الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

ودوما يبقى الأمل

فى ليلة من ليالى الشتاء الدافئة وفى وسط تهافت وانتظار الكثير بعيون تعلوها اللهفة ويتراقص على ملامحها الحنين لقدوم اول مولود بعد طول اشتياق فى رحلة معاناة مع الطب والاطباء ولكن الأمر بيد الله يهبه من شاء وقتما يشاء .
ولد طفل جميل لأبوين أنهكهما الشوق اليه لكن املها فى رحمة الله كان أقوى فلم يتركا الدعاء يوما ولم يطرق القنوط ابوابهما أبدا ، حقق الله امنية انتظراها اعواما طوال .
من الله عليهما واستجاب دعائهما ودعاء الكثير معهم ، وأخذ نور عينهما يكبر وهما يتبعان حركاته وخطواته يتالمان لوجعه ويدمعان لصرخاته ويرقصان لبسمته فبابتسامة من ثغره تحلو لهما الحياة .
كبر الصبى امام اعين الجميع وبدا الوالدان يقومان بتعليمه كل شئ وقد منحه الله ذكاء ونبوغا قل ما وجد مثله فكان سريع الفهم والتعلم ، نمت زهرة عمرهما وهما يرويانها حبا وحنينا وعطفا وعلما وخلقا ومبادئ وطموحات ، سقاه والده ما اكتسبه من خبرات وعملت امه على رعايته ومساعدته فى التعلم واغدقت عطفها عليه دون افراط او تفريط .
ألتحق بالمدرسة ليبدا خطوات تعليمه الاساسى واستكمل مشواره بخطوات ثابتة وتفوق ملحوظ فكان دوما محافظا على وجوده فى صفوف الاوائل والمتميزين ، كان دائم الاختلاء بنفسه بصحبه قلمه ودفتره يكتب فيهما ويقرأ على والدته وعندما يعود ابيه من عمله تخبره الأم بما كتب ابنهما واعطته الدفتر ليرى بنفسه وفتح الصفحة الاولى
 وقرا ما بها من كلمات فسعد بها كثيرا وكانت تلك الكلمات التى كتبها الفتىاحلم بيوم أحلق فيه وسط اسراب الطيور ألامس براحة يديا أطراف النجوم تنساب على جبهتى قطرات الندى حينما تولد فى رحم الصباح ) حمد الله الأب على ما منح ابنه من حكمة وموهبه وساله ان يمده بالعلم والاخلاص والرحمة .

انهى الفتى مدرسته الثانوية بتفوق والتحق بالكلية التى حلم يوما بالالتحاق بها كى يتقن موهبته ويكون لديه وقت اكبر لممارستها وتقييمها وقبل ان ينهى سنته الجامعية الاولى كان قدر صدر كتابه الاول والذى لاقى قبولا واسعا وترجم الى اكثر من لغة وحصل على الكثير من الجوائز ، اتم سنوات جامعته وتوالت اصداراته الادبية دون ان يؤثر ذلك على تقدمه فى دراسته واستمر فى حصد الكثير من الجوائز والمشاركة فى الندوات والمؤتمرات فلقد ذاع صيته وناطحت سيرته سحب السماء تخرج من كليته واتم دراساته العليا وحصل على اعلى الدرجات العلمية وهو مازال فى عمر صغير ورشح لجائزة نوبل فى الادب عن احدى رواياته ونالها ، 
قابل فتاه جميلة أحبها واحبته وأخبر اسرته وكانت من اشد لحظات سعادة والديه كادا ان يطيرا من شدة الفرح ، التقت الاسرتان توافقت الرغبات بدأت الاستعدادات لاتمام العرس المنتظر .
الأب يعلو وجهه الفرح والام تتساقط منها الدمعات والعروس تشعر وكانها ملكت الدنيا والحضور كلهم فى انتظار قدوم نجم العرس وصاحب الليلة ودوما ما تخفى الاقدار أقوى .
حادث تصادم عنيف يقلب الامور راسا على عقب ، تماسك الابوان وانهارت العروس واختفت اوجه الفرحة وتبدلت دموعا ونحيبا ، سارع الجميع نحو المستشفى يترقبون ينتظرون ولكن الامور تطول ثم خرج الطبيب اخبرهم انه على قيد الحياة لكنه مازال يحتاج الى اجراء العديد من العمليات حتى يستطيع ممارسة حياته الطبيعية .
صبر الوالدان وكذا خطيبته ورضوا جميعا بقضاء الله ومرت الايام تلو الايام ولا شئ يجد ويبقى الابن فى غيبوبة طويلة ولا يقوى على رفع يديه او حتى الاشارة بإصبعه وكذا لا يستطيع تحريك اى من قدميه فهو نائم على سريره طوال الوقت نادرا ما يفيق .
تزداد حالته الصحية سوءا يوما بعد يوم وارتبكت وظائف الجهاز الهضمى وكذا وظائف المخ فأصبح ينسى كثيرا وفى هذه الاثناء توفيت والدته وتلاها بفترة موت والده وهو لا يدرى عن ذلك شيئا فاوقات ادراكه أصبحت قليلة لم يبقى بصحبته سوى خطيبته ترعاه وكذا صديقه الطبيب .
وهبت نسائم الرحمة فأخذت صحته تتحسن بعض الشئ فافاق لوعيه وسال عن أبويه فبكت خطيبته ولم تجب فسألها مجددا فاخبرته برحيلهما فانهار بكاء وعاد لغيبوبته مجددا .
عاود الاستيقاظ مجددا فتكلمت معه خطيبته وأحضرت له بعضا مما كتب وكان قد نسى كل شئ فاخذت تقرا اليه وهو يستمع وتنهى قصة تبدا فى أخرى وهو يتذكر ويستمع دون تعليق .
دخل عليه صديقه الطبيب يوما وفى يده كتابا فتحه وأخذ يقراه له وعندما انتهى منه قال له ما اسم الكتاب فأجاب (موت الرحمة) من كاتبه فأجابه ( أنت ) وعنه حصلت على جائزة نوبل والكتاب يحكى قصة لحالة مشابهه لحالته لكنها تختلف فى تفاصيلها الا انهما يجمعهما المعاناة والألم وفى النهاية يطلب بطلها الموافقة على موته بما اسماه موت الرحمة .
قال له ما رأيك ؟ فقال امهلنى فرصة أجيبك 
رحل صديقه الطبيب وعندما أقبلت اليه خطيبته طلب منها ان تحضر برفقتها قلم ودفتر وقال لها اكتبى 
طالع الزروع والازهار كل صباح شاهد نموها وتفتح اوراقها واغصانها وابتهاجها بمعانقة دفئ الشمس لها تدرك حينها معنى الأمل
فاحرص على اهدائه للجميع فذاك فضل من الله يغفل عن ادراكه الكثير ممن ابتلوا فتضعف وتخور قواهم فلا تكن مثلهم ولتعلم ان رحمة الله سبقت كل شئ وأحاطته ولكن غفلتنا وقصرنا عن ادراك معانيها وصورها يضعفنا ويوما سترى الامل يسير امام عينيك يسوق كل الهموم والألام بعيدا 
وأخذ يملى عليها ويملى عليها أياما حتى قال لها اكتبى 
وتبقى اسراب الطيور تحلق فى كل فج تتغنى بنغم الاله غير ابهة لاية قيود ولا لاية مسافات لا تحمل هم رزقا فالله وحده ضامن الرزق وكافله ، حلق دوما فمهما كنت مقيدا فحريتك بداخلك لن يمنعها عنك أحد .
وبتلك الكلمات ختم كتابه وقالت له بما أسمي هذا الكتاب فقال ( ودوما يبقى الأمل ) ثم طلب منها ارساله لاحدى دور النشر لطباعته وفعلت وأحضرت له نسخة كى يراها فطلب منها نسخة أخرى تغلف جيدا وتوضع فى شكل هدية ففعلت ذلك فطلب منها وضعها بجانبه ففعلت واستاذنت الذهاب .
عندما دخل عليه صديقه الطبيب مرة أخرى وبعد ان اطمئن على صحته قال له هذه لك يعنى الهدية ففتحها صديقه وقرأ اسم الكتاب فعلم اجابة صاحبه فابتسم وسال الله له الشفاء وتركه وذهب 
اما هو فسبح يتذكر كلماته تعلو وجهه ابتسامة ثم أطفأت شمعته وفارقت روحه الحياه .


Guzaarish
كتبت هذه القصة بعد ان تابعت دقائق معدودة فى بداية الفيلم دون الانتظار لمعرفة أحداثه تذكرت حينها معاناة شخص اعرفه واخر قرات عنه فدمجت بعض من قصتيهما   الى بعض من خيالى فخرجت بهذه الصورة * أتمنى ان تنال رضالكم*

28 رأيك يهمنى:

BNT ELISLAM يقول...

فظيعه بجد
لالالالا هحسدك بجد
ايه العظمه دى يمكن القصه فى كلماتها بسيطه لكن الاحداث سلسه ولن الصياغه وتركبيه تشد اى حد وغصب عن اى حد لازم قلبه يوجعه ويبقى عاوز يعرف الكاتب مغزاه ايه
احسنت بجد ربى يبارك فيك

nour alqamar يقول...

قصه راااائعه بجد سلمت ايديك ..
مع تحياتى لك
نور

eng_semsem يقول...

تسلم ايديك يا محمد
ويبقى الامل بداخلنا يدفعنا للحصول على ما نريد وتحقيق احلامنا

zizi يقول...

تسلم ايديك يامحمد ..حاجة حلوة بجد والخيال فيها سهل وسلس ويسلم بنانك يا سيدالكل ..

Emtiaz Zourob يقول...

قصة مؤثرة وحزينة .. ولكن فيها ما يبعث على الأمل ..

سلمت الأنامل ..

mrmr يقول...

لازم يكون فيه لكى تستمر الحياه
تسلم ايدك وابداعك يا محمد

ايناس موسى يقول...

ما دامت الحياة سيبقى الامل بداخلنا لكى نتحدى الصعوبات التى تواجهنا وتحلو الحياة لغايه ما نسير الى دار السلام(الاخرة)وعندما نعلم اننا نعيش اليوم ونوقن ان الغد سياتى ونؤمن بقدرة الخالق جلا وعلا عندها سندفن الياس ونزرع الامل ولو بكذبه...قال تعالى ع لسان يعقوب عليه السلام(ولا تياسوا من روح الله لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون)صدق الله العظيم ...اخى محمد لقد ابدعت ف كتابتك ف القصه الجميله ده وبجد اثرت فيا جدا لدرجه انى خلاص عوزا اعيط واستفدت منها كتير وانا من اليوم سيبقى عندى امل وهقول (لا حياة مع الياس)..ربنا يوفقك يارب ويحفظك يا اخى محمد ...ايناس

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم اخى محمد

قصة رائعة ومؤثرة

راقت لى بعض الجمل لكن لم استطع الاستشهاد بها فى التعليق فهى طويلة والنسخ ممنوع عندك :)


بارك الله فيك اخى وجزاك الله خيرا على المجهود والنشاط الدائم احييك واتمنى لك التوفيق والـتألق

دمت بخير
تحياتى لك

رحاب يقول...

من الصعب الاحساس بالحرمان من شئ ليس بيدك ان تحصل عليه فعليك بالصبر وحسن الظن بالله
عندما تأتى فعليك الحمد الكثير
وعندما ترحل فلا عليك سوى الاستسلام لامر الله
البقاء على من تحب لاخر وقت وتحدثه دائما بكلماته وانت على يقين بأن الفراق حتمى بينكم ولا يوجد مفر منه وتخفى عنه نزيف القلب لفراقه

لــــ زهــــــراء ــــولا يقول...

دايماً فيه امل

الكلمات التي كتبتها بالاحمر رائعة الوصف
تجسد الامل (:

دومت مبدعاً
لولا

Unknown يقول...

حزينة بعض الشىء
خيالية بعد الشىء
عميقة بعض الشىء
ولكنها بالنهاية
رائـــــــــعة

مدونة رحلة حياه يقول...

بنت الاسلام
شكرا يا بنوتة
دى حاجة بسيطة والحمد لله انها عجبتك
دومتى بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

نور القمر
بعض ما عندكم يا افندم
شكرا لك

مدونة رحلة حياه يقول...

م اسامة
الله يسلمك يا ريس
ودوما يبقى الامل الى ان تقوم الساعة
دومت بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

ماما زيزى
ربنا يعزك يا امى
دا من ذوقك

مدونة رحلة حياه يقول...

وجع البنفسج
شكرا على تواجدك وتعليقك
دومتى بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

مرمر
فعلا لازم يكون فيه
دومتى بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

ايناس
ربنا يعزك
انا مش بكتب عشان نعيط
بكتب عشان نبتسم ونحيا
دومتى بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

ام هريرة
وعليكم السلام
الحمد لله وما توفيقى الا بالله
لو كنت اعلم لجعلت النسخ مسموحا ولو اردتى لفعلت
دومتى بخير اختى

مدونة رحلة حياه يقول...

رحاب
اعجبنى تحليلك فى تعليقك هذا يدل على قراءة جيدة للنص
دومتى بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

لولا
انتى دوما تعلمينى معنى الروعة فى دائك واختيارك للكلمات
دومتى بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

د نور
هى فى الحقيقة كما قلتى
لكن جزء كبير منها واقعى عايشته بالفعل
دومتى رائعة

الاحلام يقول...

جميله ورائعه القصه اخى محمد
سلمت يداك وقلمك تحياتى ابوداود

فاروق سحير ( فاروق بن النيل ) يقول...

محمد متولى......
القصة مبدعة لكن ينقصها شيئ ....
وقبل أن أقوله لك وأحدده إعلم أن...
الحياة صديقى خلقها الله بها خير وشر ..
حزن وفرح ... شقاءوسعادة... لقاء وفراق ... موت وميلاد .......حب وكره
فعندما تكتب قصة ما لاتنسى ذلك أبدا لو وضعت مولودا بأحشاء الخطيبة ( ولتكن زوجة كتب قرانها ) فيولد الطفل
لحظة مفارقة الكاتب الحياة لكان فيها
الألم أخف والأمل موجود ولم بنفذ فليست الحياة صديقى مهما كانت هكذا لونظرنا حولنا لوجدنا أن الله رحيم بعباده لايقطع شيئ قبل أن يوصل شيئ آخر
"يقطع من هنا ويوصل هنا "هكذاالمثل
تفائل ولاتقطع الأمل وإترك بصيصا من نور يتسرب فى حياتنا حتى لاتظلم الدنيا
شكرا لك صديقى .......

مدونة رحلة حياه يقول...

ابو داود
شكرا لك سيدى على ان منحنتنى جزءا من وقتك تستطلع فيه كلماتى
دومت بخير

مدونة رحلة حياه يقول...

م فاروق
وحتى ادع الامل موجودا اضفت العنوان والجزء الاخير الخاص بكتاب ودوما يبقى الامل ثم نهيت حياته بابتسامة كى نبدأ بها حياة جديدة
دومت بخير سيدى

مصطفى سيف الدين يقول...

كيف لم اقرأ تلك التدوينة الساحرة من قبل و لم أرها
رائع انت دوما يا صديقي
و اعذرني

مدونة رحلة حياه يقول...

د مصطفى
كثيرا ما تبالغ فى مجاملتى
ادامك الله لى اخا بحق
دومت بخير