الثلاثاء، 24 أغسطس 2021

ثلاث حكايات عن الغضب

 

قصص قصيرة للدكتور د محمد المنسى قنديل

صدرت عن دار الشروق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكاية المطبعة القديمة

فى مقهى ريش يجلس نجيب محفوظ يلتف حوله صغار الكتاب والأدباء والشعراء ، فلفل يعمل جرسونا بالمقهى يتمنى لو أمكنه الكتابة ، فى ركن المقهى يجلس " ماسح الأحذية " ، رجل عجوز يجلس صامتا كشيخ حكيم ، فى الصباح زبائن المقهى قليلون ، سعد ولد فلفل ، يعلمه ، يتمنى أن يحصل على شهادة ، على الأقل لن يعمل جرسونا كأبيه ...

الزبون الأول ، ضخم الحجم ، وجهه مغطى بالعرق ، يضبغ ماسح الأحذية حذاءه فى استغراق واتقان ، ينظر الى صاحب الحذاء فجأة ويخبره أن يغير عمله .

الزبون الثانى سيدة لا ترغب فى مسح حذائها ورغم ذلك يجلس الرجل تحت قدميها يتطلع إليها فتمد له قدمها فيخلع عنها الحذاء فى مهل ثم يصبغه ، يقدمه لها ويخبرها أن الولد الذى تتمنى ولادته سيجئ فتغادر وهى تشتعل فرحا !

الزبون الثالث كان الأستاذ " نجب محفوظ " ، أسرع فلفل نحوه وكان ماسح الأحذية سبقه ، القهوة على الريحة كالمعتاد خالية تماما من أى سكر ، تجرأ فلفل وسال الأستاذ السؤال الذى تمنى كثيرا أن يوجهه له : أريد أن أعرف كيف أكتب ؟

لكى تكتب يا " فلفل " يجب أن ترى بعمق ، وتسمع برهافة ، وتحس بصدق ..

نظر ماسح الأحذية الى الاستاذ وقرأ له ما رأه مسطرا على الحذاء كأنما يقرأ فنجانا ...

ثم قرر " فلفل " أن تكون كتابته عن ماسح الأحذية ...

جاءت عصافير النيل ، هجرت النهر ولا تريد العودة إليه ... إنها جائعة وعطشى !

حكاية لاعب التنس

 اخترت لك مضربا كـ مضرب " نادال " لاعب التنس المصنف الأول عالميا ، التنس لعبة الملوك والأمراء حيث تمتلك وحدك نصف الملعب ، ليست لعبة غوغائية ككرة القدم ، يجرى عشرون لاعب خلف كرة ، الأب يرى فى " كريم " تعويضا عن كل خسائره ، لم يستطع تعلم السباحة لكن كريم يجيدها ، أحب تعلم التنس وها هو كريم يتدرب عليه ، لم يكن يذهب الى النادى بانتظام والآن لأجل ابنه يفعل ، أخذ كريم يضرب الكرة بقوة وقسوة ومدربه يصارع حتى لا يبدو ندا ضعيفا أمام متدربه ، لكن قوة ضربات كريم دفعته الى إلقاء المضرب واعلان ان التدريب قد انتهى ...

حكاية الغلام الذى يحدث النهر

" زيتون " ولد متسخ من اولاد الشوارع ، يهرب من " مطواه " وعصابته ، يفر الى النهر يلقى بنفسه فيه فيحنو عليه النهر ويرده ، يجرى ويختبأ حتى يجده " حداية " ثم يحاول استخدامه ...

الصمت يخيم فوق كل شئ ، حراس المترو نائمون مستندون الى الجدار ، السماء رمادية ، الخيام متكومة فى خوف ، مبللة من ندى الليل ، المياه رمادية تنعكس عليها بقايا الأضواء ، الموجات الصغيرة ترتعد ، تبتعد عن زيتون ، النهر كان صديقه واليوم يبتعد عنه ويفر منه ويشيح بوجهه ..

الأحجار المتكسرة تملأ الميدان ، البرد قاسى ، المصابيح تشع فراشات مضيئة ، تذوب فى برد الليل ، كريات اللهب تتساقط ... ، تصطدم بالأسفلت ، وتنتشر فى دوائر حارقة ، ألسنة اللهب لا يقدر أحد على إطفائها ، تشتبك فى أغصان الشجر وعوارض الخشب ...

جاء ورد النيل فى صفوف متتابعة ، تعلو وتنخفض على سطح المياه ، اوراقها أشبه بقلوب صغيرة ، فى كل قلب منها زهرة بيضاء ، النيل عاد صديقه ولم يعد خائفا منه ...



1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

محمد المنسى قنديل فعلا عبقرى ....كل حكاية فيها غضب فعلا مختلف بس فى الآخر غضب ....المطبعة القديمه / لاعب التنس/ الغلام الذي يحدث النهر
فلفل ماسح الأحذية / كريم لاعب التنس /زيتون غلام يحدث النهر ....مبدع