الخميس، 23 سبتمبر 2021

لم نعد صغارا "39 "

 

أضواء السيارات فى الناحية الأخرى من الطريق تؤذى عينى ، لا أعلم لما لا يرفعون الحاجز بين الطريقين لمسافة تكفى ابعاد تلك الأضواء حتى لا يتضرر قائدى السيارات ليلا ، الظلام أقام جدرانا سوداء مصمتة ، مناطق العمل فى الطريق تفاجئك والاشارات التى تدل عليها ملقاة على جانبى الطريق ، ربما اصطدم بها أحدهم كان يعانى ما أعانيه وربما أسقطها الهواء ، أبدل القيادة مع صديقى ، قال أنه يعرف هذه المنطقة جيدا وسافر عليها كثيرا ، دقائق نقاتل خلالها العتمة والشاحنات التى كأنها تتصارع فى سوقها ، بوابة جديدة للرسوم ، نسير قليلا ثم ننعطف الى الطريق المتجه الى مدينتنا ، الطريق متسع والأضواء تصيره نهارا ، "اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الأراضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما أذرين، ورب البحار وما أخفين ، اللهم إنا نسألك خير هذه المدينة وخير أهلها وخير من فيها ، ونعوذ بك من شر هذه المدينة وشر أهلها وشر من فيها ، اللهم حببنا فى أهلها وحبب أهلها فينا ... امين ".

نمر على متجر شهير ، السيارات فوق بعضها امامه وكأن المدينة كلها تجمعت هنا ، نتخطاه مواصلين السير ثم ننعطف يسارا ونعرج الى أسف المدينة فنحضر أسرة صديقى ، أعود الى طارة القيادة مجددا وأصطحبهم الى بيتهم ثم أدور بالسيارة عائدا للخلف ، أتخطى بعض الطرق والمناطق الداخلية ثم أزلف الى مسكنى ، أنتظر فى السيارة دقائق حتى يهدأ ارهاقها قليلا و حتى ألتقط أنفاسى ، أغلقها ثم أحمل حقيبتى وأصعد شقتى .

لمكانك اشتهاء مختلف حتى لو كنت تعيش فى أجمل أماكن الدنيا ، يبقى للمكان الذى أعتدت العيش فيه مذاق مختلف ، رائحته تشبهك ، لونه يشبهك ، هى السماء التى اعتدتها والليل الذى تحبه والقمر الذى تصحبه والنجوم التى تصطف فوق رأسك تطل عليك فى شرفتك ، الأشجار التى تألف وجودك ، الجدران التى تشعر غيابك ، والأرض التى تعشق خطاك ، حتى المكان الذى تبيت فيه السيارة كان على حاله حزينا مهموما يعانى وحدته حتى عادت إليه فتلقفها بعناق .

البدن مثقل بالأوجاع ، مرهق من فرط المشقة ، وكل ضلع منه يسير وحيدا ، أنزع ثيابى وأفتح الماء فوق رأسى فينزل على جسدى وكأنه يصطدم بطاسة قلى السمك ، أمكث تحت الماء حتى نسيت أن الماء لازال يتدفق من أعلى ، أصلى وأتناول بعض اللقيمات مع أسرتى وتكاد عينى تسقط منى .

أستيقظ باكرا أمارس طقوسى وقبل الجميع أفتح ابواب مكتبى وأصف أوراقى وحاسوبى والمستندات التى أحضرتها معى ، أتصفح بعض الأشياء وأنظر فى بعض الملفات حتى بدأ أصدقائى فى القدوم .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

لمكانك اشتهاء مختلف حتى لو كنت فى تعيش فى أجمل اماكن الدنيا ....ما اروعك ....حمدا لله على سلامتكم وياهلا بكم فى أرض الوطن الحبيب 😀 ....ربنا يزيدك ويفتح عليك ويبارك فيك ولك ....كالعاده تفوقت بكلماتك فتألقت