السبت، 25 مارس 2017

لم نعد صغارا " 7 "

ألتفت بالسيارة ناحية اليمين حيث تصطف المصالح متتالية ، المبنى الثالث هناك هو الذى أقصده ، أركن السيارة فى الجهة القصوى مثلما إعتدت دوما عندما أجدها خالية ، ألملم أوراقى وهاتفى ومفاتيحى ، أغادر السيارة وأتجه إلى الطابق الثالث لأنهى بعض الأعمال والإجراءات مع الموظفين هناك .
ساعات أقضيها متنقلا بين هذا وذاك ، يوفقنى الله فتنجز بعض الأعمال وأخرى تتأجل إلى حين ، ألتقى كثيرا ممن أعرف وتحية باليد وكلمات متعجلة تكون هى كل الحديث .
تمر الأيام ببطء مثقلة بأطنان من الذكريات التى تتكدس أكواما فوق بعضها يوما بعض يوم ، مشقة يتبعها راحة وراحة تغلبها المشقة ووجع يحمل بين جنبيه فرح وسرور يباغتك فى قدومه ورحيله ، تتغير الوجوه وتتبدل الأماكن ومعها تتقلب المشاعر من حال إلى حال .
بعض النسيان يأتى على شيئا من الذكريات فيخف حمل الأيام شيئا يسيرا يدفعها سرعة إلى الأمام فى انتظار ما يحمله لها الغيب .
حال المدينة يتغير وتزداد أعداد قاطنيها وتصبح وجهة للكثير يصاحب ذلك غلاء فاحش فى الأسعار وتضخم فى قيمة كل شئ عدا البشر .
أماكن ذات شهرة واسعه قدمت إلى المدينة فبدلت طقوس ساكنيها ، اللافتات الاعلانية المنتشرة على واجهات المعارض التجارية والمقاهى أخف دليل على ذلك .
تشتعل الحروب وتنتشر وتعلو الفتنة فى البلدان المجاورة فيحل على المدينة ضيوف جدد ، جنسيات مختلفة وثقافات متنوعة غير الثقافة المتأصلة فى بنيان هذا الشعب .
تتداخل الثقافات وتختلط الأنساب وينصهر المجتمع فى بعضه ، يحافظ الضيوف على ثقافتهم بينما يتشبع شعبنا من ثقافتهم ويطليها بصبغته الخاصة .
المبانى كقاطنيها شاخت بعد أن رحل عنها أول من وضع لبنتها ، برحيله فقدت الكثير من بريقها رغم محاولات الخلفاء إخفاء ذلك ، أمر عليها فأتطلع إلى وجوهها وأسمع أناتها ولا يسمعها سوى من عشقها وجرى حبها فى شرايينه .
يتبدل مكان عملى من هنا لهناك فألتقى بأناس جدد ، تتوطد علاقتنا فتستعد الذاكرة لتحمل المزيد مجددا .

ها نحن على أعتاب حقبة زمنية جديدة !

0 رأيك يهمنى: