الأحد، 22 أغسطس 2021

لم نعد صغارا " 33 "

 

الليل سكن فلا يسمع سوى الهمس ، الأضواء فقط هى ما يشير الى وجود حياة فى هذه الشقة او تلك ، أشرد مع الحلقات ، اليوم كان مرهقا بحق ، سفر لمسافة طويلة تلاها كل هذه الأحداث ، تطرق رسل النوم على رأسى ، أغلق حاسوبى وأطفئ الأنوار وأُلبى نداءها .

أتقلب كثيرا فى الفراش ، تتقافز الخواطر والأحداث أمام عينى ، هكذا الحال عادة كلما رغبت فى النوم وجدت كل الأشياء تقف بينك وبينه ، تمنعكما من التلاقى وتظل فى صراع مع خواطرك وهواجسك إلى أن يغلب أحدكما الأخر .

أسمع أذان الفجر وللمرة الأولى أسمع صوت مؤذن هنا ، أتوضأ وأصلى ، النوم فارق ، أجلس للقراءة ، الظلام لازال عالقا  ، لازالت ستائره منسدلة على الكون ، أفتح النافذة أستنشق نسمات الفجر ، تقدم رطبة طرية تحمل معها رائحة الياسمين ونعومة قطرات الندى ، هكذا الصبح فى كل مكان له ما يميزه .

أشرد إلى أيام الصبا ، أرى صبية صغارا يخرجون مع أصحابهم بعد صلاة الفجر ، يتلون الأذكار ، نسير الى البلدة المجاورة حيث ملعب الكرة ، لا يوجد فى قريتنا ملعب وانما نلعب فى أى شارع او قطعة ارض خالية بجوار منزل احدهم نسميها " الجرن " ، ولكن البلدة المجاورة فيها ملعب كبير يتوسط المدرسة والمعهد الأزهرى والوحدة المحلية ونقطة الاطفاء ، محاط بمجموعة من الغرف التى تركت خرابا يستغلها اللاعبون فى تغيير ملابسهم ، نذهب باكرا حتى ندرك اللعب لساعتين قبل أن تبدأ اوقات لعب الكبار ، نتقسم فرقا حسب العدد الموجود ونجرى قرعة أى فرقتين تبدأ ويكون الحكم من الفريق الذى ينتظر فى الخارج وغالبا تكون مدة المباراة ربع ساعة ، أحب اللعب ولا أجيده ، دوما ما يمنعنى والدى من اللعب ، واللعبة الوحيدة التى حاول تعليمها لى هى ركوب الدراجة ، لكنى ما اتعلمتها إلا عندما ذهبت برفقة اصحابى نتعلم سويا على دراجة أحدنا وظللنا نحاول حتى تعلمنا رغم كثرة الوقوع والاصابات التى تعرضنا لها ، يومها ذهبنا لبلدة مجاورة ، وقفنا عند قصر كبير ، أمامه مساحة واسعة بها منطقة مرتفعة ، اخترناها مكانا للتعلم وقضينا أكثر اليوم هناك حتى عدنا وقد تعلمنا كثيرا حتى أصبحت أقود الدراجة لفترة دون أقع ، نبدأ من المنطقة المرتفعة ويدفع أحدنا الأخر برفق فيعمل قدميه فى بدال العجلة وينزل بها الى المنطقة المنخفضة وهكذا بدأنا ، والبدايات دوما هى الأصعب فى كل شئ فإذا تخطيت عقبة البداية فكل شئ يليها سهل ، ننتهى من لعب الكرة وعند صهريج قريب نذهب ننظف أنفسنا جيدا من التراب والغبار الذى لحق بنا من اللعب ، ونختار من بيننا اثنان او ثلاثة يذهبون لشراء افطارا لنا جميعا من المطعم القريب بعد أن نجمع من كل الموجودين ثمنه ، نفطر سويا ثم نعود الى بيوتنا .

على مهل بدأ النور يُنثر على الوجود بسخاء والليل رفعت ستائره رويدا رويدا ، تخرج الى الشرفة ، تفرد المقعد ، تلقى بنفسها عليه ، تطلى جسدها بلفحات صباحية من أشعة الشمس ، ترتدى مايوها يكشف عما خفى .



1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

فإذا تخطيت عقبة البداية فكل شئ يليها سهل ...ما أروع معانيك وأدق وصفك وأعذب كلماتك ما أجمل أيام الطفوله والصبا ما أبدعك فعلا وكأنها ألحان تعزف