غربت شمس
يوم عرفة وانطلق الساعون نحو مزدلفة لأداء صلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا ، أتكئ
على صاحبى يدعم أحدنا الأخر ، بلغ منى التعب مبلغه ، اللسان لا يكف عن الذكروالتلبية
والعين لا تجف من الدمع والقلب يغمره الشكر والعقل مهموم على والدتى .
الكل يخطو
نحو مزدلفة وكأننا فى يوم الحشر والناس ملتحفون بإحرامهم متجهون إلى محشرهم ، المسافة
بين عرفات ومزدلفة في حدود سبعة كيلومترات ، كيف لأمى أن تمشى هذه المسافة ؟،
أدعوا لو أن حافلة حملتها مع ركابها هى وصاحباتها ، توزع بعض العصائر والمياه
والمأكولات ، يحضر لنا صاحبى منها ، الإعياء يغلبنى ، نجلس بجوار جذع شجرة ، نأكل
ونرتاح قليلا ثم نواصل السير .
نصل إلى
مزدلفة فنبدأ بالصلاة ثم نهاتف أصحابنا ونبحث عن مكان جلوسهم حتى نلحق بهم ، نجلس
سويا جزءا من الليل ثم ننطلق لنقترب من مسجد المشعر الحرام ، نبيت الليلة فى
مزدلفة ، الزحام شديد وافترقنا عن بعضنا بسبب التدافع ، الكل يفترش الأرض ولا موضع
لقدم ، هنا تماما كيوم الحشر ، لا تعرف من الأمير ومن الغفير ، لا تعرف من الغنى
ومن الفقير ، وقطعا أتكلم عن الذين يسعون ويسيرون معنا ويجلسون بالقرب منا بخلاف
الذين خصصت لهم أماكن وخيام مكيفة وأعدت لهم وسائد وفرش يتكئون عليها .
وجدت وصاحبى
مكانا جلسنا فيه بجانب سور من السلك وأمامنا مباشرة منافذ المياه التى لا تخلو من
أحد يشرب أو أحد يتطهر ، والمياه يندفع تحتنا ونحن جلوس ولكن لا مكان أخر نذهب
إليه ، نقضى الوقت حتى يقترب الفجر فنجمع الحصى ثم ننطلق لمسجد المشعر الحرام
لندرك الفجر فى أول وقته وهناك كان الزحام أشد فلم نستطع دخول المسجد أو حتى الاقتراب
أكثر فانضممنا لصفوف المصلين بالخارج فصلينا ثم دعونا الله ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) .
نجمع
حقائبنا ونبحث عن صاحبينا وننطلق نحو مشعر منى لرمى جمرة العقبة الكبرى ، الجنود
يرشدون الحجاج للطريق ويطلبون منهم أن يشملهم الدعاء ويرطبون بالماء أجسادنا
ورؤوسنا .
سبع حصيات نرمى بها الشيطان فنكبر وندعو مع مرى كل حصاة ونقول " اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا، بسم الله والله أكبر رجمًا للشيطان ورضا للرحمن ، اللهم اجعله حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر" .