قديما قال المنفلوطي: "الانتحار منتهى ما تصل إليه النفس من الجبن والخور، وما يصل إليه العقل من الاضطراب والخبل، وأحسب أن الإنسان لا يقدم على الانتحار، وفي رأسه ذرة من العقل والشعور".
بهذه الكلمات احببت ان ابدأ حديثى اليوم وانا على ابواب استعراض العلاج لما قمت بعرضه على حضراتكم فى المناقشات السابقة فيما يخص الانتحار فعلى الله اتوكل وبه استعين وابدأ سرد العلاج الذى تم تجميعه من مواقع وكتب ومقالات كثيرة ومتنوعة .
العلاج بين النفسي والقانوني
أشار "د.براين ميشارا" إلى إمكانية خفض معدلات الانتحار إذا حدَّت الدول من إمكانية الوصول إلى المبيدات الحشرية والأسلحة النارية والأدوية المخدرة والسامة، وحَسَنَت أسلوب التعامل مع الأشخاص المصابين بالاكتئاب وإدمان الكحوليات وفصام الشخصية، نظراً لأن ثلث حالات الانتحار في شتى أنحاء العالم تنجم عن تعاطي مبيدات حشرية.
وحول الوسائل القانونية الرادعة أوضح "د.براين" إلى أن احتمال سعي الناس الذين يعيشون في دول تحظر الانتحار قانونياً؛ مثل سنغافورة ولبنان والهند، إلى طلب المساعدة يقل إذا تملكتهم أفكار انتحارية، خشية احتمال أن تعاقبهم الحكومة.
وبعد عام من الشكوك التي حامت حول دور أدوية الاكتئاب في زيادة خطورة ارتكاب محاولات الانتحار، صدرت دراسة جديدة تظهر أن جلسات العلاج النفسي بالمحادثة المتبادلة مع المريض توفر أكبر ضمانة وأفضل فرصة لإنقاذ حياة من هم على درجة عالية من خطورة الإقدام الجدي على التخلص من حياتهم.
ويلغي هذا النوع من العلاج خطورة محاولات الانتحار بمقدار 50% لدى المرضى المصنفين بأن لديهم رغبة عالية في الانتحار، الذين يتناولون أدوية لعلاج الاكتئاب..
وتعد الدراسة التي نشرت في العدد الثالث أغسطس 2006م من مجلة (رابطة الطب الباطني الأمريكية)، أكبر دراسة وأدق فحص لاختبار جدوى هذه الوسيلة من وسائل العلاج النفسي بين مجموعة الناس الذين تمثل محاولاتهم التخلص من الحياة أمراً جادا،ً لدرجة وصولهم بالنتيجة إلى المستشفى، على حد قول الخبراء.
وكان من عادة الدراسات النفسية حول الاكتئاب أن تستثني هذه المجموعة من الناس، وجانب من السبب في هذا يتمثل في أنهم يمثلون مجموعة من المرضى الأكثر عرضة لقتل أنفسهم، فالنسبة تتراوح لديهم بين 30 إلى 40 مرة، مقارنة بمن لم يعمدوا إلى القيام بمحاولات جادة في الانتحار من مرضى الاكتئاب.
وعلق على الأمر "ستيفن هولون" أستاذ الصحة النفسية بجامعة فاندربلت، وهو ممن لم يشاركوا في الدراسة بقوله: "بالإمكان إلغاء نصف محاولات الانتحار بين هؤلاء الناس، عبر ما يتراوح بين 8 إلى 10 جلسات من العلاج، وأضاف: هؤلاء هم الناس الذين لم تشملهم 90% من الدراسات التي تمت".
دراسات أخرى أجريت في السنوات الأخيرة أظهرت أيضاً أن هناك علاقة بين الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب المعروف بالأيدز وارتفاع معدلات الانتحار، إذ بينت إحدى تلك الدراسات ان المصابين بهذا المرض يقدمون على الانتحار بمعدل يفوق ثمانية أضعاف الناس العاديين.
خطوات العلاج كما راها العلماء
تؤكد الدراسات على أن نسبة الانتحار زادت كثيراً في الخمسين سنة الماضية، ولا يخفى علينا أن هذه الزيادة ربما تكون بسبب زيادة نسبة الإلحاد في الخمسين سنة الماضية. وأكدت دراسات أخرى على أن الدول التي تضع قوانين صارمة تعاقب فيها من يحاول أن يقتل نفسه أو من يساعده على ذلك، هذه الدول كانت نسبة الانتحار فيها أقل، أما الدول التي لا تضع قوانين صارمة تعاقب من يحاول الانتحار مثل السويد والدانمرك بحجة "حرية التعبير" فكانت تتمتع بأعلى نسبة انتحار.
من هنا تؤكد الدراسات على أنه من الضروري لعلاج ظاهرة الانتحار لابد من التحذير منها ووضع عقوبة رادعة لها. إذاً هناك ثلاث خطوات تنصح بها الدراسة لعلاج هذه الظاهرة التي تقول فيها الأمم المتحدة أن عام 2020 سيكون عدد المنتحرين مليون ونصف، وأن 15-30 مليون شخص سيحاولون الانتحار في عام واحد فقط، أي بمعدل جريمة انتحار واحدة كل 20 ثانية، وبمعدل محاولة انتحار كل ثانية أو ثانيتين!! وهذا عدد ضخم جداً وغير مسبوق، لذلك يؤكدون في علاجهم لهذه الظاهرة على أهمية اتخاذ هذه الخطوات:
أولا - التحذير من الإقدام على مثل هذا العمل
ثانيا -الاهتمام بمن لديهم ميول انتحارية ومحاولة إعطائهم شيئاً من الأمل وعلاج اليأس لديهم، ومنحهم شيئاً من الرحمة والعطف
ثالثا -وضع عقوبات صارمة لمن يحاول الانتحار
أما فيما يتعلق بالعلاج كما حددته الشرائع السماوية
فهذا رأى الديانة المسيحية
في أغلب المذاهب المسيحية يعتبر الانتحار ذنبا استناداً إلى كتابات المفكرين المسيحيين المؤثرين من العصور الوسطى مثل القديس أوغسطينوس والقديس توما الأكويني، ولم يعتبر الانتحار ذنب تحت الرمز البيزنطي المسيحي لجستنيان الأول. حيث يحرم الانجيل الانتحار.
وعند اليهود
كانوا إذا اقترفوا ذنبا لكى يتوبوا منه عليهم قتل انفسهم ثم نهوا عن ذلك بعد ذلك .
وأما فى الاسلام فإن المناعة الايمانية علاج ربانى لحدوث هذا وأوضح فأقول
بتحليل الأرقام والبيانات التى سبق الاشارة اليها فإنه لا يملك المرء إلا التمسك بدينه وقيمه، عندما يفكر المرء في أن معدلات الانتحار الرسمية في العديد من البلدان الإسلامية أقل بكثير من مثيلاتها في البلدان ذات الأغلبية غير المسلمة.
وتثير قضية مكافحة الانتحار العديد من الخلافات الاجتماعية، فالسياسيون وخبراء الصحة يتساءلون ما إذا كان ينبغي على الحكومات أن تتدخل في القرار الشخصي الذي يتخذه المرء لوضع حد لحياته، لكن بيرتولوتي لا يعتقد ذلك، منوهاً إلى أن الدراسات تظهر أن 96% من الذين حاولوا الانتحار كانوا يعانون من قدرات عقلية منخفضة أو مشوشة إلى حد كبير.
ويرى الخبراء أن توفير طواقم من الخبراء والاختصاصيين لا يكفي لحل هذه المشكلة، بل لابد من أن يعمل جميع الناس جنباً إلى جنب لتقليل عدد الأشخاص الذين يحاولون قتل أنفسهم والتخفيف من السلوكيات المؤذية في المجتمع
قوة التعاليم الإسلامية
تؤكد الدراسات العلمية على أن للتعاليم الدينية دور كبير في خفض نسبة الانتحار، وأن هذه التعاليم أقوى ما يمكن في الإسلام! ربما ندرك يا إخوتي لماذا حذر نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم من الانتحار في قوله )من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبداً) رواه البخاري ومسلم
إنه أخطر تحذير على الإطلاق عرفته البشرية!! فهل هذا النبي يدعو للقتل والإرهاب؟ أم أنه حافظ على حياة أمته وأتباعه بهذا الحديث الشريف؟ ومن إعجاز هذا الحديث أنه شمل الحالات الأساسية التي تشكل أكثر من 90 % من حالات الانتحار.
فلو تأملنا إحصائيات الأمم المتحدة نلاحظ أن معظم نسب الانتحار يكون بمسدس أو سكين، وهو ما أشار إليه الحديث بكلمة (من قتل نفسه بحديدة)، السبب الثاني هو تجرع سم أو استنشاق غاز أو أخذ حبوب مخدرة، أي طريقة كيميائية وهو ما أشار إليه الحديث بقوله: (ومن شرب سمًا)، والسبب الثالث هو القفز من على جسر أو من أعلى بناء أي أن يرمي نفسه من مكان مرتفع وهو ما أشار إليه الحديث بقوله (ومن تردى من جبل)، انظروا كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغفل عن مثل هذه الظاهرة فوضع العلاج المناسب والقوي لها مسبقاً
إن الانتحار قرار بالاستقالة من الحياة كلها، وانسحاب من الدنيا على اتساعها، وضيق بالدنيا وأهلها، ولئن حرم الإسلام الانتحار فإنه مع ذلك حرم الأسباب المفضية إليه، فقد كره النبي صلى الله عليه وسلم للمرء مجرد أن يتمنى الخلاص من الحياة، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" متفق عليه.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التبرم من الحياة وتمني الخلاص من الدنيا سيكثر في آخر الزمان، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه" وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فها هي معدلات عمليات الانتحار في زيادة مطردة.
في سنن أبي داود أن عمرو بن العاص رضي الله عنه تيمم في يوم شديد البرد ولم يغتسل، وذلك في غزوة ذات السلاسل وصلى بالناس، وبلغ ذلك رسول الله، فسأله، فقال: يا رسول الله إن الله يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم".
وأيضا ورد فى السنة المطهرة فى غير موضع ما يلى :-
1- روى الشيخان من حديث جندب البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان ممن كان قبلكم رجل به جرح فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة).
2-روى الشيخان من حديث أبي هريرة قال: (شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل قتالا شديدا فأصابه جراح، فقيل: يا رسول الله الذي قلت آنفا إنه من أهل النار قد قاتل قتالا شديدا وقد مات، فقال صلى الله عليه وسلم: إلى النار، فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل له: إنه لم يمت ولكن به جراحة شديدة فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فأخذ ذباب سيفه فتحامل عليه فقتل نفسه، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله ثم أمر بلالا فنادى في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله تعالى ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر).
والأحاديث فيها ترهيب مخيف، ووعيد شديد في قتل النفس حتى لو كان فاعل ذلك مجاهدا في سبيل الله.
الخطوات العلاجية كما وضعها القرآن الكريم
عند مراجعتنا للخطوات التى وضعتها الشريعة الاسلامية لعلاج هذه القضية تجدها تتفق تماما مع الخطوات التى أوصى بها العلماء فى العصر الحديث وهذا من الإعجاز العلمى فى كتاب ربنا وسنة نبينا عليه افضل الصلاة والسلام
يقول تعالى)وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) [النساء: 29-30]. فقد وضع الله في هذه الآية الخطوات العلاجية الثلاث بكل دقة وموضوعية:
أولا - التحذير من الانتحار في قوله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم )
ثانيا -العلاج النفسي لليأس الذي يعاني منه المنتحر بنداء مفعم بالرحمة الإلهية من خلال قوله تعالى ( إن الله كان بكم رحيما )
ثالثا - وضع العقوبة الرادعة والصارمة جداً من خلال قوله تعالى
(فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا)
وهذا ما ساهم في تخفيف نسب الانتحار في الدول الإسلامية إلى الحد الأدنى (أقل من 1 بالألف)، وهذا كلام أثبته العلماء فقال
الدكتور جوس مانويل والباحثة أليساندرا فليشمان في بحثهما وبالحرف الواحد
ان نسبة الانتحار فى الدول الاسلامية (بخلاف كل الدول الاخرى ) تكاد تقترب من الصفر (أقل من واحد بالالف ) وسبب ذلك ان الدين الاسلامى يحرم الانتحار بشدة.
وفى ختام المناقشة أقول ينبغى على الدول والحكومات السعى الى القضاء على الاسباب المؤدية لانتشار هذه الظاهرة بين افراد شعوبها كما أقول لكل إنسان إن التخلص من الحياة ليس أبدا هو الحل لتجاوز المشاكل والأزمات ولكن لكل مشكلة حل فقط أستعن بالله وابدأ فى مواجهة مشاكلك وفكر فى كيفية التعامل معها واسأل الله العون على تجاوزها فإن نفسك امانة فاحرص على أن لا تضيع ما أئتمنك الله عليه .
كانت كلماتى محاولة بسيطة اردت من خلالها أن أهديكم حياة فأبواب الامل والحياة مفتوحة أمام الجميع تنتظر فقط من يطرقها فبادروا الى فعل ذلك .
اسال الله ان يكون هذا الطرح خطوة فى طريق القضاء على هذه الظاهرة وأن يتقبله منى خالصا لوجه الكريم وان يعفو عما جاء به من اخطاء سهوا وتقصيرا .