السبت، 31 يوليو 2021

لم نعد صغارا "21"

 

خفضت السرعة بعض الشئ وغابت مبانى المدينة التى مررت عليها وكأن البحر سحبها معه ، بعض الأدخنة تعلو من وسط المياه فأسأل صديقى يقول انها من ابار البترول فالمنطقة شهيرة بالشركات العاملة فى هذا المجال وأثار الزيوت ووقود السيارات بدأت تتضح على الطرق المتفرعة والاستراحات التى بدأت تبدو بكثرة ومقرات حرس السواحل .

طواحين الهواء تدور متناسقة فى شكل جميل ، وضعت بعناية فى هذا المكان ، شركات تعمل فى الكبريت ، المحاجر ، الأسمنت ورائحة يود البحر تطغى على كل رائحة .

الوقت يمر بصحبة الطريق وتقلبات تضاريسه المحيطة وتقلبات الجو ، فجأة يغطى التراب الطريق فلا ترى أبعد من زجاج سيارتك وفجأة تسطع الشمس فتج الكون بلا كدر كـــ ماء صافى .

فندق بمساحة كبيرة مكون من عدة طوابق ، يمتد ليبسط أطرافه على مياه البحر مباشرة ، يبدو أنه خاليا فى هذا الوقت فالمكان حوله يخلو من سمة حياة .

مقر للشرطة لتأمين الطريق صفت أمامه العديد من السيارات وأقيمت من حوله الحواجز ، كافيهات ومطاعم لخدمة المسافرين ، وجبات سريعة ، مأكولات ومشروبات يطغى عليها رائحة البحر ، حتى ديكور المكان اتخذ من البيئة المحيطة به ملهما .....

أتابع اللوحات الارشادية على الطريق لمعرفة المسافة المتبقية حتى أصل إلى وجهتى ، أتابع الصحراء وكثبانها الرملية وحشائشها التى تظهر على فترات ، أثار السير واتجاهات الأماكن الممهدة ، البحر وموجاته وأبواق السيارات ...

الجمعة، 30 يوليو 2021

لم نعد صغارا " 20 "

 

منحدرات كثيرة فى الطريق وانعطافات أكثر ، منافذ تحصيل رسوم ، المناخ يتغير مع كل مسافة أقطعها ، شبورة أكاد لا أرى معها مقدمة السيارة ، ثم تطل شمس تفرق كل ذلك ، ثم يهب هواء طريا كنسيم الفجر ، ورياحا تحمل الغبار فكأنه يحمل الصخر معه .

الحنين قوى يتخطى قدرتى على التحمل ، تخور حصونى امام رياحه العاتيه ، تهب فجأة وكأنها خماسين ، فى ليلة باردة كعادة ليالى يناير ، زوابع من الشجون تثور داخلى ....

عصفور ينفض جناحيه رعشة وبردا ، تتساقط زخات المطر ، كرات ثلج بيضاء ، الخدود محمرة ، شاحبة ، الأنفاس حارة ، العيون زائغة ...

تائه بين كل ذلك ، اصارع حالى ، أفر من أقصى إلى أقصى ، مشقة وقسوة ، الوقت فى سجن الوجع ثقيل كقطار بضائع معطل فى ربع خالى ، كدمعة برئ هلك ظلما ، كصرخة وطن !

الطريق خالى والفراغ حولى أخذنى فتجاوزت السرعة المقررة بعض الشئ ، ألمح سائق أتوبيس قادم من الخلف يقلب إلى أنوار مصابيحه  ، يشير إلى أن أهدئ من سرعتى ، هذه المنطقة بها رادار لمراقبة سرعة السيارات ، أستمع لنصيحته وأراقب معالم الطريق ، الرمال بينى وبين البحر ، بالجوار الأصفر يطغى لونه وفى الأفق الأزرق يعلو ويبسط ، وسفن تشق أمواجه ، البحر هادئ فى هذا الصباح مناسب للملاحة والصيد .

بعد دقائق قليلة أجد كمينا قد أعد للسيارات التى تجاوزت السرعات المقررة ، يوقف بعض السيارات على جانب الطريق وينظر إلى ارقام سياراتى ثم يسمح لى أن أمر .

أراجع بنزين السيارة لعلمى أن المسافة تحتاج إلى اعادة تموين السيارة بوقودها حتى أتمكن من الوصول ، لا أجد محطة قريبة فأسير منتبها للطريق ومخفضا للسرعة شيئا ما حتى وجدت محطة بعد بضعة كيلومترات فتوجهت نحوها ، زودت السيارة بالوقود وغسلت وجهى ، توقفت لدقائق تناولت بعضا من المياه وشربت علبة عصير ثم واصلت السير .