الأحد، 22 سبتمبر 2019

سجن


أصبح رهينا لكل ما حدث قبلا ، لا يقوى على التخلص من الذكريات ، الآثار محفورة فى كل مكان ، الأوراق ، الصور ، الكلمات ، الكتب ، الألوان ذاتها مخضبة بهيئتها ، غارقة برائحتها ، مطلية بخمرها ، الأصوات مرتبكة ، متلعثمة ، لا يميز أى الأصوات ليس بصوتها ، الحنين قاتل والوجع مسيرة عمر والألم مسكنه الروح ...

لم تعد الطيور تغرد ، وحده الغراب ينعق قيقذف عليه ما فى جوفه ثم يفر وكأن العقبان تطارده ، النوارس أصبحت تخشى الاقتراب من المياه ، يلقى لها ما يحمله عساها تقترب كسابق عهدها ، تنظر إلى ما ألقى وتلتفت إليه ، تنظر حائرة ثم تغرب إلى لا مكان أو أى مكان لا يشبهه .
نسمات البحر جافة ، حارقة كأنما نبعت من ثغر بركان يفور ، الروح بها أزيز كأزيز المرجل ، العين كلمى والليل أصم ، الصبح يأتى متعثر الخطى يحمل قمرا بعد أن ضلت الشمس الطريق إليه .
الوقت سجن ، جداره الذكرى ، العقاب فيه صداها ، ليس بأقوى فى العقاب من أن يترك المرء للذكريات فهى كفيلة بأن تبدل حاله وتضعف بدنه وأهون العقاب أن النوم يفارق مضجعه والليل سنوات تيه ، والوطن كل ذلك .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

دقة الوصف فوق الوصف الله الله