غادرت المنزل
انعطفت ناحية اليسار ثم اليمين حتى وصلت الى الطريق الرئيسى فإذا بازدحام كأنه يوم
الحشر فلم أرى مثل هذا الزحام من قبل ، أشرت إلى تاكسى فوقف لى فوجدت سائقه يحمل
احدى جنسيات جنوب شرق اسيا كعادة الذين يقودون السيارات هنا فسألته عن الأجر فقال
مائتا ريال فتركت السيارة ونزلت لشدة المبالغة فى المبلغ الذى طلبه ، فتحت الخرائط
مرة ثانية وقررت أن أذهب إلى أمى سيرا على قدمى فكما تشير الخرائط أن المسافة
قريبة وفى كل الأحوال السير أفضل فى هذا الوقت لولا ملاحقات الشرطة والحرارة
والرطوبة التى لا تحتمل .
استعنت
بالله وقطعت الطريق إلى الجهة المعاكسة وانطلقت سيرا متتبعا أثر الخرائط ، تجنبت
أفراد الشرطة فى البداية ثم لم أجد بدا من سؤالهم عن وجهتى ، انعطفت يمينا فسرت فى
شارع يأخذ فى الارتفاع شيئا فشيئا ثم منه اتجهت ناحية اليسار الى شارع أخر فى طريق
السير فيه كصعود جبل ثم انعطفت منه ناحية اليمين وكان العطش قد بلغ بى مبلغا لا
يحتمل فوجدت أحدهم يجلس أمام بيت وبيده زجاجة مياه فطلبت منه شربة ماء فأعطانى
الزجاجة وقال لها دعها لك فشكرته وواصلت السير .
انعطفت
يمينا حسبما تشير الخرائط ثم مرة أخيرة إلى اليمين فوجدت البيت المنشود ، صعدت
الدرج حتى وصلت الشقة التى يفترض أن تقطن بها والدتى ومن معها ، طرقت الباب ففتح
لى أحدهم فسألتهم عنها حتى اتأكد أن العنوان صحيح فأسرعوا بالنداء عليها .
ما يزيد عن
الشهر لم تقر عينى برؤية امى ولم أسمع صوتها فى الأيام الأخيرة ولم أعرف عنها أى
شئ ، كان يقتلنى الخوف عليها مما كنت أسمع أنه يحدث وحدث وعايشته بنفسى من أفعال ،
تصاعدت دقات قلبى وأنا أنتظر قدوم أمى وسبقت الدموع عينى ، أقبلت أمى بوجه كالقمر
وسكينة ملائكة السماء ينبع من عينيها النور ونظرة حائرة فلم تكن تعلم من الذين أتى
سائلا عنها ، حتى رأتنى فترقرت الدموع فاختلطت بأنفاسها .
عانقتها
كثيرا ولم تصدق أمى أننى أمامها فأخبرتها أنى وصلت أمس للتو وتوجهت مباشرة إلى
عرفات ولم أقصى عليها شيئا مما حدث معى كى لا تحزن ، أقبل معارفنا الذين كانوا
بصحبة أمى من أهل قريتنا فسلمت عليهم وجلسنا سويا ثم اتصلت على أسرتى فى البلد كى
يتمكنوا من محادثة أمى والاطمئنان عليها .
0 رأيك يهمنى:
إرسال تعليق