الأربعاء، 1 أغسطس 2018

لم نعد صغارا " 10 "


أتطلع إلى الأفق ، يفر الوقت ممتطيا جوادا عربيا أصيلا ، تتكدس الرؤى وتتراكم الذكريات ، تتأتى الأحداث تترا فلا أنا صرت أنا ولا الأيام أصبحت كتلك التى اشتهيتها ، الزمن قاس يا أبى والأرض الطيبة لم تعد إلى سابق سيرتها الأولى فلا العيون تشبهها ولا الطيب رائحتها ، كانت قديما تنبت منها الحياة فأصبحت قحطا تأكل أبناءها ..
كنت قد انتقلت إلى مكان سابقا مكثت فيه بضع سنوات ، مساحة جيدة تفوق حاجتي حينها مما اضطرني إلى إغلاق غرفة كاملة لخلوها من الأثاث ، جيران بعضهم طيب صحبته وشركة للتمويل العقاري يرتادها الكثير من المزعجين .
أسبوعان فقط كانا كافيين لأتعرض لأول حالة سطو على مكتبي في عصر خميس لن أنساه ، إعادة ترتيب أوراق وصبر على قدر يخفى من الحكمة ما تعجز عقولنا عن استيعابه وتمهيد لإجتهاد ربما يعطى ثماره لاحقا ..
أوقات ثقيلة كليلة شتاء على ضال تاه فى صحراء ، اتخذ من السماء غطاء ومن الرمال مسكنا ومن زواحفها صاحبا ..
أوقات تمر سريعة كبرق خاطف برائحة ليلة عرس عاشقين اقتناصاها من الأيام رغما ، أحتاج إلى أفكار لتطوير ذاتى ، أستعن بالله وأعمل ، ما من سبيل سوى العمل سائلا الله التوفيق ، لا تأتى الأيام بجديد ، فما يأتى يكاد يكفى لمقابلة النفقات وكثيرا ما تكون اليد قصيرة ، فى الصباح والمساء أقطع تلك المسافة من مسكنى إلى عملى سيرا ، على كل ليست من المسافات التى تكل منها الأبدان ولكنها تكفى فقط لتدوين فصل فى رواية أبطالها احتجزوا فى سجن لا جدران له ..

الأحد، 1 يوليو 2018

لم نعد صغارا " 9 "

يمضى الوقت ، تغرب الشمس ويطل القمر على استحياء متواريا خجلا من نجوم لاحقته ، صعودا ونزولا لعدد كثير من درجات السلم ، المكتب فى الطابق الأخير ، السلم ضيق المساحة من تلك الأبنية العمودية التى يرهقك قطعها ، الشقة المجاورة اتخذها بعض الشباب الذين يعملون فى المحال التجارية القريبة مسكنا لهم ، دوما يثيرون صخبا وضوضاء ، مؤخرا تم ابعادهم عن تلك الشقة  وفى الجهة اليسرى شقة تسكنها العائلة التى استأجرت منهم مكتبى ، رجل وزوجته ... وأولاد مزعجين ....جدا .
رغم قصر المدة التى مكثتها فى هذا المكان إلا أنى استطعت اكتساب صداقة كل الموجودين فى هذا المكان حتى أولئك الذين لا يروقون لى أصبحوا يلقون إلى التحية بوجوه مبتسمة ، حتى فى اليوم الذى غادرت فيه هذا المكان منتقلا الى مكان أخر ساعدنى الجميع فى نقل وحمل اشيائى وانزالها من الطابق الأخير قدر ما استطاعوا ..
لا أتعجل تحصيل النتائج ، أتركها تأتى فى الوقت الذى قدره الله لها فحتما سيأتى الخير محمولا فوق ظهر جواد قوى ثابت الخطى ، أحاول بذل الجهد وتنفيذ كل عمل يوكل إلى بجد واجتهاد وبأسرع وقت فإذا فرغت منه شرعت فى إنجاز غيره  ، لست من أولئك الذين يحبون تأجيل الأعمال ولا التراخى فى الانتهاء مما وجب الانتهاء منه وإنما كنت دوما شغوفا بالعمل والمطالعة ، أسعى لإنجاز مهامى وتعلم كل جديد ، مازال أمامى الكثير لأتعلمه يحتاج الى جهد فوق الجهد لتحصيله ..
رغم أن الأعمال التى أوكلت إلى فى تلك الفترة ليست كثيرة ولكنها بفضل الله كانت كافية لسد احتياجاتى الأساسية ورغم أنى لم استطيع ادخار شيئ فى خلالها إلا أنى ممتنا لفضل الله وعطائه على إذ لم يجعلنى فى حاجة الى اقتراض ما يقيت أسرتى ويسد حاجتهم .
قبيل انتصاف العام أخبرنى مؤجر الشقة أنهم يمرون بضائقة مالية وسيقومون ببيع تلك الشقة وبالفعل أمامهم مشترى وقد أبرموا اتفاقا مبدئيا فيما بينهم على ذلك ، أسرة يرغبون فى شراء الشقة يجعلون منها سكنا لفتاهم الذى يدرس فى المعهد الكائن فى هذه الناحية ، بدأت أبحث مجددا عن مكان لى حتى لا أتسبب فى مشاكل فى إتمام اتفاق البيع فقد وعدت المؤجر بذلك ، والسعى والبحث خطوات لا تنتهى وكأنها قدر تلاحقنى خطواته !

الأحد، 29 أبريل 2018

ذات صباح


متكاسلا أرفع الغطاء عن جسدى ، أفتح عينى ببطء اختلس النظر الى رسل الضوء التى تسللت الى غرفتى على غفلة من ستائر نوافذها ، أستنشق نسيم الصبح ، الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.

الجسد مثقل بالوجع من فرط أيام مغلفة بالمشقة ، وكأن كل ضلع فيه يتألم منفصلا عن رفقائه ، العظام تزاحمت حتى نفذت الفواصل بينها فتخبطت ، الرأس أمست مقرا لصداع الدنيا وكأن بداخلها بركان يفور ، العقل مشتت هنا وهناك ما بين حديث هذا ومطالب ذاك ، والقلب فارق الكل ورحل إليه وقد تركه ..

آتى النوم على كل هذا فاستيقظت لا أذكر سوى رائحة الصباح وعينيك ... سلام الله لك !



السبت، 27 يناير 2018

خاطرة



هى تلك الوحدة التى تحيطك ، عزلتك الاختيارية المرغم أنت عليها ، الذكريات التى تغلف سماءك ، الأشواق المتصارعة داخلك ، الأوجاع التى تتخلل شرايينك ، هى تلك الأشياء التى تذوقت برهة حلاوتها ثم رحلت وخلفت لك كل ذاك الوجع !

لا تقع ضحية الحب يا صغيرى فإنه أشد الأعداء فتكا وأيسرهم طرقا وأصعبهم معرفة ، لا تقع فى طريقه ضحية إلا وآتى على كل ما فيها ، أفسد جمال وقتها أذهب راحة بالها وقتل الطمأنينة بنفسها !

إياك أن تضعف ، لا يغرنك الحلاوة التى تستشعرها فى بدايته فما أنعم ملمس الأفعى وما أقوى لدغتها وما أقسى سمها !

يا صغيرى اقبض على قلبك براحة يدك ، لا تدعه يتسلل مبتعدا رغما عنك ساعيا خلف إيماءات الحب ، لا تدعه ينبض لتلك النظرات فالنظرة سهم مسموم يا بنى .

يا صغيرى لا أريد أن أراك مفتونا ذهب عقلك وشرد ذهنك وتبدلت أحوالك وذبلت أزهارك وأنت فى أوج شبابك !

دع كل تلك الأشياء تمر كسحب عابرة لا تحرك الجبال الرواسى بل تصطدم بها فتخر متساقطة تقبل أقدامها ، لا تدعها تتخذ من قلبك مرتعا لها تلهو به حيث هوت ، كن قويا يا صغيرى فالحب وهن لا شفاء منه !