بحثت عن
مرافقى وعمته فلم أجدهم وكيف لى أن أجدهم فى وسط كل هذه الأفواج ، أخذت أسير بين
الجموع التى أقبلت من كل حدب وصوب تلبى أذان الحج ثم ركنت خلف حافلة ووضعت حقيبتى
وجلست ، تناولت بسكوتا وتبعته بعلبة من العصير ، أرتحت بعض الوقت ثم قمت مجددا
لأبحث عن أمى .
سألت ضابطا
كيف أصل إلى مسجد نمرة فأخبرنى ، فعدت إلى الجهة الأخرى كما قال وأخذت أبحث عن
طريق الوصول إلى المسجد حتى وصلت ، كان الجميع يستعد لغروب شمس يوم عرفة ، الأعمدة
تقذف بالمياه فوق رؤوس الملبين فترطب شيئا من حرارة الشمس التى يبدو أنها استعدت
بكل قسوتها لهذا اليوم وكل فى حاله مشغول .
أسير ناحية
المسجد ، أمامه وجدت تجمعا من الناس يبكون حول جسد مغطى فانخلع قلبى فزعا ، أخذت
أقلب فى الوجوه بفزع ودوع عينى تسبقنى ، أبحث فى كل وجه عسى أن أجد أحدا أعرفه ،
ثم سمعت كلاما أنها كانت تحدث ابنها على الهاتف للتو ، اقتربت من الجسد المغطى
وسألت صاحباتها فعرفت هويتها ، خلفتهم ورائى ودخلت إلى صحن المسجد .
أخذت أدور
على الصفوف بالمسجد صفا صفا ، أذهب هنا وهناك ، حتى وقفت على رؤوس النيام ، أحاول
أن ألتقط بعينى أحدا من بلدتنا أسأله عنهم ، ظللت أبحث وأبحث حتى وصلت إلى الجهة
الأخرى من المسجد ووجدت الناس يتجمعون أمام المسجد فى تجمع ضخم ، تسللت من بينهم
بصعوبة حتى وقفت فى مكان مرتفع فى المؤخرة أطالع الوجوه عسى أن تلتقى الأعين .
حلقى غلبنى
وجف كعادته معى فى هذه الرحلة فلم أقوى حتى على النطق ، بالإشارة طلبت ماء من احدى
السيدات ففزعت من عدم قدرتى على النطق وأعطتنى الزجاجة وعندما هممت لأعيدها لها
ورفضت وطلبت منى الاحتفاظ بها ، بدأ الجميع فى مغادرة عرفات فجلست أرتاح قليلا فقد
غلبنى الإعياء .
جاءنى اتصال من صديق لى كنا قد رتبنا للاقامة
معا ولكنه سبقنى وسافر قبلى بفترة وعانى كثيرا أيضا فى محاولات التخفى من الشرطة
والانتقال من مكان إلى مكان حتى يسر الله له الأمر ، أخبرنى أنه أمام مسجد نمرة
واتفقنا أن ينتظرنى فى المكان الذى يقف فيه وأنا سأحاول الوصول إليه وكانت معاناة
شديدة فى تخطى الصفوف والسير بين الجموع المتجهة إلى ناحية أخرى وبعد سعى وبحث
وصلت إليه ، شعرت براحة غريبة وتعانقنا كثيرا حتى بكت عينى ، قال لى أجلس ، أعطانى
تفاحة وماء وعصير ، سألته عن أصحابنا الأخرين فقال أننا سنلتقى بهم بعد قليل .
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق