الاثنين، 4 أكتوبر 2021

هموم الكتابة

 

يا عزيزى ما عليك إلا أن تمسك بالقلم وستجد الكلمات تتشكل أمامك ؟ ... نعم تتشكل ؟!

نعم وستنساب كأنها المطر ، عذبة رطبة طرية كحبات الندى ، اول مولدها ، بزوغ فجر أول أيام الأرض ، شروق شمس بدء الخلق ، تخرج كأنها وحى ...

يا صديقى إنى أتكبد العرق فى كتابة جملة واحدة ، أتعثر فى صياغة سطر واحد ، وأنت تقول ذلك ؟

نعم أقول ذلك وأقسم عليه

يا عزيزى ، القلم يعلم شهوته ويمتلك غريزته ، يتحكم فيها ، يرسلها حيث شاء ويضعها حيثما راق له ، لا يعبء بأحد ، لن يلومه أحد إن خرجت كدمية أو خرقة بالية ولا إن تشكلت كلؤلؤ وضاء ، لن يضره إن كتب شجرة ثم أتى عليها بمنشار ، ولا إن بنى بيتا ثم ترك فيه المعاول تهدم ولا إن سطر عمرا ثم أشعل فيه النيران ولا إن أقام قصرا ثم تركه للصعاليك ، كل ما يعنيه ويسعى له هو الكتابة ، الكتابة للكتابة لا لغير ذلك ، هى الغواية ، المعشوقة ، العابدة ، الزاهدة ، الغانية ، القوية ، الضعيفة ، الراضية ، المتسلطة ، هى الأميرة وليدة الغوغاء ، هى الذئب والحمل ، الماء والنار ، هى الصبر والعجلة ، لا يهم فى أى صورة كانت ، أو فى أى هيئة تشكلت ، هى فى كل أحوالها خالدة حتى تفنى الدنيا أو تضيع هباء ، ساحرة ، شبقة تنز من فرجها الشهوة ومن عينها الغواية .

ماذا أكتب ؟

أكتب وطنا ، اكتب حلما ، أكتب حبا ، أكتب صمتا ، اكتب وجعا ، أكتب قهرا ، أكتب ألما ، أكتب فرحا ، اكتب أملا ، أكتب أرضا ، أكتب غضبا ، أكتب سرقة ، أكتب كذبا ...

كلماتى شاقة عليك ! ... حسنا سأعيد الصياغة بشكل أيسر !.

صفحات الجرائد ...تعرفها طبعا ... ما بها ؟

لا أفهم قصدك ...

صفحات تُعدد الانجازات والاخبار واللقاءات والبطولات ، صفحات تنقل الحروب والصدامات ، صفحات لهو وسهرات ، أخبار خفيفة ، غرائب وطرائف ، صفحات تنقل المصائب والحوادث ، صفحات للوفيات ، صفحات تنشر التهانى والمباركات ، صفحات للفضائح والشائعات ، صفحات للرياضة ، صفحات علمية وأدبية ودينية وكلها تحاصرها الاعلانات ...

لو نظرت مليا لجريدة واحدة لوجدت ما بها كل ما قلته لك أنفا أما العبارة الأخيرة فهى كل الصحيفة .

رغم كل ذلك ... لا أجد ما أكتبه !

يا عزيزى أنت واهم ، أكتب عنك ، عن حكاياتك ، حلمك ومخاوفك ، أكتب سرك الذى لا تبوح به ، أكتب ما تخشاه ، لا تقلق لن يعرفه أحد ، الكُتاب يظنهم الناس كذبة مهرة لذا لا يصدقون شيئا مما يقولون ، لذا إن أردت ان تتخلص من أثقال أحمالك فاملأ بها فراغ الصفحات ، ألقها فى الكتابة دفعة واحدة او على دفعات فوق بعضها ، ضعفك تستطيع أن تمقته بين سطورك وأن تصور أنك البطل الذى لم يهزمه أحد وأنك تستطيع تحريك العالم بجرة قلم وأن ديانا كانت لا تشبعك فى سريرك وأن انجلينا جولى تئن تحتك وأنك مللت رسائل كيت وينسليت .

أكتب أنك حاولت تنبيه قطز قبل إن يغدر به بيبرس وأنك اول من اقتحم حصون عكا وأنك من أشرت على صلاح الدين بخطته وأنك الناجى الوحيد من مذبحة القلعة .

أكتب أنك صعدت جبال كليمنجارو وجلست وسط الثلوج تتوهج فى أرض بيضاء ، أكتب أنك نجوت من اكلى لحوم البشر بل وإنك أكلت لحومهم ، أكتب أنك صاحبت الأسد وركبت النمر ونمت تحرسك الذئاب ، أكتب أنك من أطفأت حريق القاهرة وأنك من أشعلت حرائق روما .

أكتب أنك من كتبت التاريخ وأن الجبرتى سرقه وأنك وحدك تعرف تاريخ موته وتتحدى أن يعرفه غيرك ، أكتب أنك حاولت إنقاذ مكتبة بغداد ولم تدرك حريق مكتبة الاسكندرية ، اكتب أن الاسكندر كان بنفذ خططك وأنك من وضعت قواعد الاسكندرية .

أكتب طرقا جديدة وسلالما تصعد بالناس إلى أحلامهم ، أكتب أدوية الأوجاع ووسائل السعادة ومبيدات الفقر وقاتلات المرض وموبقات السحر ، أكتب وردا وزهورا وافرش للناس بساتين الجنة .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

الله الله الله الله ماأروعك كاتبى المفضل الموهوب ....ما أعذب كلماتك فى وصف الكتابه عناء الكتابه وتحكم القلم ....ايه بجد الجمال دا عشان كدا لازم تكتب اكتب عن أى حاجه مجرد الكتابه عنها هتديها طعم ومعنى ولون ....اكتب طرقا جديده وردا وزهور وافرش الناس بساتين الجنة ....حقيقى ما أروعك