فى الايام الاخيرة تعالت الاصوات من كل فئة وطائفة وتيار كل ينسب لنفسه الفضل او يقترب من ذلك ، كل يقتنع بصواب رأيه ، كل يرغب فى فرض افكاره ومعتقداته على الجميع ، كل يدعى انه هو الاصلح وان مبادئه هى الاقوم وان فى اتباع اساليبه واستراتيجياته النجاه والتقدم والتطور لأوطاننا ، ولكنى أرى وهى رؤية شخصية ان كل يسعى لتحقيق مصالحه دون النظر لألام الناس ومشكلاتهم ومعاناتهم اليومية .... كل يتكلم دون أن يشعر يوما بمعاناة فرد من افراد الشعب الذى قد يقضى اليوم بكامله واقفا امام مخبزا للفوز على ارغفة قليلة تسد جوعه واسرته وربما لا تكفيهم ، وأخر يقضى الايام يجرى هنا تارة وهناك تارة ينتظر ان ينجح فى استبدال أنبوبة البوتجاز وأخر يطرق كل الابواب ساعيا عن علاج ابنته المريضه التى لا يجد لها ولو جزءا يسيرا من ثمن علاجها واخر لا يستطيع يوما الوصول الى عمله فى مواعيده بسبب الزحام الشديد فى الشوارع والمواصلات ان وجد وسيلة للنقل أدمية كانت او غير ادمية ومزارع لا يجد الماء ليروى أرضه العطشى كى تدب بين محاصيلها الحياة وصور غير ذلك كثيرررررر.
امتلأت القنوات ببرامج التوك شو التى تستضيف اصحاب الافواه الذين تعلو اصواتهم هذه الايام من تيارات واحزاب ودعوات وجماعات مختلفة وتناست كلها هموم المواطن البسيط الذى يبحث فقط عن قوت يومه ليس اكثر من ذلك .
والله لو شعر هؤلاء بما يشعر به هؤلاء واسرهم ما كانت أبدا هذه احوالهم ، عندما ينظرون الى مقتطفات صغيرة جدا مما يعرض فى بعض البرامج مثل واحد من الناس مثلا تسيل دموعهم وتلامس مشاعرهم ونسوا ان ذلك جزء أقل من أقل القليل فى مجتمعاتنا التى تخطت نسبة الفقر فيها 44% واقتربت البطالة من 12% فى الوقت الذى ينفق فيه على التدخين وحده 5% من دخل الاسر على اقل المعدلات .
أقول أن الله خلق الجميع ويسر لكل عمله ورسالته التى خلقه من أجله وكلنا مسخرون لخدمة بعض (ليتخذ بعضكم بعضا سخريا ) فلا ينبغى أن ينظر صاحب منصب على من دونه على أنه أقل منه فلولا هذا ما كان ذاك . وينبغى ان يشغل كل منا برسالته وواجبه وعمله فى المقام الاول فلسنا كلنا سياسيون مع ان الحق مكفول للجميع بممارسة السياسة فى حدود معرفته فلا يتكلم أحد بما لا يعرف فصمته أفضل له وأقوم ولسنا كلنا علماء دين كى يفتى الجميع ويقول أرى هنا ان الاصلح كذا وتخصصه سموم او علم نفس او غيره الا اذا صاحب ذلك دراسة بالدين وعلم بالناسخ والمنسوخ وفقه الواقع وكل ما تقتضيه الفتوى لكنى ارى ان الكل يتصدر للفتوى رغم انه لا يعى ما الموضوع المسئول عنه اصلا وكذا تجد من يصف للناس الدواء مع انه ليس طبيب ومن يتكلم فى الاقتصاد ومعرفته بمنحنيات السواء كمعرفتى بها وأقل .
أقول ألمنى كثيرا تخبط وتحدث الجميع فيما لا يعرفون ولا يدركون وأرهقنى جدا كثرة جدالهم ولو تجنبنا الجدال لحصلنا الكثير من المنافع ولسمحنا لاصوات لديها العلم والمعرفة ان تعلو فنسمعها فوالله لا ياتى الجدال بخير الا قليلا .
ينبغى ان نركن الى اعمالنا نشغل بها ولنعلم كلنا أننا جميعا مسئولون عما يحدث فى بلادنا وتقصيرنا فى أعمالنا ودراساتنا يضرها جدا وكلنا سنجنى ثمار ذلك ان كانت تفاحا او حنظلا فليزرع الجميع ما يروق له تذوق ثماره.
أتمنى ان يصلكم ندائى قبل ان تغرق السفينة بكل ما تحمل .