقت بين نقيضين ؟ ، كيف تكون تضحك بملئ فيهك ثم تصمت فجأة وكأن أصابك سهم ؟ ، أنا أيضا لا أعلم لكنى على ما أنا عليه لم أتغير ولم أتبدل ولكن ربما هو شعور ينتابك فجأة ، لا تسبقه مقدمات ولا تملك له تبريرات ، عيونك توشك أن تبكى ووجهك يكسوه الحزن وملامح الألم تملكت تقاسيم وجهك ، تفضل الوحدة وترفض كل من يقترب منك وتبعده عنك خشية أن تفقده ، تفقد اللذة والشغف ، تشعر بالملل ويصيبك ضيق مفاجئ ، كدر يعلن فرض سيطرته ووجه عبوس يأبى أن يبتسم  .

ربما ما تعايشه أو ما عايشته يوما وما مررت به ، ربما لم تنعم بسلام كهذا قبلا فأصبح ذلك الهدوء غريبا عنك ، هى الأيام تصنع كل ذلك أنت مستسلم تماما لتوجهاتها ، تحاول أن تُمسك بالدفة فتفاجئك ، فتكابر وتحاول ان تقوى عليها فتثقل عليك أكثر ، هى أيضا لا تقبل بالهزيمة والتاريخ فى صفها فهي قديمة بقدمه وانت نقطة تكاد لا تُرى ....

ربما الاعتياد على حال معين يهيئك أن ترفض غيره ، فإنك إن قيدت عصفورا فى قفص لمدة طويلة حتى فقد أمله فى الحرية مجددا ثم فجأة نزعت الأصفاد وفتحت له الأبواب ، هل تظنه يغادر مكانه قيد أنملة ؟ فى اعتقادى لا ، لن يغادر مكانه وسيكتفى بالنظر إلى عينيك ويبتسم ، إنها جريمتك يا عزيزى فأنت فى سبيل إحيائه بداعى المحافظة عليه قتلته ، قتلت فيه الرغبة للمرح ، للتحليق ، للطيران ، للحرية ، وأصبح يدرك أنه فى قفصه آمن وخارج ذلك القفص الموت ينتظر اقتناصه ...

لست هشا كورقة شجر ولا صلبا كصخرة وإنما إنسان ، قد يكون فى طرفة عين هشا جدا كخيط عنكبوت وقد يكون فى طرفة عين قويا كجبال راسيات ، الموقف هو ما يصنع رد فعلك ونفسك وما صنعته معها وبها ...

تحاول تعلم عيش الوقت ، ان تحافظ على ذاتك فلا تهلكها بأن تحملها ما لا طاقة لها به ولا بأن تنصاع لها بالكلية فتصبح كأنها عهن منفوش تظنها عظيمة وهى لا تعدل جناح بعوضة ، طرفة عين تنقلك من حال إلى حال وما سمى القلب قلبا إلا لكثرة تقلبه وتنقله بين الأحوال بلمح بصر .

السبت، 10 أكتوبر 2020

فى قلبى أنثى عبرية – د خولة حمدى

 

ترددت قبل أن اكتب عن الرواية التى انتهيت من قرائتها مؤخرا مثلما أفعل مع بعض مما اقرأ فى الفترة الأخيرة ولكنى تذكرت الزفاف الذى قرأته عنه منذ بضعة أيام للأسير الفلسطينى المحرر "عبدالكريم مخضر" والذى كان قد أعلن خطبته على الفلسطينية "جنان سمارة" ثم أعتقل هو وبقيت هى  على العهد لثمانية عشر عاما حتى من الله عليه بالحرية مؤخرا وأتما عقد زفافهما فدفعنى هذا الوفاء إلى أن أكتب عن تلك الرواية التى قدمت لها كاتبتها د خولة حمدى قائلة أنها مأخوذة عن أحداث حقيقية .

لغة الرواية سلسة وأحداثها جذابة تطرق المشاعر وتأسر القلوب عامة ذات أثر طيب مقربة ومحببة للقلوب ، أحداث المقاومة ، عادات وثقافات أصحاب الديانات المختلفة ، التربية ، الثقافة ، الصراع والسعى للوصول إلى المعرفة الحقة ، صغيرة تحرص على دينها رغم أن عائلها يهودى ويهودية تقدم العون لمصاب كان يقاوم أهل ملتها ، الصراعات مختلفة ونظرة مغايرة لأحوال العرب اليهود مما يعادون الفكر الصهيونى ورؤية الإسلام بعيونهم ، القرب من أفكار واساليب التربية ، التعايش مع الأخر وصراع الدعوة ، المشاق عند تغيير العقيدة ، أحداث الحياة وصراعاتها فلا فرح يستوى على الدوام ولا حزن يبقى أبد الدهر .

ريما ، ندى ، أحمد ، حسان ، سماح ، سارا ، سونيا ، جاكوب ، تانيا ، أنابيلا ، دانا ، ميشال ، جورج ، سالم ... أب لم يحسن إلى أبنائه ، وزوج يختار الأبوة طريقا ، لبنان ، تونس ، فرنسا ، صيدا ، قانا وجرية ....

أحبة يرحلون فنُصدم ، صغيرة حلمت بالشهادة فنالتها ، صديق يحمل أخاه فى قلبه ، حب أقسم أن يبقى مهما امتد الزمن " سبع سنوات " ، واشتدت العوائق " غياب وبعد ودين ووطن ... " ، وفى القرآن شفاء وسكينة نفس وراحة قلب ...

استمتعت بالقراءة وتركت فى نفسى أثر ......


الثلاثاء، 6 أكتوبر 2020

الحياة ليست عادلة يا صديقى

 

أعتقد ذلك جدا ، نسعى فقط إلى أن نتجاوز ما قد يصيبنا فيها ، خلقنا من أجل رسالة معينة ، ومهمتنا تستلزم إنجازها وغياب العدالة حينا وضعفها أحيانا من الأشياء التى تجعل للرسالة معنى وهدف .

ألا تحب أن تتخطى هذا المنعطف ؟

إذن دع عنك هذه الأفكار وارتدى ثوبا مغايرا وفتش فى حافظات أسرارك ، ابحث فى خبايا نفسك ، ستجد القوة التى تبحث عنها ، يا صديقى النور موجود يتولد ذاتيا ، تسعى فقط أن تزيل الغبار الذى اعتلى تلك البلورة التى تزين المصباح من الخارج فجعلها تبدو وكأنها مشكاة لا نبع لها .

كل الذى تخطيناه كان صعبا وشاقا جدا ، كنا نظن أننا لن نقدر على تجاوزه ولكن الإيمان هو السر يا صديقى فبالإيمان كل شئ يكون ، أن تعلم أنك ما كُلفت إلا  بشئ تستطيعه حتى لو ظننت أنك لا تستطيع ، هى فقط المحاولة ، بعض الصخور يوحى مظهرها بقوة تعييك حتى عن مجرد التفكير فى الاقتراب منها وما إن تصيبها طرقة واحدة من معولك إلا وجدتها مفتتة  أمامك .

أن تنتصر على الخوف الذى يسكنك ثم تبدأ المحاولة ، اقتل خوفك ، حاول ، وحينئذ تجد الأهداف تحققت تباعا ، أما علمت أن الله أمر " مريم البتول " أن تهز براحة يدها جذع النخلة فيتساقط عليها الرطب طيبا ومن أين لأمرأة تضع وليدها وحيدة بعيدة من قوة لفعل ذلك  ، ولا تنسى أن تعطى مساحة أكبر للاختلاف فى النتائج ، فليست كل الأشياء تسير كما هو مخطط تحديدا فاحرص على أن تكون هناك العديد من الخطط " الخيارات " البديلة فذاك من الحكمة بمكان وتقبل نسب ودرجات التحقق يزيد الأمر يسرا ويمنح النفس الرضا .

انزع رداء القلق و توضأ بالمعرفة وولى قلبك شطر العلم وتطهر من كل ما يعيق عقلك وأرفع يديك وألقى خلف ظهرك كل ما يخيفك وقلب وجهك فى السماء وأمسك على حلمك بمجامع قلبك وأستقم فى طريقك وسر مقتصدا واغضض طرفك عن كل المفاتن وتيقن أن السعى بلوغ وأن البلوغ إرادة .

الخميس، 1 أكتوبر 2020

لم نعد صغارا " 18 "

 

الناس زائفون يا ولدى ، لا تغرك أقوالهم ولا تُخدع بأفعالهم ، إن هى إلا أقنعة يتوارون خلفها ، يخفون القبح ، البذاءة ، نظرات الخداع ، الدموع جنود مسيسة وربما يخفون عكس ذلك يا ولدى ، حتى يمكنهم العيش فى وسط هذا المجتمع المغرق بالخداع ، يدعون بالقيم والفضيلة ومن حولهم يموتون جوعا لا يجدون ما يكفى لسد جوع أطفالهم .

سر معى قليلا ....

انظر ذاك الجالس هناك ، لا تفارق المسبحة يده ، كلمات الشكر وكأنها حُفرت على طرف لسانه رغم ما قاساه من وجع ، زوجته توفيت ، ابنه اختفى فجأة ولم يعثر عليه ، واخوته اغتصبوا إرثه ولا يخفى عليك كم يكفى لمعاش شيخ فى مثل عمره ....

وهذه الفتاة تخرج متأنقة يقولون أنها تعمل فى شركة كبيرة ، السيارة كل يوم تأتى إلى هنا كى تأخذها وتعيدها فى أخر اليوم ، أما أنا فأعرفها جيدا ، تعمل فى البيوت كى تنفقها على إخوتها لغياب والديها ، هى تخفى ذلك حتى لا يعاير أحد إخوتها بسبب عملها ، تعرف جيدا الناس لا يتركون أحدا وشأنه وسيرة الغير هى فاكهة المجالس .....

ذاك الشاب الذى لا يقوى على الحركة ، قريبا كان قويا مفتول العضلات ، يمشى بين الناس يختال بقوته وهيئته وبنيته ، العيون لا ترحم يا ولدى ، انظر إلى ما آل إليه حاله ، أصبح ضعيفا واهنا أصابه خبيث المرض ، العين تقتل يا ولدى وتدخل الجمل فى سم الخياط ....

البيت البديع الذى عن يمينك ، يقولون أن صاحبه عثر على قارورة بها قطع ذهبية قديمة عندما كان يهدم البيت القديم وقالوا أنه تاجر فى الأثار وقالوا أنه تاجر فى المخدرات ، قالوا وقالوا يا ولدى ..... والحق يا ولدى غير كل ذلك ، قص على ذات مساء أنه صنع خيرا لأحدهم فجزاه الله فوق الإحسان إحسانا فأنعم عليه بما لا يحصى له شكرا .....

الدنيا يا ولدى خداعة ، ما تراه بعينك ليس دايما هو الحق وما يتكلم به الكثير غالبا لا يكون صائبا فالشائعات هنا تربتها خصبة فما أن تلقى ببذرتها حتى تنتشر كالنار فى الهشيم فى ساعة قيلولة .....