الجمعة، 18 فبراير 2022

ثلاثية الملك والكتابة

 

يتجول الكاتب الرائع " محمد توفيق " ويطوف حول تاريخ الصحافة فى عمل موسوعى أطلق عليه الملك والكتابة ، صدر عن ريشة للنشر والتوزيع .

الكتاب الأول يغطى الفترة من 1798 م الى 1899 م بعنوان فرعى جورنال الباشا .

تلاه الكتاب الثانى ويغطى الفترة من 1900م الى 1949 م بعنوان فرعى حب وحرب وحبر .

أما الكتاب الثالث فقد تناول الفترة من 1950 م وحتى 1999 م وأختار له عنوانا فرعيا قصة الصحافة والسلطة فى مصر .

تجول بخفة وبراعة حول ما حدث فى مصر فى هذه الحقبات المتعاقبة فى عمل موسوعى تعب وجد فيه كثيرا ، يصور لنا تاريخ الصحافة منذ بدايتها مع الحملة الفرنسية وينقل لنا ما نشرته تلك الصحف حول الأحداث مؤيدة ومعارضة وأرفق صورا مقتبسة من تلك الصحف والجرائد ونقل أخبارا وأحاديث كثيرة ، استند الى مصادر كثيرة جدا أدرجها فى نهاية كل جزء من هذه الثلاثية ، استغرق الأمر الكثير فى أروقة الصحافة وأرشيف الصحف وأرشيف دار الكتب والوثائق ومكتبة الاسكندرية وأجرى العديد من المقابلات حتى يخرج لنا هذا العمل الموسوعى بهذا الشكل البديع .

نقل لنا حكم محمد على حتى ثورة يوليو ونفى فاروق واعلان الجمهورية وانتهاء الملكية ، عشنا الاشتراكية والرأسمالية ، حكى لنا أوقات الحرب وأوقات الأمل وبهجة الانتصار ، رأينا ميلاد الصحف وخفوتها ، عشنا معاناة أصحاب القلم وانتقام ذوى السلطة .

بدأت ثلاثيته بأول جريدة أصدرها نابليون تحت اسم بريد مصر " كورييه دوليجيبت " وانتهت بجريدة الشعب برئاسة تحرير مجدى أحمد حسين الصادرة عن حزب العمال الذى يرأسه ابراهيم شكرى .

بدأت الحكاية عندما قدم نابليون الى مصر وتعداد سكانها لا يتخطى ثلاثة ملايين نسمة وتوقفت وعدد سكانها يناهض سبعين مليون نسمة .

الرحلة تبدأ عند نهاية القرن الثامن عشر ثم تصحبك فى رحلة حية وبث مباشر للقرن التاسع عشر ثم القرن العشرون كأنك تعيش الأحداث ، تشارك فى صناعتها وفى صياغتها ، تعيش مؤثرا فى التاريخ ، تفر مع كل مطارد وتُعذب مع كل معتقل وتفرح مع كل انتصار وتتوجع مع كل ألم .

أن تعرف مصر كيف عانت وكيف كانت وكيف صمدت أمام كل هذا وكيف تجاوزته وكأنه ما كان ، ترى الحكايات كيف بدأت وإلى ماذا انتهت .

ماذا دار فى عقل تابليون ومن خلفه بعده ، كيف كانت رحلة محمد على وكيف تشكلت عقليته وكيف تطورت أفكاره ، وكيف غدر بأصحابه وماذا آل إليه حاله .

تبحر مع الجبرتى وتصحب الامام محمد عبده وتجلس على المقهى بصحبة جمال الدين الافغانى وتسافر مع رفاعة الطهطاوى وتعبش مطاردا مع عبدالله النديم ، تقابل عبدالرحمن الكواكبى وتشهد وقفة عرابى فى قصر عابدين وتشهد ميلاد " جريدة الهلال " .

ترى مصر محتلة من الفرنسيين ثم يحكمها محمد على واسرته قبل أن تقع مجددا فريسة للاحتلال البريطانى بمباركة الخديوى توفيق وقبل أن ترهقها الديون والقروض فيما ابتلت به ابان حكم الخديوى سعيد والخديوى اسماعيل ، تعانى فى حفر قناة السويس ويقتلك الوجع والحزن على أولئك الذين لقوا حتفهم بينما يرقص غيرهم فوق جثثهم .

يبتهج قلبك لجرأة مصطفى كامل ولحكمة محمد فريد وتسير تنادى " سعد ..... سعد .. يحيا سعد " ، تعيش حربين عالميتين وتنجو من الأوبئة بأعجوبة ، وتعجز عن منع ميلاد اسرائيل وتأتى النكسة على ما تبقى من صمودك وقوتك فى 56 ثم 67 قبل أن ترتد إليك روحك وتعود منتصرا فى 73 .

تعاين لحظات الخيانة والغدر وتبدل المواقف ، ترى سجينا صار رئيسا ومناضلا صار وزيرا وملكا صار فى المنفى وصبيا صار واليا وحاكما ، ترى طاعونا تفشى وزلزالا مدمر ، تشتعل حروبا وتباد مدنا ومن لا ناقة له ولا جمل يدفع الثمن .



1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

والله ما فشلت كتاباتك أبدا فى معايشة قارئها كل الأحداث وكأننا جزءا منها ....لم اقرأها ولكن من خلال ملخصك الرائع مررت معك سريعا بكل أحداث هذه الفترات ....حقيقى مبدع يا استاذ محمد بورك فيك وبورك قلمك ....لا حرمنا الله من كتاباتك أبدعت كالعادة أبدعت والله