الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

طقوس صباحية



أراك كل صباح تنظر من خلف ستائرك المنسدلة تتأمل مولد النور دون أن تقوى على الوقوف امامه وجها لوجه ، من أين لك بهذا الضعف ؟ وأنا الذى عهدتك قويا شامخا صلبا ؛ أم أنك صرت كأوراق أشجار متساقطة تلقى بها رياح النسيان حيث شاءت ، فى كل صباح كنت تفعل نفس التفاصيل نفس الاشياء وكأنك أعتدت الروتين تخشى أى تغيير تخشى حتى ان بدلت عاداتك الا تستطيع العودة اليها ، نفس المشروب الصباحى فى نفس المكان فى حديقتك فى نفس الوقت فى نفس الكوب كأنك مغرم بعشق التفاصيل  .

كل يوم كنت أرأك على نفس المقعد وأمامك نفس المنضدة ونفس الصحيفة أمامك ، تضع نظارتك أمامك وهاتفك بجوارها وأقلامك وأوراقك وبجانبك الكاسيت الذى تنبعث منه نفس النغمات الصباحية كل شروق، كان هناك شيئا مميزا يحدث كل يوم وهذا هو الشئ الوحيد الذى كنت أجدك تحرص على تغييره ، كل يوم كنت أجد أمامك كتابا مختلفا رواية مختلفة لكن يربط بينهم أنك تظل أياما متتالية تقرأ لنفس الكاتب ثم تغيره وتنتقل لغيره وكأنك تتنقل بين الكتاب والروائين فتجعل لكل فترة كاتبها وكتبها ، أتراك كنت تفعل ذلك تبعا لحالتك ومزاجك أم تراك كنت قد وضعت جدولا زمنيا لقراءات بعينها لأدباء بعينهم أم ترى أن هناك رابطا بين اختياراتك فى القراءة لم أعيها أنا بعد .

لم تكن تعلم أنى أرقب حركاتك كل صباح لا لشئ سوى لغربتى التى أحياها وكانت طقوسك الصباحية مما يؤنسنى فى وحدتى ربما اعتدت النظام والروتين مثلك أو ربما صرت أقلدك لا فى الأفعال بل فى الطقوس الصباحية  فكنت قد جهزت لنفسى اعمالا صباحية افعلها كل صباح رياضة وقراءة وسقيا للاشجار واستنشاق لعبير الصباح .

أتعلم أنى ارتبطت بك فما عدت أتخيل صباحى دون أن اتابع طقوسك وأمارس طقوسى ، أتعلم أن صرت أعدك والدى دون أن تشعر او تعلم شيئا عن حالى ، أتعلم أنك عندما تسافر كل فترة أحرص على أن أمارس طقوسك بجانب طقوسى بذات التفاصيل نفسها حتى أنى أصبحت أعلم مواعيد سفرك فحرصت على اقتناء نسخة من أخر رواية أراك تطالعها استعين بها على أوقات غيابك وكذلك أقتنى أخر اسطوانة أراك تستمع اليها وحتى الصحيفة رغم أنى لا أطالعها إلا أنى اشتريها فى غيابك حتى أتم الطقوس بأدق تفاصيلها .

غيابك فى هذا المرة طال وانتظرتك طويلا طويلا حتى كدت أفقد الأمل فى عودتك ثانية وحسبتك رحلت وقررت البقاء هناك حيث ذهبت ، ولكنك عدت ، علمت ذلك عندما رأيت سيارتك تقف فى نفس المكان الذى ظل خاليا طوال غيابك ، ورغم أنك عدت إلا أنك لم تعد... نعم لم تعد الى طقوسك ... الى تراتيلك.... الى كتبك.... الى صحيفتك ... الى مشروبك ....الى منضدتك  وبقى الكرسى متأهبا  ينتظر جلوسك وبقيت أنا مترقبا أنتظر طقوسك .

ومازالت أبواب مسكنك موصدة ومازال المقعد خال ومازالت المنضدة مهجورة ومازالت عينى شاخصة تنظر الى ابوابك عسى تخرج يوما .


8 رأيك يهمنى:

سلوى يقول...

جميله تفصيلاتك
خاطرة جميله بجد

šσяšαяαα يقول...

صعب اوى الارتباط بحد لدرجة انك تتابع تفاصيل حياته وتحب انها تكون جزء منك وفجأة ينتهى الروتين الجديد اللى عشت فيه لان الانسان اللى اتخذته عيلة ليك ولو حتى من بعيد.. سافر سفر بعيد

Ola يقول...

بلهفة المشتاق
نبحثُ بين طيات الغربة عن وطنٍ لننتمي اليه..
في تفاصيلك يكمن امانك!
فما ان اهتز.. وكأنما اهتزَ فيكَ الاستقرار!

رائعٌ هو وصفك
:)

لــــ زهــــــراء ــــولا يقول...


نفس المشروب الصباحي في نفس المكان بالحديقة في نفس الحديقة في نفس الكوب وكأنك تعشق التفاصيل

بل هو يعشق روتينة الاحداث .. وانتقلت اليك العدوي بالتكرار النظر ثم الممارسة فأصبحت جزء من تلك الروتينية .. هو ابتعد وتخلص منها وانت اقحمت كل تفاصيل حياتك في تروسها لكنك لم تفعل ذلك لعشقك للروتينية بل لانك تعشقه هو (:


انت اللي مصور الصورة دي يا محمد .. صح؟
لـــولا

Haytham Kilany يقول...

بيعجبنى الروح اللى ف كتاباتك يا محمد
سلمت يداك

eng_semsem يقول...

تسلم ايديك يا محمد
في حاجات كتير بنرتبط بيه في صمت دون ان يشعر بنا الاخرون
تحياتي

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا آستاذ محمد
تلك المنضدة والمفاتيح وكتابه المهمل على الرف وصوته وبقاي عطره وعاداته لازالت في الذاكرة هو عاد لكنه نسي بعضه هناك ولازلت تنتظر عودة كله !"
؛؛
؛
لله درك كم من إحساس حشوت بع سطورك فتشبعت بها روحي حنين وشجن أتعلم جالت روحي هنا وتذكرت والدي رحمة الله عليه أسكنه المولى فسيح جناته "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

مدونة رحلة حياه يقول...

السلام عليكم
اصدقائى الاعزاء
اشكر لكم متابعتكم كتاباتى
ابقوا دوما بخير
والى الذين شرفونى للمرة الأولى
ارجو ان تنال كتاباتى رضاكم وترضى طموحكم
نورتوا الكون