الجمعة، 19 يونيو 2020

صمت صاخب


كان الأمر صعبا ، الروح انسحبت فجأة ، كل شئ ابتعد ، ضاقت المسافات حتى طبقت على ، النوافذ لم تعد مواربة ، الأضواء غابت ، نبض القلب الذى كان صاخبا ما عاد كذلك ، لم أعد أسمع أو أشعر بتلك الدقات ، جهاز القياس لا يسجل شئ ، العيون كأنها نامت والعقل غاب عن الوعى والروح كأنها خُطفت ، لم يعد لدى سيطرة على أى شئ ، لا أرى ، لا أسمع ، لا أتكلم ولا أشعر بشئ .
الضوء أسود ، الرائحة ... ما الرائحة ؟ لا أشم أى شئ ، كانت لدى تلك الحاسة من قبل .. أفقدتها ؟ أم لم تكن موجودة من قبل وكنت أعتقد وجودها ، عالم أخر انتقلت إليه فجأة رغما عنى ، لا أعلم كيف اتيت ولا متى ولا علم لى بما أصنع .
ملقىً على الأرض ، لا قوة لى على فعل شئ ، لا قدرة لى على الحركة ، لا أملك من أمر نفسى شئ ، شُدت يداى ووثقتا بوثاق غليظ ، صُفدت قدماى فى إطار حديدى ، الثعابين ، العقارب ، القوارض ، كل ما يزحف يتجه نحوى مسرعا حتى جيوش النمل اصطفت ووجهت رأسها صوبى كى تدرك نصيبها فى الغنيمة ، وكأنى أبكم لا أقوى على الصراخ ، العين تُبصر ولا ترى ....
حطب وأخشاب وبقايا مهشمة ، جمعت ووضعت فى شكل دائرى ، أشعل فيها النار ، الحرارة ، غريبة لا أشعر بأى حرارة ، أرى ألسنة اللهب المشتعلة تتصاعد ولا أشعر بأى حرارة ، تقترب ، تلتهم كل تلك الزواحف والقوارض التى كانت تتسابق نحوى وتتصارع لإلتهام كل ما تطاله .....
أهى فرصة للنجاة أم للإنتقال إلى مرحلة أخرى من العذاب ، عذاب ... ما العذاب ؟ أهو ما أعانيه الآن ، تلك الأشياء الغريبة التى تدور من حولى ، أسأعود مجددا إلى سابق عهدى ، أم سأبقى هنا أم أنى انتهيت وتلك الرحلة الأخرى .....
لا أعلم مقدار الوقت الذى انقضى ، بعد انتشار اللهب ، سكن كل شئ فجأة والصمت خيم ..... ثم ....

0 رأيك يهمنى: