السبت، 18 يونيو 2022

غياب

 

الأمس كان ثقيلا جدا ، حايلته كى يمر ، حتى أن الشمس كانت باردة أيضا ، انتظرت دفئها كثيرا كثيرا حتى غربت ولم يأتى ، جلست أنتظره عسى أن يأتى ليلا لكنه ما أتى واشتد البرد وتجبر ، حتى أن القمر اختبئ خلف كهف وتوارى عن الأعين ، الساعة وحدها ظلت تحاول الحكى ، تقص على مسامعى ما جرى وما كان ، تكلمنى عن أشياء وأشياء ، لا أذكر منها حرفا واحدا ، كانت تتحدث بينما أنا شارد الذهن ، ذاهل الخاطر ، أخطو جيئة وذهابا ، أقطع المكان ، عداد الخطوات على هاتفى تتحول أرقامه وتكثر ، الخطوات المستهدفة كذا ....

أخطو نحو الشرفة ، أقلب وجهى فى السماء ، غيوم وسحب ، فضاء متسع ، أزيل غبارا اعتلى مقعدى ، أصف الأوراق وأرتبها ، أجيب على بعض الاستفسارات ، أتنقل بين عدد من المنصات الإلكترونية ، أرجئ بعض المواعيد فليست لدى رغبة فى إجراء أى مقابلات اليوم ، أجيب البعض بغلظة أكرهها ، اتغافل عن مواقف تحدث ، أستطلع أخبارك وأطمئن على حالك ..

كل هذا الضجيج أخفاه الصمت ، الصمت مهاب ، قناع الضعفاء وسمت الأتقياء وحديث الأعين ، يغطى كل ما حولى فلا اسمع إلا همسا أو ما يشبهه ، تطالعنى العيون وأنظر إليها بمشاعر صلدة لا تعبر عن شئ وكأنى لا أفقه أو أعى ما يدور حولى .

الحنين يهد الجبال

والوجع فوق الاحتمال

أعود من الخارج ، اضع المفاتيح فوق المكتب بجوار حافظة نقودى ونظارتى وساعة يدى ، أخلع حزائى ، أخطو إلى الداخل ، يلقى الأطفال حقائبهم ويجرون نحو حاسوبهم ، تنقطع الكهرباء فجأة ، نضئ مصابيح الهواتف ، أخرج إلى الشرفة ، الجيران أكثرهم فعل مثلى ، البيت المجاور خرجت نساؤه جلسن يتسامرن أمام زاوية صغيرة ويلعب الأطفال أمامهن يعلو صوتهم ، أرى وكأنى لا أرى ، الظلام يمنح الدنيا هيبة غريبة ، يشير صغيرى إلى نجوم تلمع فى الأفق ، ضوء يبزغ من الشارع يمينا ، تنبه النسوة الأولاد فربما سيارة مقبلة ، ينظر الأولاد للقادم ، يقولون أنه فقط شخص يضئ هاتفه ليشق له الظلم .

أحاديث النساء لا تنتهى ولا تمنعها حواجز ، تستمر وتتواصل ولا تترك مساما إلا وتقتحمه ، تفاصل اليوم وتفاصيل الوقت وحتى أحداث النوم وابتسامات لا تخلو من مكر ووجه قد فارقه الخجل بعد الليلة الأولى .

أسمع وكأنى ما سمعت شيئا ، يسحب القمر السحب ، يجذبها نحوه ، لكنها لا تقف عنده تتخطاه وتواصل سيرها فيقف متصلبا يقطر منه الدمع ورغم ذلك يكشف لها الطرق ، يظل مسلطا نظره عليها ولا تأبه له ، تفارقه وتبتعد ويظل يرقبها حتى تتوارى خلف الحجب .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

اد ايه انت مبدع وموهوب كأنك بالفعل ترسم الحدث رسما تفصيليا كأننا تحت ظل الشمس البارده والليل المظلم وضوء المصابيح كأننا نجلس نجاور السماء ونتطلع للقمر .... اللهم بارك اللهم بارك اللهم