قدر اليوم
أن أبتعد عن العمل وأمنح نفسى فاصلا لإلتقاط أنفاسى بعد كل هذه الأيام التى تمضى
كانها سلسلة معقدة لا تكاد تتخطى إحدى حلقاتها حتى ترتطم بالتى تليها ، الأفكار
تتوارد كثيرا لكن المكان الذى تستقر فيه يكون هو القدر المكتوب لك ، أصف السيارة لترتاح
بعض الوقت بعد أن أنهكها الجرى لما يزيد عن ساعتين قطعت فيهما نحو مائة وخمسين
كيلو مترا أو يزيد ، أبتاع ساندوتشات من المطعم بالناصية المواجهة للسيارة ثم
أبتاع المياه من التاجر الذى يصف فاتريناته على بعد أمتار قليلة .
يشير إلى
أحدهم يقول إن كنت ترغب بالجلوس على البحر فأدخل من هنا وأمشى مباشرة وأختار اى من
المظلات التى تغطى المقاعد البيضاء أو الخضراء .
دقائق قليلة
تتبقى على أذان الظهر والشاطئ خالى تماما سوى من بضع أشخاص فى أماكن متفرقة ،
المياه انسحبت إلى الخلف قليلا فتركت مساحة رطبة ، نسيم البحر يداعب أنفى ، تقترب
الموجات مسرعة نحوى ثم تجذبها أخواتها من ظهرها فتمنعها من معانقتى ، أحيانا
تجذبها بعنف وأحيانا تبسط يدها على كتفها وأحيانا تقفز فوق عنقها فتخلف الكثير من
الزبد كرسائل تشى بما فى جوفها .
على بعد
مظلتين وعدة مقاعد يولينى شابا ظهره تجلس
عن يمينه فتاة ألقت برأسها فوق يديها المبسوطتين على المنضدة امامها ، يقبل من
مطلع الشمس رجلا يحمل الجوارب تلاه اخر يحمل غزل البنات ثم اقبل فتيان يركبون
أحصنة يجرون بها على الشاطئ فربما يستأجرها البعض من الزائرين .
أتناول
الطعام ثم أطلب كوبا من الشاى ، أحب الشاى شديد السخونة ولكنه فى هذه المرة كان دافئا
فالمسافة بين المقهى الذى تعد فيه المشروبات والمقاعد على الشاطئ كافية أن تنسحب
الحرارة من الشاى وإن ضفت إلى المسافة البرودة الناتجة من نسيم البحر لكفى ذلك تفسيرا
.
تقبل سيدة
منتقبة تجلس على مسافة عدة مظلات عن يسارى ثم تلحقها نسوة أخريات ، أعداد قليلة انضمت
إلى الجالسين ولازال المكان خاليا ، كل مظلة تحتها أربعة مقاعد أو يزيد يجلس عليها
شخصان فقط إلا من رجل أقبل بصحبة ولديه وامرأته .
السفن تبحر
هناك فى منتهى نظرى عند المكان الذى يعانق فيه البحر سحب السماء ، يلقى البحر ما فى جوفه من الصدف وبعض الأسماك الصغيرة
التى حملتها الموجات ثم خلفتها وراءها ورحلت فاستسلمت لحتفها ، تسرع قطة سوداء فتلتقط
سمكة وتحملها فى فمها وتجرى فرحة تجلس بها بالقرب من مركب صيد نائم بالجوار وعندما
تنتهى من الاستمتاع بإلتهامها تعود مرة أخرى إلى نفس المكان الذى إلتقطت منه
السمكة تنتظر أن تطل صاحبات السمكة بحثا عنها فتاخذهم إليها .
بعض الشباب
يمارسون رياضة الجرى على الشاطئ والبعض من الأكبر سنا يكتفى بالمشى وكنت من أولئك
الذين قضوا بعض الوقت فى المشى يمينا ويسارا أطالع الأمواج وألتقط النسمات وألهو بصوت
تكسير الصدف .
العصر يقترب
، أسدد المستحق وأحمل محفظتى وهاتفى وأغادر مقعدى ، أسير فى ذات الطريق الرملى
الذى ينتهى بسياج من الأشجار التى تحيط المقهى ومن أمامه مكان انتظار السيارات .
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق