الخميس، 6 يناير 2022

لم نعد صغارا " 41 "

 

أسير فى طرقات المدينة وشوارعها شبه الخالية ، بعض باعة الفاكهة على جوانب الطرقات ، سيارات مصطفة يجلس بجوارها سائقوها أشعلوا نارا إلتفوا حولها ، ينفثون الدخان من افواههم وأكواب الشاى بجوارهم يتصاعد منها البخار ، تعلو ضحكاتهم ونكاتهم التى لا تخلو من بذاءة كعادة أحاديث أوقات الصفا ، على اليمين يقف رجل خمسينى أمام عربته اتخذ من مؤخرتها مصدرا لرزقه ، يضع فيها ماكينة يصنع بها القهوة والمشروبات الساخنة وأطباق مغلفة وضع فى كل منها أربع ساندوتشات ، يلتف حوله المارة ، أتخطى الطريق إلى الجانب الأخر وفى منتصف جانبيه يقف بائع فاكهة ، وأمامه فتاة تتفحص مشترواتها ويحاول أن يداعبها كى لا تنتبه لما تفعله ، وعن يساره يقف شيخ عجوز ببعض أقفاص الفاكهة أيضا وفى الجهة الأخرى سيارة أخرى تقدم المشروبات الساخنة وسيارات تصطف بجوارها .

السماء تلمع صافية وقمر يبزغ ضيه يطل على استحياء ونسمات رطبة ، المحال شغلت جانبى الطريق واحتلت أسف البيوت ، ورشة لاصلاح اطارات السيارات ملحق بها معرض لتجارة الدراجات البخارية ، بجواره ورشة للرخام ، معرض للأثاث تتقدمه أرجوحة يعدونها اليوم من الأثاث المنزلى يليهم بقالة تتبعها مقلة للمسليات والمقرمشات ابتاع منهم شيئا لأسرتى ، أواصل سيرى بضع دقائق تقتحم أنفى رائحة المخبوزات الطازجة فدون أن أشعر تقودنى قدماى إلى المخبز أقتنى بعضا من المخبوزات الساخنة  وأنتقل منه الى المحل الملاصق له فأشترى قائمة من المنتجات طلبت منى برسالة على الهاتف وانتهت بعدة اكياس من الفاكهة والخضروات  .

أستيقظ باكرا ، السيارة يغطيها الضباب ، الشوارع خالية سوى من أوراق سقطت تحت الأشجار ، الطرقات باردة ، أشرع النوافذ ، أعد كوبا من الشاى ، أشربه على مهل ، أعيد بعض الأوراق إلى أماكنها ، الشمس أصبحت مبهجة ، أجلس فى الشرفة ، أمسك بيدى كتابا ، الحياة دبت فى المكان ، المحال تعرض بضاعتها ، الأصوات تتداخل ، شركة لتوزيع المواد الغذائية يعمل بها عصبة من الرجال ، أصواتهم دوما فى ارتفاع ، حديثهم كأنه الشجار ، فلافل الخال "ديما ع البال " لافتة تصدرت مقدم مطعم على وشك الافتتاح ، توب ستايلست – مصفف شعر للرجال عادة يفتح أبوابه عند الظهيرة إلا إن هاتفه أحدهم مبكرا ، ورشة لإصلاح وتغيير إطارات وبطاريات السيارات ، مغسلة للملابس ، محال لقطع الغيار ، بقالة مهران ، سيارة يعلو صدوت محركها ، يتصاعد منها دخان كثيف ، ملابس فى الشرفات تداعب أشعة الشمس ، تؤرجحها نسمات الهواء الطرية ، سيارات اصطفت تغفو بجوار بعضها ، فض نعاسها سيارة مرت صوت محركها مزعج كأنه لم يسلم من زكام الشتاء ، محل النظارات مغلق ، محل الزجاج كعادة صاحبه يفتح أبوابه ويتسكع بالجوار ما لم يكن مشغولا فى تقطيع مرأة أو تركيب زجاج لدى أحدهم ، العمارات القريبة نائمة تماما ، يبدو أن العمال الذين يعملون فى تشطيب بعض الشقق فيها تغيبوا اليوم أو غلبهم النوم ، طفل صغير يلهو أمام محلهم ، تركه والده وانصرف بالسيارة ، حارس العمارة صوته مميز ، يتخطى كل الأصوات المتداخلة ، ذو وجه بشوش ، طوال الوقت يقطع الشاره جيئة وذهابا ، يحمل شيئا ، ينظف سيارة ، يكنس القمامة ويجمعها فى أكياس ويلقى بها فى الصندوق القريب ، يساعد سيدة فى توصيل مشترواتها إلى شقتها ، يبدل لأحد السكان أنبوبة الغاز ، يتحدث فى الهاتف ، يجلس برفقة زوجته وأولاده على رصيف العمارة أمام المدخل تلفحهم أشعة الشمس ، هو وأخوه وأبنائهم وأزواج بناتهم يتولون هذه المنطقة ، بدأ الأمر بأكبرهم سنا منذ من يجاوز خمس سنوات ثم ألحق به البقية وكلما كثرت المبانى زاد عددهم وكأنهم نتاجها .

 أتذكر مشكلة ما فأبحث لها عن حل وأرسل استفسارات بشأنها إلى المختصين والزملاء العاملين فى نفس المجال فربما تكون قد صادفتهم مثلى ، أجد بعض الفيديوهات التى تتحدث عن موضوعات قريبة والبعض يجتهد ويرسل إلى حلولا لأجربها فربما قد تفيد ، أقرأ وأستمع وأشاهد وأبحث لأتعلم وأصل إلى الحل المناسب ، يهاتفنى أحد أصدقائى يطلب منى أن أصحبه لمشوار سريع فألبى .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

ما شاء الله كالعاده يا استاذ محمد فعلا ابدعت فى كل تفصيلة وكانك رسام يرسم لوحه متعددة الاحداث كل حدث منفصل يمثل حكايه بأكملها قادر بسهولة السرد انك تخلي القارئ فعلا يعيش الأحداث ...حقيقى موهوب ما شاء الله