الجمعة، 5 يونيو 2020

هنا القاهرة



فى العشرين من فبراير لعام 1910 ميلاديا بأبوكبير بمحافظة الشرقية ولد المهندس الطيار " احمد سالم " والذى سافر لانجلترا لدراسة الهندسة فتعلم الطيران واشترى طائرة خاصة عاد بها يقودها بنفسه إلى مصر قبل أن يترك الهندسة والطيران ويلتحق للعمل بالاذاعة الحكومية المصرية .
فى منتصف عشرينات القرن العشرين عرفت مصر الراديو من خلال بعض الاذاعات الأهلية والتى كانت تمول من خلال تقديمها الاعلانات التجارية ولا يتجاوز بثها أربع ساعات يوميا فى نطاق مناطق معينة وكانت البداية مع " إذاعة مصر الجديدة " ثم توالى الأمر فوجد " راديو فاروق ، راديو فؤاد ، راديو فوزيه ، ثم تقديم اذاعة أوربية حملت اسم راديو سابو" وكان للاسكندرية نصيب فبث منها "محطة راديو فيولا ".
فى مساء 31 مايو لعام 1934 صدح الاذاعى المصرى " احمد سالم " بكلمته الخالده " هنا القاهرة " وبدأ فى تقديم حفل اطلاق البث الاذاعى الأول للاذاعة الحكومية المصرية لتصبح أول دولة عربية تقتحم مجال الاذاعة ،  بدأ الحفل بأيات بينات من الذكر الحكيم بصوت القارئ الشيخ " محمد رفعت " تلى ذلك العديد من الفقرات الغنائية لكوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والمطرب صالح عبدالحى وفقرات شعرية حيث ألقى حسين شوقى أفندى قصيدة لأمير الشعراء ، تبعه على الجارم بقصيدة تحية لملك البلاد فؤاد الأول ملك مصر والسودان ، وفقرة للمونولوجست محمد عبدالقدوس وشارك فى الحفل الموسيقين مدحت عصام وسامى الشوا ، بدأت الاذاعة المصرية بأربع محطات اذاعية ثم تزايدت بعد ذلك ...
واستمر الدور الهام للإذاعة المصرية منذ بدء بثها وحتى الأن وخاصة فى خلال الفترات العصيبة فى تاريخ الوطن .
فى سنوات الصبا نشأت على صوت الراديو " الترانزستور " قبل أن نقتنى مسجل " راديو وتسجيل " وحتى بعد أن اقتنينا تلفازا فإن بثه كان من خلال قنوات ثلاث وفى وقت محدد فظل للراديو رونقه وعشقه الخاص وبالطبع كان لوالدى الدور الأساسى فى ذلك فبجواره دوما يضع الراديو وفور صلاة الصبح وللمدة التى يقضيها قبل ذهابه للعمل يظل يتنقل بين الاذاعات المختلفة فنستمع إلى الأخبار فى اذاعة صوت العرب ثم البرانامج العام لمتابعة الحديث الذى يقدم لتلاوة السادسة وبعد ذلك رحلة سريعة فى الأخبار ، يلى ذلك الانتقال الى اذاعة القرأن الكريم لمتابعة برنامج بريد الاسلام وعودة مرة أخرى إلى البرنامج العام لمتابعة نشرة أخبار السابعة ، يذهب والدى إلى عمله وأستمر بعض الوقت فى متابعة اذاعة القرأن الكريم فيرتل قارئ الملك كما اخبرنى أبى الشيخ محمد رفعت تلاوته المعتادة والتى تبث فى السابعة يليها حديث بصوت الدكتور أحمد عمر هاشم قبل أن يبدأ الشيخ الشعرواى فى سرد خواطره حول كتاب الله فى البرنامج الاذاعى " خواطر الامام " ، أتنقل بين اذاعة الشباب والرياضة والشرق الأوسط لمتابعة بعض الأخبار الخفيفة  .
برامج كثيرة فى الاذاعة المصرية تأثرت بها من خلال ما تقدمه وأذكر منها على سبيل المثال :-
" همسة عتاب " والذى يناقش شكاوى المواطنين والمشكلات التى تواجههم من خلال أداء تمثيلى ويحدد يومين أسبوعين لردود المسئولين عن الشكاوى المقدمة .
" كلمتين وبس " والذى يقدمه الفنان الشهير " فؤاد المهندس " والذى يقدم فيه النصح من خلال كلمات مبسطة باستخدام شخصية " سيد افندى " وينهى دوما حديثه بجملته الشهيرة " مش كدا ولا ايه ...." .
برامج كثيرة اعتدنا متابعتها مثل " على الناصية " للاذاعية الرائعة أمال فهمى وكل جمعه استمتع بمتابعة " ساعة لقلبك " ، والعديد من المسلسلات الاذاعية والأعمال الدرامية بخلاف النشرات الاخبارية وبعض مباريات كرة القدم إعتدت دوما فى السهرة متابعة يومية  لبرنامج الإذاعى الشهير فاروق شوشة " لغتنا الجميلة " والتتر الشعرى المقتطف من قصيدة اللغة العربية  " لحافظ ابراهيم "  " أنا البحر فى احشائه الدر كامن .... فهل سألوا الغواص عن صدفاتى .." والذى يقدم فيه قطوف من الشعر العربية فيبين شيئا من سيرة الشعراء ويناقش شيئا من قضايا اللغة .
برنامج أخر اعتدت على متابعته يوميا يقدم بالصوت الفخيم للإذاعى الراحل " أمين بسيونى " ويبدأه بجملته الشهيرة " رحلة مع مشاعل الحضارة العربية التى أضاءت جنبات العالم " إنه برنامج " كتاب عربى علم العالم " حيث يروى أمين بسيونى شيئا من سيرة العلماء قبل أن يتم الانتقال للأداء التمثيلى والذى يشارك فيه عمالقة الفن والدراما ، ومن هذا البرنامج تعرفت على الكثير من الروائع مثل " الأغانى لأبى فرج الأصفهانى ، المغنى لابن قدامة ، أبو العلاء المعرى ، الحافظ بن كثير ، شيخ القصاص يوسف بن اسماعيل ..... "
شكلت الاذاعة المصرية الكثير والكثير من ثقافتنا ودعمت فينا حب المطالعة والكتب والأدب وفتحت أمامنا الكثير من السبل ونمت معارفنا فى وقت لم يكن متاح لنا فيه مثل ما هو متاح اليوم فضلا عن التطور التكنولوجى ومواقع التواصل وتضخم وتوفر سبل ووسائل المعرفة والتعلم .
الاذاعة من أهم الوسائل التى تؤثر فى " وتشكل "  الوعى خاصة فى الأوقات التى يحتاج فيها الوطن إلى الدعم والتكاتف والاتحاد من كل أبنائه للعبور به إلى بر الأمان إذا أحسن الاستفادة منها واستغلال ما يقدم فيها من برامج وأعمال بحيث يكون هدفها مصلحة الوطن لا أن تكون صوت فئة او شخص أو جماعة أو حزب .

0 رأيك يهمنى: