الجمعة، 27 أغسطس 2021

شوق



ألملم الأوراق التى بعثرتها حركة الهواء المباغتة التى اصطدمت بدرفة الشباك ففتحته ، الأقلام أيضا وقعت والصور غادرت مكانها ، الذكريات وحدها ثابتة فى مكانها كـشوكة استقرت فى الحلق ومهما تجرعت من الماء لا يجدى معها نفعا ، شهاب يسقط فى فلاة فيحدث ضجمة ويخرج نور ...

ليل يفر من عتمته وقلب يشتهى فرحا ، يقف على الأبواب ، يطرقها تضرعا ، يناجى ، ينادى بكل جوارحه ، حتى صمته سُمع صوته ، وحتى بكاؤه علاه أنينه .

الروح تشتهى وصلا ، الفؤاد يبغى قربا ، العين تطلب رؤيا ، النفس تسأل رضا ، والقلب يرجوا عفوا .

تركن إلى جذع شجرة ، تجلس وحيدا ، يظلك الليل ، يصاحبك سكونه ، تخلو بنفسك بعيدا فى أدنى الوادى ، ضحية لشوقك وغرام حل ببدنك ، تُعبء صدرك بعبير أخضره الندى ، تغيب فى ليل كسواد شعرها الحالك ، تتدفق المشاهد أمام عينيك كشلال تتصارع دفقاته ، تقبض على رأسك ، تنازعها ، عرير صراصير، نقيق ضفدع وعواء تسمع صداه ، غيطان الأرز وأعواد الذرة وأشجار الكافور ، عشش وزرب .

حكى صديق وقلق أم ورهبة أب ودروس مؤجلة ، مقهى فى بلدة مكانها بعد منتهى الظلمة ، ترابيزة " بنج بونج " وأفلام فيديو وكوب من الشاى .

تنظر إليك خلسة بطرف عينيها ، تراها وتتوارى ، تتلاقى النظرات ، زُرقة العينين ووجه مستدير كقمر ، منديل ورقى يتخلله قلب يفوح عطرا ، كتب فيه

je t'aime beaucoup

سكن الشوق وهدأ ، اطمأنت النفس وارتاحت ، ارتويت بعد ظمأ طويل ، الحنين يحمل الذكرى والدموع تغسل الرؤى .

الضباب يغطى الطريق ، تسلك حدود الغيطان ، تشق الظلمة بخطوات متمهلة تغشى التعثر بحجر أو الخوض فى الوحل أو اصابة منابت الزرع .

تعيد الأوراق الى أماكنها ، توصد النافذة جيدا ، تفتح صندوقا قديما ، فيفوح منه عبق قديم ، تلمع عيناك ويشرق وجهك ، تقرب منديلا من أنفك ... تغمض عينيك وتمضى .



1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

الله الله الله .....يا لوعة الأشواق ومرارة ذكريات معبأة بأشواق وحنين لا ينتهى .....وما أجمل كلمات وصف هذا الشوق سكن الشوق وهدأ ....اطمأنت النفس وارتاحت ارتويت بعد ظمأ طويل ...الحنين وما ادراك ما الحنين ....كالعاده ابداع فوق الوصف كلمات كأنها أصوات تأن مبدع مبدع كالعاده