الجمعة، 25 فبراير 2022

جمعة مباركة

 

الهواء اليوم شديد ، يتلاعب بالأشجار ، بالستائر ، بالثياب المعلقة فوق الحبال ، تحول المشابك بينه وبين أن يصرع الثياب أرضا مثلما يفعل بالأوراق الملقاة فى أرضية الشوارع يقلبها وينقلها ويجعلها تترنح لا تقوى على مجاهدته .

الشمس ساطعة تنشر أشعتها بسخاء لكن الهواء يكسر دفئها ويحيله إلى برودة متقبلة .

البيوت بالداخل أشد برودة من الشرفات ، الشرفات تتدفئها الحرية ، مفتوحة إلى السماء ، تنظر إليها طيلة الوقت ، تشاهد القمر ، النجوم ، السحب ، تساقط الندى ، تشهد تعاقب الليل والنهار ، أما البيوت فهى سجينة جدرانها رغم المنافذ فيها إلا أنها صغيرة لا تمدها بالدفء المناسب لذا تُستخدم أجهزة التدفئة الصناعية لمحاولة إصلاح ذلك .

الكلب الصغير ينبح ، يعلو صوته ، تُغلق الأبواب أمامه ، كلما فتح أحدهم بابه أسرع نحوه ، كلما رأى سيارة مقبلة جرى نحوها ، مثله مثل تلك القطة التى يبدو أن أصحابها تركوها او أنها ضلت طريقها نحوهم فأصبحت تستأنس بدرانا ، تظل مختبئة بجوار السور إلى ان يُفتح الباب فتُسرع إلى الداخل وتستلقى على المشاية الموضوعة فى مقدمة السلم ، أصبحت تتبادل ذلك الفراش مع الكلب الصغير ، يبدو أنها رقت لحاله وصعب عليها أن يبقى يعانى البرد والوحدة وحده ، أصبحت أشاهدهم يلعبون سويا برفقة الأطفال الصغار ، القطة تخشى القط الأسود الذى دوما يتحرش بها ، يضربها ويزجرها ، توالى الأيام بدل حالها ، كانت ممتلئة فى البداية بفرو مهذب لكنها الآن أصبحت تشبه كثيرا تلك القطط التى لا مآوى لها ولا ملجأ .

كنا سابقا نقيم فى بيت من طين ، كان فى أشد أوقات البرد دافئا جدا ، رغم انه خالى من الشرفات ، كان سقفه من خشب وبوص وطين فكانت تتسرب من بينه الأمطار .

كانت قطتى لونها مزيج من الأحمر والأسود والأبيض ، كانت تستلقى على حجرى وعندما أنام تنام بجوارى وذات قيلولة وجدت قد وضعت أولادها بجانبى ، بينما كانت أمى مشغولة أمام الفرن ، تخبز لنا العيش وتعد لنا صينية الأرز المعمر ، أحبه بدون سكر ، فكانت أمى تعد اثنتين ، إحداهما بسكر والثانية بدون ، كان عندى كلب صغير اسميته " جاك " كنت أتركه يلهو فى الطابق الثانى ، كان مزيجا من الأبيض والأسود والرمادى إلا أن أبيضه يطغى ، كانت لدى عنزة صغيرة ، كانت دوما تلهو بجوارى حتى عندما كنت أجلس على المصطبة أمام البيت كانت تصعد وتجلس بجوارى ، سمراء بها بقع بيضاء ، سميتها " بسمه " وعندما ولدت ، أنجبت أنثى لكنى سميت ابنتها " عزوز " رغم ذلك ، عزوز ورثت عن أمها شقاوتها وخفة ظلها لكن لونها غلب عليه الأبيض فكان اسوده قليلا .

الحيوانات أشد ألفة وأكثر وفاء من كثير من البشر ...

لكن منهم القاسى والغليظ كحمارة عمتى ، كلما عاملتها برفق رفصتك وكلما اعتليت ظهرها أوقعت بك أرضا وفرت منك وضاع وقتك فى مطاردتها لكنها رغم ذلك كانت تخشى زوج عمتى فكانت عصاه قوية لا تفارق يده فكان إن قال لها "هش اقف " لا تستطع رفع قدم من مكانها وان قال لها " حا " تحركت بمهل إلا إن نخزها فى جنبها فحينها تسرع .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

جمعتك مباركه جميله نقيه هادئة بهدوء الطبيعة وسحر كلماتك وعذوبتها!
لم تعجز أبدا تدويناتك فى إسعادى ودخول السرور بقلبى بقدر صدق الكلمات وبراعة وبساطة أسلوبك ...كم أحسست جمال وصفك للهواء والشمس والقطط والبيت والفرن حتى حمارة عمتك وعصا زوجها ....ما أروع أسلوبك وما اصدق قلمك ....لا حرمنا الله إبداعاتك أستاذى المبدع الموهوب أستاذ محمد