الخميس، 19 أغسطس 2021

لم نعد صغارا " 32 "

 

أسير بخطى ثقيلة ، أسجل كل شئ بعينى ، حتى التفاصيل الصغيرة ، أسماء المحال وأفكر ان كنت قد شاهدت هذا الاسم فى مكان أخر ، ألوان البنايات ، الشوارع والممرات ، ديكورات المحال ، وجوه الناس وتعبيراتهم ، العيون التى تشى بكل شئ ، لغة العيون والاشارات موحدة فى العالم كله لا تحتاج الى اجادة لغة بعينها لتقرؤها ، عيون تملؤها الدهشة ، عيون تلمع بالحب وعيون عابسة ، ضحكات بأصوات تجلجل ويد على الوجه تدارى الخجل ونظرات حائرة .

الصمت فى حضرة الجمال واجب ، اطلق لعينك العنان تحط حيث شاءت ودع قلبك يحلق وافتح صدرك دع النور يدخله .

اذا كنت لم تقدر على الوصول لشاطئ البحر فاجلس هنا فى هذا المكان تحديدا ، انظر أمامك تماما ، شم رائحة اليود ، تشبع بها ، دعها تتسرب فى مسامك ، القمر هناك، يشق ظلام الليل ، ينثر ضوءه الفضى ، يرقب مكانك ، يحمل البحر على وجهه ، تلمح سفينة تبحر وقاربا يمر ، النسمات تحمل زبد البحر ، تلقى به على خدك ، تنتشى ، تنتعش روحك ، تغنى وترقص حولك ، تدور متعلقة بيد جميلة مرت أمامك ، فإلتصقت بها وداعبتها ودعوتها إلى رقصة الروح .

مسرح أقيم ما بين الفندق والمطعم الذين تجلس أمامهما ، فرقة تعزف ألحانا ومغنى يطرب بروعة ، تسمع صوت العود وبكاء الناى واوجاع الوتر ، البعض يرقص ، البعض يشرد ، البعض يصمت وكل الناس فى حال .

تقرر العودة ، فتمشى بذات الخطى المتثاقلة ، ترقب كل شئ ، تحفره فى ذاكرتك ، تلتقط بعض الصور ، تنعطف يمينا من حيث جئت ، ترى بهو الفندق الواسع ، يجلس فيه الكثير من مرتادى الفندق يدور حولهم العاملون .

الصخب لازال مرتفع وأصوات الغناء والموسيقى تتداخل فلا تعرف شيئا مما يقال من تلك الأصوات الصادحة من أكشاك الأشياء السريعة ، نشترى الأشياء التى نحتاجها من البقالة الصغيرة فى المبنى الذى نسكنه ، يجلس بجوار كلبيه أبيض وأسود ، كل منهما مقيد بسلسلة حديدية ، بجواره يجلس صديقه وأمام المعرض المجاور تقف مائلة الجسد .

نصعد الى شقتنا ، نشعل الأنوار ، أقف فى الشرفة ، أرقب مياه حمام السباحة الزرقاء ، يجلس حوله مجموعة صغيرة ، فى الشرفات المقابلة بعض المقيمين يجلسون أيضا وبعضهم يقف مثلى ، فاترينة عرض لمتجر داخلى أو لعله نهاية متجر ، فيها المانيكان ترتدى بيكينى .

أحضر حاسوبى وأجلس فى الشرفة ، أتصفح بعض الأشياء السريعة وأدون بعض الملاحظات حول العمل الذى قمنا به اليوم ، أتناول كوبا من الشاى ، أشاهد حلقات " ما وراء الطبيعة " ..

عجوزان يجلسان أمامى ، مقعدين يتوسطهما منضدة ، فنجانين من القهوة وزجاجة مياه وصوت همسات يتسرب .

تخطو نحو المدخل على اليمين ، ترتدى شورتا قصيرا يكاد يغطى مؤخرتها و من الأعلى ما يشبهه لا يكفى لتغطية الصدر وشعرها ينسدل على رقبتها ، تتعلق بيد أحدهم .

1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

عاجزة فعلا عن التعليق ....سبحان من وهبك حلاوة الوصف ودقة الكلمات ....والله كأنى شممت رائحة اليود وسمعت صوت العود وبكاء الناى ...ما اروعك