الأربعاء، 17 يونيو 2020

الكتابة فى لحظة صمت


وأحيانا تفر من تلك التى طالما أحببتها وقضيت الوقت والعمر سعيا خلفها ، الآن وقد أصبحت بين يديك وغلقت عليكما الأبواب ونزعت عن نفسها ثيابها وهيأت لك نفسها وأعدت لك النمارق ، الآن تدعها وتفر ، تمسك بطرف ثوبك فتجذبه بقوة وتجرى حتى تنكفئ على وجهك ، الآن تخاف بعد كل تلك المقدمات ، الخوف يا عزيزى ، الخوف تملكنى ، دقات القلب اضطربت ، العيون شاخصة لكنها لا ترى أبعد من تلك الرموش التى تعلوها ، جسدك يشتعل نارا ولو لمسته لقتلت بردا ، لا قوة على إتيان اى فعل ، تحتاج إلى قوة كى تحرك أطرافك حتى ، كل شئ خمل فجأة كأنما سرت فيه جيوش من النمل، تحتاج إلى من يرفع عنك غشاءك ، لمن يدفعك للأمام ولو خطوة ، ثقيلة ثقيلة أشد مما عانيت يوما ، قاسية فتوجع دون أن يطرف عينها  ، قاسية فتؤلم دون أن تلتفت أو يشعر قلبها بنغزة ولو خفيفة حتى ، تعثر فى  رحمها فلا إلى النور خرج ولا بقى آمنا بالداخل ، معلق بين وجع يتمنى أن ينتهى وبين حلم يود أن يبدأ .
فى لحظة تخلى عنه فيها كل شئ وتكدس فوق رأسه وقتها كل شئ وتجاذب أطراف ثوبه كل أعدائه وانفض عنه كل من أدعى يوما حبه وصحبته ، لو كانت غير نفسى يا عزيزى لفديتك بها ولكنه العمروالعمر رأس مال غير قابل للتعويض فما ينقضى منه لا يرجع أبدا فكيف لنا ألا نفر به كى نحفظه فالقرب منك صار مميتا فأنت أصبحت كراعٍ حول فوهة بركان يوشك أن يقع فيه أو تهلكه حممه .
هذا نداء الوقت والعقل ، الفرار الآن ليس بخوف ولا هرب ، هو عين العقل وصوت الروح والفطرة السليمة ، تنجو بنفسك اولا ولو تبقى لديك قوة اجذب إليك كل ما تستطيعه يدك ، ليس عذرا أقدمه فأنت تعلم أنه الحق ولسنا فى حاجة إلى أعذار ، لا يسمى الآن تخلى ولا يسمى هرب ، اسمه نجاة وحفظ النفس وصيانة الروح ، اسمه الآن رعاية أمانة وحب حياة .
من قال أنى لا أشعر بتمزق فى أطرافى ولا بخنجر يدور فى ضلوعى يفصلها عن بعضها ، من قال أن تلك الدموع التى تتفجر تخرج سهلة طرية ، لو وقعت أى منها على يدك لأحرقتك سخونتها ، إنها تنبع من أزيز الروح والروح قدر يغلى ويفور .
تتقلب على أشواك الألم ، أراه فى عينيك ، أسمعه فى صوتك ، اناتك تقتلنى وأهاتك توجعنى أكثر من ذاك الذى تشعر به ، النوم قبل أن يفارقك فارقنى والروح المرهقة عندك هى عندى تتلوى كمدا ووخزات الإبر ومر الدوا .
تسعفنى الكتابة ، تحاول مواساتى ، تهون على ما تلاقيه من ألم ، أخفى عنها حالك وهى تعلمه وأبتعد بها لحديث أخر فتأخذنى إليك وكأنها تعلم ان روحى معلقة بك فإن شوكة أصابتك دمت قدمى انا وإن مسك سوء سقطت مغشيا على ، ثقيلة تلك الكلمات ، ثقيلة تلك الأوقات ، ثقيلة تلك الأيام كجبال راسخات سقطت فوق صدرك كتلة واحدة .
تنزع الرداء وتلقى بنفسها على الأريكة ، تفرج عن مفاتنها ، تتغنج بكلمات الدلال ، تتقافز المتعة من عينيها ، تموء بشفتيها ، تتساقط حبات العرق ، تتبلد المشاعر ، تقف أمامها كحجر ، تصرخ وتدع كل ذلك خلفك وتفر .

تفر مما تحب إلى من تحب فكل حب هناك حب يفوقه وكل ألم هناك ما يطغى عليه والدموع راحة كل شئ والرحمة رسول لا يضل من اتبع هداه وكل نص مهما بدا مكتملا فهو منقوص .

2 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

سبحان من ألهمك دقة الوصف وحلاوة الكلمات وترتيب الجمل وصدق التعبير .....ربنا يهون عليك كل الصعب وهختم بكلماتك الدموع راحة كل شئ والرحمة رسول لا يضل من اتبع خطاه ....أسأل الله العلي العظيم أن يمن عليك بالسعادة التي لا تشقي بعدها أبدا وأن يحفظك من كل سوء بحفظه .....موهوب فعلا مبدع ربنا يزيدك من فضله

Hager Latif يقول...

رائع جدا ومبدع فعلا واحساسك عالي حقيقي احساسك بيوصفنا كلنا