فى ليلة من ليالى الشتاء الدافئة وفى وسط تهافت وانتظار الكثير بعيون تعلوها اللهفة ويتراقص على ملامحها الحنين لقدوم اول مولود بعد طول اشتياق فى رحلة معاناة مع الطب والاطباء ولكن الأمر بيد الله يهبه من شاء وقتما يشاء .
ولد طفل جميل لأبوين أنهكهما الشوق اليه لكن املها فى رحمة الله كان أقوى فلم يتركا الدعاء يوما ولم يطرق القنوط ابوابهما أبدا ، حقق الله امنية انتظراها اعواما طوال .
من الله عليهما واستجاب دعائهما ودعاء الكثير معهم ، وأخذ نور عينهما يكبر وهما يتبعان حركاته وخطواته يتالمان لوجعه ويدمعان لصرخاته ويرقصان لبسمته فبابتسامة من ثغره تحلو لهما الحياة .
كبر الصبى امام اعين الجميع وبدا الوالدان يقومان بتعليمه كل شئ وقد منحه الله ذكاء ونبوغا قل ما وجد مثله فكان سريع الفهم والتعلم ، نمت زهرة عمرهما وهما يرويانها حبا وحنينا وعطفا وعلما وخلقا ومبادئ وطموحات ، سقاه والده ما اكتسبه من خبرات وعملت امه على رعايته ومساعدته فى التعلم واغدقت عطفها عليه دون افراط او تفريط .
ألتحق بالمدرسة ليبدا خطوات تعليمه الاساسى واستكمل مشواره بخطوات ثابتة وتفوق ملحوظ فكان دوما محافظا على وجوده فى صفوف الاوائل والمتميزين ، كان دائم الاختلاء بنفسه بصحبه قلمه ودفتره يكتب فيهما ويقرأ على والدته وعندما يعود ابيه من عمله تخبره الأم بما كتب ابنهما واعطته الدفتر ليرى بنفسه وفتح الصفحة الاولى
وقرا ما بها من كلمات فسعد بها كثيرا وكانت تلك الكلمات التى كتبها الفتى ( احلم بيوم أحلق فيه وسط اسراب الطيور ألامس براحة يديا أطراف النجوم تنساب على جبهتى قطرات الندى حينما تولد فى رحم الصباح ) حمد الله الأب على ما منح ابنه من حكمة وموهبه وساله ان يمده بالعلم والاخلاص والرحمة .
انهى الفتى مدرسته الثانوية بتفوق والتحق بالكلية التى حلم يوما بالالتحاق بها كى يتقن موهبته ويكون لديه وقت اكبر لممارستها وتقييمها وقبل ان ينهى سنته الجامعية الاولى كان قدر صدر كتابه الاول والذى لاقى قبولا واسعا وترجم الى اكثر من لغة وحصل على الكثير من الجوائز ، اتم سنوات جامعته وتوالت اصداراته الادبية دون ان يؤثر ذلك على تقدمه فى دراسته واستمر فى حصد الكثير من الجوائز والمشاركة فى الندوات والمؤتمرات فلقد ذاع صيته وناطحت سيرته سحب السماء تخرج من كليته واتم دراساته العليا وحصل على اعلى الدرجات العلمية وهو مازال فى عمر صغير ورشح لجائزة نوبل فى الادب عن احدى رواياته ونالها ،
قابل فتاه جميلة أحبها واحبته وأخبر اسرته وكانت من اشد لحظات سعادة والديه كادا ان يطيرا من شدة الفرح ، التقت الاسرتان توافقت الرغبات بدأت الاستعدادات لاتمام العرس المنتظر .
الأب يعلو وجهه الفرح والام تتساقط منها الدمعات والعروس تشعر وكانها ملكت الدنيا والحضور كلهم فى انتظار قدوم نجم العرس وصاحب الليلة ودوما ما تخفى الاقدار أقوى .
حادث تصادم عنيف يقلب الامور راسا على عقب ، تماسك الابوان وانهارت العروس واختفت اوجه الفرحة وتبدلت دموعا ونحيبا ، سارع الجميع نحو المستشفى يترقبون ينتظرون ولكن الامور تطول ثم خرج الطبيب اخبرهم انه على قيد الحياة لكنه مازال يحتاج الى اجراء العديد من العمليات حتى يستطيع ممارسة حياته الطبيعية .
صبر الوالدان وكذا خطيبته ورضوا جميعا بقضاء الله ومرت الايام تلو الايام ولا شئ يجد ويبقى الابن فى غيبوبة طويلة ولا يقوى على رفع يديه او حتى الاشارة بإصبعه وكذا لا يستطيع تحريك اى من قدميه فهو نائم على سريره طوال الوقت نادرا ما يفيق .
تزداد حالته الصحية سوءا يوما بعد يوم وارتبكت وظائف الجهاز الهضمى وكذا وظائف المخ فأصبح ينسى كثيرا وفى هذه الاثناء توفيت والدته وتلاها بفترة موت والده وهو لا يدرى عن ذلك شيئا فاوقات ادراكه أصبحت قليلة لم يبقى بصحبته سوى خطيبته ترعاه وكذا صديقه الطبيب .
وهبت نسائم الرحمة فأخذت صحته تتحسن بعض الشئ فافاق لوعيه وسال عن أبويه فبكت خطيبته ولم تجب فسألها مجددا فاخبرته برحيلهما فانهار بكاء وعاد لغيبوبته مجددا .
عاود الاستيقاظ مجددا فتكلمت معه خطيبته وأحضرت له بعضا مما كتب وكان قد نسى كل شئ فاخذت تقرا اليه وهو يستمع وتنهى قصة تبدا فى أخرى وهو يتذكر ويستمع دون تعليق .
دخل عليه صديقه الطبيب يوما وفى يده كتابا فتحه وأخذ يقراه له وعندما انتهى منه قال له ما اسم الكتاب فأجاب (موت الرحمة) من كاتبه فأجابه ( أنت ) وعنه حصلت على جائزة نوبل والكتاب يحكى قصة لحالة مشابهه لحالته لكنها تختلف فى تفاصيلها الا انهما يجمعهما المعاناة والألم وفى النهاية يطلب بطلها الموافقة على موته بما اسماه موت الرحمة .
قال له ما رأيك ؟ فقال امهلنى فرصة أجيبك
رحل صديقه الطبيب وعندما أقبلت اليه خطيبته طلب منها ان تحضر برفقتها قلم ودفتر وقال لها اكتبى
طالع الزروع والازهار كل صباح شاهد نموها وتفتح اوراقها واغصانها وابتهاجها بمعانقة دفئ الشمس لها تدرك حينها معنى الأمل
فاحرص على اهدائه للجميع فذاك فضل من الله يغفل عن ادراكه الكثير ممن ابتلوا فتضعف وتخور قواهم فلا تكن مثلهم ولتعلم ان رحمة الله سبقت كل شئ وأحاطته ولكن غفلتنا وقصرنا عن ادراك معانيها وصورها يضعفنا ويوما سترى الامل يسير امام عينيك يسوق كل الهموم والألام بعيدا
فاحرص على اهدائه للجميع فذاك فضل من الله يغفل عن ادراكه الكثير ممن ابتلوا فتضعف وتخور قواهم فلا تكن مثلهم ولتعلم ان رحمة الله سبقت كل شئ وأحاطته ولكن غفلتنا وقصرنا عن ادراك معانيها وصورها يضعفنا ويوما سترى الامل يسير امام عينيك يسوق كل الهموم والألام بعيدا
وأخذ يملى عليها ويملى عليها أياما حتى قال لها اكتبى
وتبقى اسراب الطيور تحلق فى كل فج تتغنى بنغم الاله غير ابهة لاية قيود ولا لاية مسافات لا تحمل هم رزقا فالله وحده ضامن الرزق وكافله ، حلق دوما فمهما كنت مقيدا فحريتك بداخلك لن يمنعها عنك أحد .
وبتلك الكلمات ختم كتابه وقالت له بما أسمي هذا الكتاب فقال ( ودوما يبقى الأمل ) ثم طلب منها ارساله لاحدى دور النشر لطباعته وفعلت وأحضرت له نسخة كى يراها فطلب منها نسخة أخرى تغلف جيدا وتوضع فى شكل هدية ففعلت ذلك فطلب منها وضعها بجانبه ففعلت واستاذنت الذهاب .
عندما دخل عليه صديقه الطبيب مرة أخرى وبعد ان اطمئن على صحته قال له هذه لك يعنى الهدية ففتحها صديقه وقرأ اسم الكتاب فعلم اجابة صاحبه فابتسم وسال الله له الشفاء وتركه وذهب
اما هو فسبح يتذكر كلماته تعلو وجهه ابتسامة ثم أطفأت شمعته وفارقت روحه الحياه .
Guzaarish
كتبت هذه القصة بعد ان تابعت دقائق معدودة فى بداية الفيلم دون الانتظار لمعرفة أحداثه تذكرت حينها معاناة شخص اعرفه واخر قرات عنه فدمجت بعض من قصتيهما الى بعض من خيالى فخرجت بهذه الصورة * أتمنى ان تنال رضالكم*