الثلاثاء، 5 مايو 2020

لم نعد صغارا " 15 "


يتعالى عواء الكلاب ، يشق نباحها صمت الليل ، حزينة ، وحيدة تجوب الشوارع الخالية ، الخالية اختيارا والخالية رغما عن قاطنيها ، تعوى وتنبح تبحث عن من يؤنسها ، ولما تمل البحث تؤانس نفسها بعوائها ....
أواصل تتمة الأعمال ، أدرس ، ألتحق بدورات تدريبية وندوات مهنية كثيرة ، أحاول حضور كل الندوات التى يعلن عنها وأكثرها ندوات مجانية ، قبل ذلك بسنوات إلتحقت بجمعية مهنية ، قدمت أوراقى لحضور الدورة التدريبية المؤهلة لحضور اختباراتها التى يشترط اجتيازها للحصول على عضويتها او مرور سنوات بعينها ورغم أنى كنت قد تخطيت عدد السنوات المطلوب إلا أنى دخلت الاختبار ومن الله على فأجتزته وأصبحت عضوا بتلك الجمعية ، كان هدفى الأول من الحصول على عضويتها حتى أتمكن من اقتناء الكتب والنشرات الدورية التى تصدرها كى يفتح امامى سبيلا جديدا لتعلم كثيرا مما لم أستطع تحصيله سابقا ولأن مطبوعاتها لا تباع ولا تتداول إلا من خلالها فقط ولأعضائها وكذا حتى أتمكن من حضور الندوات والمحاضرات والدورات والمؤتمرات المهنية التى تعقدها هذه الجمعية العريقة وكان ذلك فى بداية هذا العقد ...
بعد ذلك بسنوات قليلة كان أمامى اختبارا أخر للحصول على درجة أعلى فى مهنتى ومن الله على وأجتزته ، وكانت هذه خطوة فى خريطة محددة المعالم وواضحة الخطوات والتى رسمتها فى شكل سلم ، كل درجة أحط قدمى عليها تؤهلنى للصعود للتى تعلوها ، فقدمت أوراقى للحصول على تأهيل جديد ولكن فى هذه المرة يحتاج إلى وقت يقارب العامان إن كتب الله لى التوفيق .
استعنت بالله وقدمت أوراقى وقبيل بدء الدورات المؤهلة لخوض الامتحان الأول أصبت بكسر فى قدمى ، ولما كان لابد من الحضور حتى أستطيع التعلم وتحصيل المناهج والمواد التى تؤهلنى لاجتياز الاختبار لم يكن أمامى من سبيل بعد أن قررت عدم التأجيل إلا أن أصعد مستندا على عكاز طوابق هذا المبنى حتى قاعة المحاضرات فضلا عن مسافة تزيد عن المائة كيلو مترا اقطعها ذهابا ومثلها عودة ، أغادر مكتبى فى منتصف اليوم كى أدرك موعد المحاضرات والتى كانت تبدأ فى الخامسة مساء وتنتهى فى التاسعة وأحتاج ما يقارب الساعتين أحيانا يجاوز ذلك وأحيانا يقل عنه حتى أعود إلى مدينتى ، قبيل موعد الاختبارات فى نهاية العام كان قد من الله على وتم فك الجبس من قدمى إلا أنى لازلت أسير مستندا على عكاز ، كان الألم شديدا فى كثيرا من الأحيان ، ومرات عدة كدت أقع أثناء صعودى أو نزولى ، كنت أحزن عندما أرى نظرات شفقة فى عيون البعض ، صديقى يعمل بصحبتى فى المكتب تعب معى كثيرا كان يصحبنى فى كل الأيام وفى أيام الاختبارات كان ينتظرنى فى الخارج أما فى أيام المحاضرات فكنت قد استئذنت له من السادة المحاضرين فى الحضور بصحبتى ....
كل ألم يذهب سدى عندما تنبأ باجتيازك الامتحانات الأولى وأن المتبقى لك فقط اجتياز المرحلة النهائية حتى تحصل ما تريد ....
أى نجاح لم يسبقه مشقة تغيب لذته ،  غير مستصاغ الطعم ، سهل أن تفقده كسهولة الحصول عليه ، أما ما يأخذ من عمرك ونفسك وروحك فيكون نجاحا محفورا فيبقى راسخا قويا كجبل ....

والأجر على قدر المشقة والله لا يضيع تعبا أو سعيا واجتهادا أبدا ....

0 رأيك يهمنى: