الخميس، 13 نوفمبر 2025

عندما تتحول الأنفاس إلى هواء

 

اجعل لحياتك معنى قبل فوات الأوان

هذه هى العبارة التى دونت على الغلاف تحت العنوان الرئيسى للكتاب لكاتبه الطبيب " بول كولانثى "  ، صدر عربيا عن مكتبة جرير .

كان من جميل قدرى أن أقتنى هذا الكتاب فلم أكن على علم مسبق بمحتواه ولا موضوعه فضلا عن مؤلفه ولكنى إقتنيته ثقة فى دار النشر والتوزيع التى قامت بترجمته وتوزيعه فى المنطقة العربية لسابق مطالعتى لكثير من اصداراتها والتى دوما تتصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعا فى العالم منذ سنوات طوال .

من مقدمة  هذا الكتاب وحتى غلافه الخلفى قطعا سيترك فيك هذا الكتاب أثرا لن يمحوه مرور الوقت ، وصدقا ما جاء فى تعليق " أتول جاواندى " على هذا الكتاب " أن من يحتضرون هم أفضل من يمكنهم تعليمنا دروسا عن الحياة " .

يسرد المؤلف شيئا من سيرته الشخصية دون إفراط أو تفريط بلغة سهلة بديعة تدفعك دفعا لمطالعة الكتاب حتى نهايته ، يعرض أمامنا الكاتب حياة عائلته وانتقالهم من مدينة لأخرى ومراحل تعليمه وحرص والديه وخاصة والدته على أن توفر لهم أفضل مستوى ممكن من التعليم ثم عشقه للأدب بجانب عشقه للطب ودراسة كليهما والحصول على الشهادات الأكاديمية فيهما ، اختياره مجال جراحة الأعصاب ثم دراسة علم الأعصاب ، مراحل عمله من طبيب مبتدئ إلى طبيب مقيم ثم إلتحاقه بأفضل مراكز الأبحاث ...

من سعيه لمعرفة ماهية الموت ومنهجه فى أن يجعل الناس تحسن تقبله والتعامل معه ، يصف لنا الكثير من المعاناة فيجعلك تعيش مع أول جراحة  شارك فيها وأخر جراحة قام بها وأول مريض عايش وفاته وأحاديثه مع المرضى والأطباء وذويهم فيجعلك تشعر أنك تعيش مع المرضى وتراهم رأى العين فتارة تغلبك الدموع وتارة يطغى عليك الألم  .

يحدثنا عن أحلامه ثم يباغته المرض فيعلمنا بتطبيق عملى " كان القدوة فيه هو نفسه " كيف تعامل مع المرض وكيف استقبل الموت وهو فى عقده الرابع ..

ثم ترك لنا وراءه هذا الكتاب الماتع والفريد فى لغته وموضوعه فهو طبيب يصف لك المرض وأعراضه وعلاجه وكيف تتعامل معه فلقد عرف المرض منهج نظرى وعايشه عمليا عندما اقتحم جسده  واستمر معه حتى وفاته .

يعلمك هذا الكتاب كيف تجعل لحياتك قيمة وأن تحول كل أنفاسك إلى أثر فإن كان ليس بإمكانك بلوغ الكمال لكن قطعا يمكنك أن تناضل للاقتراب من المثالية قدر استطاعتك .

عاجل الموت الكاتب فانتهى منه قبل أن ينتهى من كتابه فأتمته زوجته " لوسى " وعملت على نشره وطباعته وفقا لوصيته فأبقى لنا أثرا سيحفر فى كل من طالع هذا الكتاب ...

أوصى بقرائته بشدة .



الأربعاء، 15 أكتوبر 2025

ع البحر

 

قدر اليوم أن أبتعد عن العمل وأمنح نفسى فاصلا لإلتقاط أنفاسى بعد كل هذه الأيام التى تمضى كانها سلسلة معقدة لا تكاد تتخطى إحدى حلقاتها حتى ترتطم بالتى تليها ، الأفكار تتوارد كثيرا لكن المكان الذى تستقر فيه يكون هو القدر المكتوب لك ، أصف السيارة لترتاح بعض الوقت بعد أن أنهكها الجرى لما يزيد عن ساعتين قطعت فيهما نحو مائة وخمسين كيلو مترا أو يزيد ، أبتاع ساندوتشات من المطعم بالناصية المواجهة للسيارة ثم أبتاع المياه من التاجر الذى يصف فاتريناته على بعد أمتار قليلة .

يشير إلى أحدهم يقول إن كنت ترغب بالجلوس على البحر فأدخل من هنا وأمشى مباشرة وأختار اى من المظلات التى تغطى المقاعد البيضاء أو الخضراء .

دقائق قليلة تتبقى على أذان الظهر والشاطئ خالى تماما سوى من بضع أشخاص فى أماكن متفرقة ، المياه انسحبت إلى الخلف قليلا فتركت مساحة رطبة ، نسيم البحر يداعب أنفى ، تقترب الموجات مسرعة نحوى ثم تجذبها أخواتها من ظهرها فتمنعها من معانقتى ، أحيانا تجذبها بعنف وأحيانا تبسط يدها على كتفها وأحيانا تقفز فوق عنقها فتخلف الكثير من الزبد كرسائل تشى بما فى جوفها .

على بعد مظلتين وعدة مقاعد  يولينى شابا ظهره تجلس عن يمينه فتاة ألقت برأسها فوق يديها المبسوطتين على المنضدة امامها ، يقبل من مطلع الشمس رجلا يحمل الجوارب تلاه اخر يحمل غزل البنات ثم اقبل فتيان يركبون أحصنة يجرون بها على الشاطئ فربما يستأجرها البعض من الزائرين .

أتناول الطعام ثم أطلب كوبا من الشاى ، أحب الشاى شديد السخونة ولكنه فى هذه المرة كان دافئا فالمسافة بين المقهى الذى تعد فيه المشروبات والمقاعد على الشاطئ كافية أن تنسحب الحرارة من الشاى وإن ضفت إلى المسافة البرودة الناتجة من نسيم البحر لكفى ذلك تفسيرا .

تقبل سيدة منتقبة تجلس على مسافة عدة مظلات عن يسارى ثم تلحقها نسوة أخريات ، أعداد قليلة انضمت إلى الجالسين ولازال المكان خاليا ، كل مظلة تحتها أربعة مقاعد أو يزيد يجلس عليها شخصان فقط إلا من رجل أقبل بصحبة ولديه وامرأته .

السفن تبحر هناك فى منتهى نظرى عند المكان الذى يعانق فيه البحر سحب السماء ،  يلقى البحر ما فى جوفه من الصدف وبعض الأسماك الصغيرة التى حملتها الموجات ثم خلفتها وراءها ورحلت فاستسلمت لحتفها ، تسرع قطة سوداء فتلتقط سمكة وتحملها فى فمها وتجرى فرحة تجلس بها بالقرب من مركب صيد نائم بالجوار وعندما تنتهى من الاستمتاع بإلتهامها تعود مرة أخرى إلى نفس المكان الذى إلتقطت منه السمكة تنتظر أن تطل صاحبات السمكة بحثا عنها فتاخذهم إليها .

بعض الشباب يمارسون رياضة الجرى على الشاطئ والبعض من الأكبر سنا يكتفى بالمشى وكنت من أولئك الذين قضوا بعض الوقت فى المشى يمينا ويسارا أطالع الأمواج وألتقط النسمات وألهو بصوت تكسير الصدف .

العصر يقترب ، أسدد المستحق وأحمل محفظتى وهاتفى وأغادر مقعدى ، أسير فى ذات الطريق الرملى الذى ينتهى بسياج من الأشجار التى تحيط المقهى ومن أمامه مكان انتظار السيارات .


السبت، 13 سبتمبر 2025

صلاة القلق

 

إلى جموع الصامتين الذين شهدوا على كل تاريخ لم يُكتب بعد

بهذا الاهداء بدأ " محمد سمير ندا " روايته البديعة " صلاة القلق والتى فازت عن استحقاق وجدارة بالجائزة العالمية للرواية العربية " البوكر العربية " لعام 2025 .

تتناول الرواية فترة ما بعد نكسة 67 ، تستعرض النكسة بشكل مغاير ، العبث بالوعى ، النفوذ والسلطة ، التلاعب بكل شئ والمتاجرة بكل شئ ، يصحبك صوت حليم مع صفحاتها .

جلسات متتالية كل جلسة يطل فيها وجه جديد وكل يحكى حكايته ويروى ملحمته ، يذكر ما مضى وما يتمنى حدوثه وتتقاطع الطرق وتلتقى ، تتلاعب بك الأحداث فكلما تقدمت للأمام أعادتك للخلف ثانية تبحث معها مجددا .

صحراء قاسية وليل موجعة ظلمته ، شيخ يبحث لنفسه عن كرامه ، وقابلة تحمل الفرح والوجع ، شواهى قبلة الولى والصبى .

سائر بليل يفضح الستر وأخرس شاهد على كل واقعة وطاغية يحكم قبضته ، لا يُعرف من أين قدم ولا ما تخفيه سريرته .

قرية منسية تحكى عشر سنوات قاسية ، شجرة جميز ، ترعة صماء ، جمال هاربة وتمثال يخيف رجال النجع وتنتشى النساء بسيرته .

صرخات وجع ، صرخات تمرد ، صرخات خوف وصرخات حرية ، عشرية قاسية على الجميع فلم يسلم من وجعها أحد ، بدأت بانفجار غامض تلاه دوى هائل صم أذان الأجنة فى الأرحام وانتهت نار تسود المشهد " تخترق ستر الليل وتنعكس لمعتها فى الأحداق فتلفظ المشاعل غضبها حمما بين الزروع ، صلاة قلق قد تكون هى المنجية .



الأربعاء، 10 سبتمبر 2025

التأشيرة " 16 "

 

صلينا المغرب ثم اصطحبت أمى وأخرين لنتوجه إلى الحرم لإتمام المناسك والطواف والسعى ولكن الازدحام الشديد واستغلال السائقون للأمر جعلنا ننتظر الكثير من الوقت حتى أتيح لنا استقلال سيارة بسعر معقول ، نعم يزيد عن عشرة أضعاف السعر الطبيعى لكنه معقول وسط هذا الاستغلال وما عند الله خير وأبقى ، انطلقت بنا السيارة حتى الحرم وكانت الساعة حينها قد تخطت التاسعة مساء .

نخطو الى الحرم ولأول مرة تقر عينى برؤية الكعبة المشرفة ، ارفع يدى الى السماء قائلا " اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا " ، يوجهنا الحراس نحو الدرج ونصعد إلى الطابق الأخير فالازدحام شديد .

على مهل طفنا حول البيت سبعة أشواط وصلينا خلف مقام ابراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وازكى السلام ، شربنا من ماء زمزم حتى ارتوينا ثم بدأنا السعى بين الصفا والمروة وقبل أن ننتهى أذن علينا الفجر فصلينا الفجر وتبعته صلاة جنازة ثم أتممنا مناسكنا .

عندما انتهينا كانت الشمس قد أشرقت والنور قد علا سماء مكه ، أما الشوارع فقد كان يتسابق فيها الناس عند قدوم كل سيارة فربما يوافق سائقها على أن يقلهم إلى مساكنهم ، ولم يكن حظنا بأسعد من غيرنا فقد جرينا يمينا كثيرا وشمالا كثيرا وطلبت من أمى وصحبتها الجلوس على الرصيف حتى نتمكن من إيقاف سيارة بأجر معقول وانقضى بعض الوقت حتى أذن الله بذلك .

فى الطريق لم يكف السائق عن محادثة أصحابه وأخبرنى انهم كونوا مجموعات لمتابعة حركة السير وأى الشوارع أيسر خاصة فى هذا الازدحام ورغم أننا لازلنا فى الصباح إلا أن الازدحام كان شديدا جدا فاستغرقت السيارة بعض الوقت حتى وصلنا ، غادرت انا اولا بالقرب من مسكنى واخبرت أمى أن لا تنزل ثانية وبأننى سأتم عنها رمى الجمرات ، ودعتهم ثم أتمت أمى وصاحبتها وزوجها المسير لدقائق معدودة حتى وصلوا مقر إقامتهم .

الأحد، 7 سبتمبر 2025

التأشيرة " 15 "

 

غادرت المنزل انعطفت ناحية اليسار ثم اليمين حتى وصلت الى الطريق الرئيسى فإذا بازدحام كأنه يوم الحشر فلم أرى مثل هذا الزحام من قبل ، أشرت إلى تاكسى فوقف لى فوجدت سائقه يحمل احدى جنسيات جنوب شرق اسيا كعادة الذين يقودون السيارات هنا فسألته عن الأجر فقال مائتا ريال فتركت السيارة ونزلت لشدة المبالغة فى المبلغ الذى طلبه ، فتحت الخرائط مرة ثانية وقررت أن أذهب إلى أمى سيرا على قدمى فكما تشير الخرائط أن المسافة قريبة وفى كل الأحوال السير أفضل فى هذا الوقت لولا ملاحقات الشرطة والحرارة والرطوبة التى لا تحتمل .

استعنت بالله وقطعت الطريق إلى الجهة المعاكسة وانطلقت سيرا متتبعا أثر الخرائط ، تجنبت أفراد الشرطة فى البداية ثم لم أجد بدا من سؤالهم عن وجهتى ، انعطفت يمينا فسرت فى شارع يأخذ فى الارتفاع شيئا فشيئا ثم منه اتجهت ناحية اليسار الى شارع أخر فى طريق السير فيه كصعود جبل ثم انعطفت منه ناحية اليمين وكان العطش قد بلغ بى مبلغا لا يحتمل فوجدت أحدهم يجلس أمام بيت وبيده زجاجة مياه فطلبت منه شربة ماء فأعطانى الزجاجة وقال لها دعها لك فشكرته وواصلت السير .

انعطفت يمينا حسبما تشير الخرائط ثم مرة أخيرة إلى اليمين فوجدت البيت المنشود ، صعدت الدرج حتى وصلت الشقة التى يفترض أن تقطن بها والدتى ومن معها ، طرقت الباب ففتح لى أحدهم فسألتهم عنها حتى اتأكد أن العنوان صحيح فأسرعوا بالنداء عليها .

ما يزيد عن الشهر لم تقر عينى برؤية امى ولم أسمع صوتها فى الأيام الأخيرة ولم أعرف عنها أى شئ ، كان يقتلنى الخوف عليها مما كنت أسمع أنه يحدث وحدث وعايشته بنفسى من أفعال ، تصاعدت دقات قلبى وأنا أنتظر قدوم أمى وسبقت الدموع عينى ، أقبلت أمى بوجه كالقمر وسكينة ملائكة السماء ينبع من عينيها النور ونظرة حائرة فلم تكن تعلم من الذين أتى سائلا عنها ، حتى رأتنى فترقرت الدموع فاختلطت بأنفاسها  .

عانقتها كثيرا ولم تصدق أمى أننى أمامها فأخبرتها أنى وصلت أمس للتو وتوجهت مباشرة إلى عرفات ولم أقصى عليها شيئا مما حدث معى كى لا تحزن ، أقبل معارفنا الذين كانوا بصحبة أمى من أهل قريتنا فسلمت عليهم وجلسنا سويا ثم اتصلت على أسرتى فى البلد كى يتمكنوا من محادثة أمى والاطمئنان عليها .

السبت، 6 سبتمبر 2025

التأشيرة " 14 "

 

انتهينا من رمى الجمرات وانطلقنا متجهين نحو العزيزية الشمالية حيث المكان الذى استئجرناه مسبقا كى نقيم فيه أيام الحج ، قادنى صاحبى الى المسكن وافترق عنا صاحبينا فقد اتخذوا مسكنا أخر ، الشوارع مزدحمة جدا وسيارات الشرطة فى كل ناصية ، وصلنا البيت وركبنا المصعد الى الطابق الثالث ، فتح صاحبى الغرفة وقال ان تلك الغرفة التى نقيم بها وكنا قد دفعنا لها مقابل الايجار قبل سفرنا بفترة ودفعنا اكثر من الخرين لأن بالغرفة دورة مياه خاصة بنا، خمسة اسرة مغطاة بفرش بيضاء ، تلفاز ، مكيف هواء لا غنى عنه فى هذه البقعة أبدا ولا تقوى على إيقافه ولو لدقائق من ليل أو نهار وتساعده المراوح ايضا .

وضعت حقيبتى وألقيت بجسدى على السرير بملابس الاحرام فلم أحلق شعرى بعد حتى أستطيع التحلل من إحرامى ، تواصلت مع أسرتى وهنأتهم بالعيد وسألتهم عن أمى وأخبرتهم أنى سأحاول اليوم الوصول إليها مهما كلف الأمر ثم استسلمت للنوم حتى خارت قوايا وغرقت كليا   .

ساعات قضيتها فى النوم وعندما استيقظت وجدت الغرفة امتلأت ، عرفنى أصحابى على الأشخاص الأخرين ثم تناولنا بعض الطعام ، توضأت وصليت ونزلت الى الشارع بحثا عن حلاق كى أحلق شعرى حتى أستطيع التحلل من إحرامى ، تجولت فى عدة شوارع محيطة إلى أن وجدت أحدهم وكان يقف أمامه الكثير من الحجاج فى انتظار دورهم وغيرهم انتهوا منه فخرج ورأسه مخضبة بالدماء من فعل موسى الحلاقة ، شاب يجلس على كرسى أمام المحل يحصل الأجر ويعطيك ورقة صغيرة مدون عليه رقمك ، محل صغير يعمل به ثلاثة من الهنود أو من الجنسيات القريبة منهم ، يجلس المنتظرون فى الخلف ممن سمح لهم بالدخول كى يتقدموا للحلاقة ، يصطفون على مقعد صغير ، أشار لى أحد الحلاقين فتقدمت ودقائق قليلة كان قد انتهى منى ، خرجت حامدا الله أن رأسى لم تخضبه الدماء مثل الذين سبقونى ، انعطفت ناحية اليمين ثم يمين أخر حتى وصلت البيت الذى نسكن فيه ثم صعدت إلى الطابق الثالث ودخلت إلى الشقة التى بها غرفة إقامتى ، جهزت ملابسى ودخلت إلى الحمام فاغتسلت ثم خرجت فصليت العصر وأخبرتهم أنى سأبحث عن أمى .

هاتفت الرجل المسئول عن سفر والدتى والمرافق لفوجها وطلبت منه أن يرسل لى الموقع الذى يقيمون فيه وفتحته على خرائط جوجل فوجدته لا يبعد عنى كثيرا .

السبت، 31 مايو 2025

التأشيرة " 13 "

غربت شمس يوم عرفة وانطلق الساعون نحو مزدلفة لأداء صلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا ، أتكئ على صاحبى يدعم أحدنا الأخر ، بلغ منى التعب مبلغه ، اللسان لا يكف عن الذكروالتلبية والعين لا تجف من الدمع والقلب يغمره الشكر والعقل مهموم على والدتى .

الكل يخطو نحو مزدلفة وكأننا فى يوم الحشر والناس ملتحفون بإحرامهم متجهون إلى محشرهم ، المسافة بين عرفات ومزدلفة في حدود سبعة كيلومترات ، كيف لأمى أن تمشى هذه المسافة ؟، أدعوا لو أن حافلة حملتها مع ركابها هى وصاحباتها ، توزع بعض العصائر والمياه والمأكولات ، يحضر لنا صاحبى منها ، الإعياء يغلبنى ، نجلس بجوار جذع شجرة ، نأكل ونرتاح قليلا ثم نواصل السير .

نصل إلى مزدلفة فنبدأ بالصلاة ثم نهاتف أصحابنا ونبحث عن مكان جلوسهم حتى نلحق بهم ، نجلس سويا جزءا من الليل ثم ننطلق لنقترب من مسجد المشعر الحرام ، نبيت الليلة فى مزدلفة ، الزحام شديد وافترقنا عن بعضنا بسبب التدافع ، الكل يفترش الأرض ولا موضع لقدم ، هنا تماما كيوم الحشر ، لا تعرف من الأمير ومن الغفير ، لا تعرف من الغنى ومن الفقير ، وقطعا أتكلم عن الذين يسعون ويسيرون معنا ويجلسون بالقرب منا بخلاف الذين خصصت لهم أماكن وخيام مكيفة وأعدت لهم وسائد وفرش يتكئون عليها .

وجدت وصاحبى مكانا جلسنا فيه بجانب سور من السلك وأمامنا مباشرة منافذ المياه التى لا تخلو من أحد يشرب أو أحد يتطهر ، والمياه يندفع تحتنا ونحن جلوس ولكن لا مكان أخر نذهب إليه ، نقضى الوقت حتى يقترب الفجر فنجمع الحصى ثم ننطلق لمسجد المشعر الحرام لندرك الفجر فى أول وقته وهناك كان الزحام أشد فلم نستطع دخول المسجد أو حتى الاقتراب أكثر فانضممنا لصفوف المصلين بالخارج فصلينا ثم دعونا الله ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) .

نجمع حقائبنا ونبحث عن صاحبينا وننطلق نحو مشعر منى لرمى جمرة العقبة الكبرى ، الجنود يرشدون الحجاج للطريق ويطلبون منهم أن يشملهم الدعاء ويرطبون بالماء أجسادنا ورؤوسنا .

سبع حصيات نرمى بها الشيطان فنكبر وندعو مع مرى كل حصاة ونقول "  اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا،  بسم الله والله أكبر رجمًا للشيطان ورضا للرحمن ، اللهم اجعله حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر" . 

الأربعاء، 8 يناير 2025

التاشيرة " 12 "

 

بحثت عن مرافقى وعمته فلم أجدهم وكيف لى أن أجدهم فى وسط كل هذه الأفواج ، أخذت أسير بين الجموع التى أقبلت من كل حدب وصوب تلبى أذان الحج ثم ركنت خلف حافلة ووضعت حقيبتى وجلست ، تناولت بسكوتا وتبعته بعلبة من العصير ، أرتحت بعض الوقت ثم قمت مجددا لأبحث عن أمى .

سألت ضابطا كيف أصل إلى مسجد نمرة فأخبرنى ، فعدت إلى الجهة الأخرى كما قال وأخذت أبحث عن طريق الوصول إلى المسجد حتى وصلت ، كان الجميع يستعد لغروب شمس يوم عرفة ، الأعمدة تقذف بالمياه فوق رؤوس الملبين فترطب شيئا من حرارة الشمس التى يبدو أنها استعدت بكل قسوتها لهذا اليوم وكل فى حاله مشغول .

أسير ناحية المسجد ، أمامه وجدت تجمعا من الناس يبكون حول جسد مغطى فانخلع قلبى فزعا ، أخذت أقلب فى الوجوه بفزع ودوع عينى تسبقنى ، أبحث فى كل وجه عسى أن أجد أحدا أعرفه ، ثم سمعت كلاما أنها كانت تحدث ابنها على الهاتف للتو ، اقتربت من الجسد المغطى وسألت صاحباتها فعرفت هويتها ، خلفتهم ورائى ودخلت إلى صحن المسجد .

أخذت أدور على الصفوف بالمسجد صفا صفا ، أذهب هنا وهناك ، حتى وقفت على رؤوس النيام ، أحاول أن ألتقط بعينى أحدا من بلدتنا أسأله عنهم ، ظللت أبحث وأبحث حتى وصلت إلى الجهة الأخرى من المسجد ووجدت الناس يتجمعون أمام المسجد فى تجمع ضخم ، تسللت من بينهم بصعوبة حتى وقفت فى مكان مرتفع فى المؤخرة أطالع الوجوه عسى أن تلتقى الأعين .

حلقى غلبنى وجف كعادته معى فى هذه الرحلة فلم أقوى حتى على النطق ، بالإشارة طلبت ماء من احدى السيدات ففزعت من عدم قدرتى على النطق وأعطتنى الزجاجة وعندما هممت لأعيدها لها ورفضت وطلبت منى الاحتفاظ بها ، بدأ الجميع فى مغادرة عرفات فجلست أرتاح قليلا فقد غلبنى الإعياء .

 جاءنى اتصال من صديق لى كنا قد رتبنا للاقامة معا ولكنه سبقنى وسافر قبلى بفترة وعانى كثيرا أيضا فى محاولات التخفى من الشرطة والانتقال من مكان إلى مكان حتى يسر الله له الأمر ، أخبرنى أنه أمام مسجد نمرة واتفقنا أن ينتظرنى فى المكان الذى يقف فيه وأنا سأحاول الوصول إليه وكانت معاناة شديدة فى تخطى الصفوف والسير بين الجموع المتجهة إلى ناحية أخرى وبعد سعى وبحث وصلت إليه ، شعرت براحة غريبة وتعانقنا كثيرا حتى بكت عينى ، قال لى أجلس ، أعطانى تفاحة وماء وعصير ، سألته عن أصحابنا الأخرين فقال أننا سنلتقى بهم بعد قليل  .

السبت، 4 يناير 2025

التأشيرة " 11 "

 

على جانب وقفنا وخلعنا ملابسنا واستبدلناها بملابس الاحرام وانطلقنا ندفع الكرسى المتحرك مجددا رافعين أصواتنا بالتلبية ، وجدنا الكثير يوزعون المياه على أفواج الحجيج والبعض كان يوزع فاكهة والبعض كان يوزع وجبات والبعض يوزع مثلجات .

الطريق طويل من العزيزية الى عرفات ، الشمس قاسية والرصيف شديد السخونة ، العرق يكوى جباهنا ويصب الملح فى العيون ، لبيك اللهم لبيك ، القلب من فرط فرحه لا يكاد يصدق ، الحافلات تمر مسرعة تحمل أفواج الحجيج والكثير منها تتقدمها سيارات الشرطة ، الشرطة أعدت الكثير من الأكمنة على طول الطريق لكنهم رغم أنهم كانوا يحاولون ردنا كثيرا إلا انهم فى النهاية كانوا يتركوننا نمر ، مرات ومرات يحاولون إيقافنا ونحن نسألهم بالله أن يتركوننا نتم مناسكنا فلا يدرى أحدنا إن كان سيقدر له العمروالمال والوقت والصحة والجهد حتى يدرك الحج مرة أخرى أم لا ، يتشاغلون عنا فنمر مسرعين ، نحاول التودد فنسألهم عن المسافة المتبقية حتى نبلغ عرفة فيقولون أمامكم ، مكبرات الصوت تحذر من الاقتراب ، نطلب منهم بعض الماء ، ارجعوا من حيث جئتم فلن نترك احدا يمر ، تسرع خلفنا امرأة فأبطئ حتى تلحق بنا ، أعطيها زجاجة ماء وتواصل السير معنا ، لسانها لا يكف عن الدعاء ، لبيك لا شريك لك لبيك ، جئناك بضعفنا وانكسارنا ، جئناك وقد أثقلتنا الذنوب وأهلكتنا الخطايا ، جئناك نطمع فى كرمك ورحمتك وعفوك ، جئناك فلا رب لنا سواك ولا ملجأ لنا إلاك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، حبيبى يا رسول الله كنت تحيا هنا ، كنت تمشى هنا ، كانت قدماك الشريفتان تخطوان هنا ، هنا ارتفع بصرك إلى السماء ومن هنا صعدت دعواتك ، أبونا أدم وأمنا حواء وخطوات حتى اللقاء ، ما أطيب أرضك يا مكه وما أبهى سماؤك ، وما أعطر ريحك ، لولا غلظة فى أخلاق قاطنيك .

أشعر ببعض الإعياء ، أطلب من مرافقى أن يدفع الكرسى المتحرك بدلا عنى ، أجفف عرقى وأشرب بعض الماء ، أسترجع منه الكرسى ثانية ، نواصل السير ، يظهر كوبرى على اليسار وفى الأفق يمينا يظهر مسجد ، نسأل على المسافة المتبقية فتكون الاجابة واصلوا السير أوشكتم على الوصول ، ربنا يتقبل يا حاج ، بعض افراد تأمين طرق المشاعر يلقون المياه على أفواج الحجيج لترطيب الحرارة بعض الشئ ، نواصل التضرع والتلبية ، تمر أتوبيسات فاخرة تسبقها سيارات الشرطة للتأمين ، نفسحهم لهم الطريق ، يطمئننى مرافقى أنهم لن يمنعونا وسيتركوننا نمر إلى عرفات ، أوشكنا على الوصول ، رياح شديدة تفاجئنا ، حملت معها أتربة منعت الرؤية تماما ، جلسنا على الأرصفة ووضعنا أيدينا فوق رؤوسنا وأغلقنا عيوننا بعض الدقائق حتى انتهت تلك الزوبعة ثم واصلنا السير ، وجدنا على اليمين جثة مغطاة فوقفنا فأشار إلينا الشرطى أن تحركوا ، ثم وجدنا جثة أخرى يحيطها البعض .

عبرنا منطقة رملية وتخطيناها الى الناحية الأخرى والأن نحن على بوابات عرفات ، أسوار شائكة أمامها مولدات ضخمة ، ساعدت شيخا على النهوض ، واصلنا السير ثم إلتفتنا يسارا وعبرنا البوابات وإلتفتنا نبحث عن لافتة بداية عرفات حتى نتخطاها لنكون دخلنا منطقة المشاعر فعليا فوجدناها بعد مسافة صغيرة .

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللّهم إنّي أسألك إيماناً دائماً، وأسألك علماً نافعاً، وأسألك يقيناً صادقاً، وأسألك ديناً قيّماً، وأسألك العافية من كلّ بَليّة، وأسألك تمام العافية، وأسألك دوام العافية، وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس.

سرنا إلى داخل عرفات بين الحافلات على الجانبين وأفواج الحجاج ، على جانب وقف مرافقى وعمته للاستراحة قليلا وبحثت عن منطقة جانبية لأصلى فيها العصر ، هاتفت أسرتى وأخبرتهم أنى دخلت الى مشعر عرفات بفضل الله وكرمه وسألتهم عن أى معلومات يعرفونها عن مكان تواجد والدتى ورفقائها فقالوا أن أخر معلومة عندهم أنهم يجلسون فى مسجد نمرة .

الأربعاء، 1 يناير 2025

التأشيرة " 10 "

 

صعدت إلى غرفتى مجددا وزلفت إلى الحمام ونزعت عنى ثيابى ، فتحت الماء على جسدى فينزل متعجلا يصهركل تلك الأوجاع والمشاق التى عشتها فى تلك الليالى ، صليت الصلوات التى فاتتنى ، فتحت التلفاز فإذا بالحجيج تتدفق أفواجهم ، راسلت أسرتى ومقربين منى لأطمئنهم على حالى ، تناولت شيئا من الطعام وعبوة من العصير ، توجهت إلى الله متضرعا لعله يقبلنى وييسر لى إدراك عرفه ، غلبنى النوم ثم أفقت بعد نحو ساعتين على صوت الهاتف ، يخبرنى صديق الذى قال أنه سيبحث عن احد معارفه يبحث له عن سبيل للدخول واخبرنى أنه بالفعل دخل مكه الأن وهو فى طريقه إلى عرفات فى أفواج الحجيج المتوجهة نحو المشاعر ، أخبرنى أنه حاول التواصل معى لكنه اتصالاته لم تفلح ، أعطانى رقم السائق الذى اصطحبه فاتصلت عليه فلم يجب ، انتظرت حتى صليت الفجر ثم اتصلت عليه ثانية فلم يجب ، نزلت وأخذت سيارة اجرة وتوجهت إلى تلك المنطقة التى ركبنا منها سابقا ، بحثت عن أى سيارة تقلنى إلى مكة فلم أجد ، عدت مجددا إلى الفندق وطلبت المفتاح من موظف الاستقبال ، صعدت إلى الغرفة واستلقيت مجددا ، ظللت أكرر الاتصال على رقم السائق حتى أجابنى فأخبرته بمكانى واتفقت معه فكل سيصل فى غضون دقائق ، نزلت إلى الأسفل وانتظرته فى مقدمة الفندق وكان هناك الكثير من الأشخاص يبحثون عن سيارة تقلهم إلى مكة ، اتفق مع بعض الأشخاص فأتم حمولة السيارة وأعطى رقمه للبعض كى يتواصل معه فيعود إليه ليقله أو يرسل إليه سيارة أخرى .

كان السائق سودانى يرتدى جلبابا أبيضا ونظارة سوداء ، استدار بنا وانطلق فى طريقه ، لم يكف هاتفه عن المكالمات أكثر الوقت الذى قضيناه فى الطريق ، يرشد أحدهم إلى طريق بعيد عن الأكمنة أو يرتب مواعيد أو يعقد اتفاقات ، دخل بنا يمينا إلى محطة للتزود بالوقود ونزل من السيارة وصفها أمام محل تجارى ، انتظرنا فى تلك المحطة ساعة أو يزيد وهو يخرج من هنا لهناك ولا ينزل سماعة التليفون عن أذنه ، لاحقا قدم إليه أحد الأشخاص ، تحدثا سويا بعض الوقت ثم عاد إلى السيارة ، استدار بنا إلى منطقة التنظيف فى محطة الوقود و طلب من العمال أن يغرقوا السيارة بالمنظف ويتبعوه بالماء ووصاهم بعدم تجفيف السيارة ، تسرب بعض الماء إلى داخل السيارة فبدى الضيق على بعض الركاب .

تحرك بنا مغادرا المحطة وتبعتنا السيارة الأخرى التى لحقتنا إلى المحطة السابقة وواصل السائق الاتصالات التى يجريها يستطلع من خلالها الأكمنة على الطريق والطرق الجانبيه التى قد نضطر إلى اللجوء إليها ، واصل السير ثم أتاه اتصالا فأنحدر فجأة ناحية اليمين حتى وصل بنا إلى مسجد فأنزلنا عنده وطلب منا الدخول والانتظار فى المسجد حتى يعود إلينا مجددا .

دخلنا إلى المسجد وصلينا الظهر ، ارتبت عندما وجدت أحدهم يلتفت ويمسك بهاتفه فتذكرت خادم المسجد الذى أبلغ عنا سابقا فحملت حذائى وغادرت المسجد وأوصيت رفاقى أن يفعلوا المثل وعندما رجع السائق غضب من ذلك لأنه خشى أن ترانا سيارات الشرطة التى تمر بالقرب .

طلب من المجموعة التى كانت بالسيارات الأخرى البقاء فى المسجد وركبنا معه مجددا وانطلق بنا فى طريق رملى وسط مجموعة من المساحات المحاطة بسياج من أغصان متشابكة وبعضها مسورة ، وطوال الطريق لم يفارقه الهاتف وكانت سرعته تتغير حسب ما يقال له من الذى يحدثه عبر الهاتف ، حتى أنه تعجل فخسر مرأة السيارة عندما اصطدم بسيارة نقل زاحمته على المكان المخصص للتخطى إلى الطريق الأخر ثم زلف فجأة يمينا سالكا الطريق الرئيسى وبعد مسافة انحدر بنا ناحية اليمين إلى منطقة جبلية بها الكثير من الحشائش والصخور والأشجار ، وفى منطقة آمنة أوقف السيارة وطلب منا النزول واصطحبنا سيرا على الأقدام فى هذه المنطقة حتى وصل بنا إلى جهة أخرى وهناك طلب منا الجلوس وعدم رفع رؤوسنا أو الخروج نهائيا حتى يعود إلينا بسيارته وأتفقنا على أسلوب محدد لتنبيه السيارة كى نعرف أنه هو فنخرج له .

مر علينا العديد من الأشخاص ونحن جالسين ننتظر ، وجدنا أشخاص ينادون مكه ، لمن يبحثون عن وسيلة للوصول ، بعد قليل أقبل السائق فأطلق تنبيه السيارة بالطريقة التى اتفقنا عليها فخرجنا إليه ، ركبنا مجددا السيارة وانطلق بنا مسرعا وها نحن نسير فى طرقات مكة وشوارعها ، طلب منا سداد المبلغ الذى اتفقنا عليه فأخبرناه أن اتفاقنا أن يصل بنا الى الطريق المتجه إلى عرفات فأخبرنا أنه سيرتب لنا ذلك مع سائق أخر ، بالفعل وصلنا وطلب منا الانتظار حتى يرتب لنا سيارة أخرى تنقلنا إلى حيث تبدأ رحلتنا سيرا على الأقدام ، اتفق مع سائق أخر وانتقلنا إلى السيارة الأخرى ، طلبت من السائق أن يقف عند اى محل نستطيع منه شراء إحرامات وتوقفنا عند أكثر من مكان حتى استطعنا شراء الاحرامات واشتريت حذاء .

عدنا مجددا إلى السيارة التى أقلتنا حتى وصلت بنا إلى مطلع الطريق الموصل إلى عرفات فقال السائق أنه لن يستطيع أن يخطو أى خطوة أخرى حتى لا يتم القبض عليه ، شكرناه ونزلنا نحمل حقائبنا وأيات الفرح تشرق على وجوههنا فقد اقترب حلمنا أن يتحقق وكتب لدعواتنا أن تستجاب .

كان بصحبتى شاب يصحب عمته ويرافقنا شيخ ستينى ظننته قريب لهم ولم أعرف أنه ليس معهم إلا عندما نزلنا من السيارة ووجدته سلك الطريق وحده دون أن ينتظر أحد ، كان الشاب قد أحضر معه كرسى متحرك ليجلس عمته عليه ويدفعه بها طوال الطريق فأرشدنى الله إلى البقاء برفقتهم أساعده ونتبدل سويا فى دفع الكرسى فالمسافة طويلة وربما يكون ذلك العمل هو سبب التيسير لنا فى بلوغ عرفات .