الثلاثاء، 10 أغسطس 2021

أمل

 

أفتح عينى ، أجد الأوراق ملقاة من حولى ، الهاتف يعلو صوته لكنى لا اراه ، أبحث عنه أجد الأوراق قد تكاثرت فوقه ، أنظر فى الساعة لاعلم الوقت ، أتجهز على عجل ، يبدو أن النوم غلبنى بينما كنت أراجع الأوراق التى سأعمل عليها باكرا ...

جدول اليوم مزدحم ، أعمال ومهام كثيرة فى حاجة الى الانهاء ، اتصالات العملاء تفوق الاحتمال أحيانا كثيرة ، كل منهم يرغب فى أن يحملك حتى هم أفكاره ، أنتقل من مكان الى مكان ، أقابل هذا وأتفاوض مع ذاك ، أسلم مستندات لفلان وأترك غيرها لفلان أخر وأرتب مواعيد جدد ...

التعامل مع موظفى الجهات خاصة الحكومية منها يحتاج الى هدوء يجاوز حد البرود ، تتحمل سخافات وحماقات وتحكمات كثيرة فضلا عن عدد الأوراق التى تطلب والتوقيعات التى لابد منها والأختام التى لا تنتهى ، هذا إن كنت من سعداء الحظ الذين يجدون الموظف فى بعض اللحظات التى يقضيها على مكتبة خلسة أو جبرا ، أما إن كنت من متعثرى الحظ مثلى وأمثال الأكثرية فى وطنى فإن استطعت أن تثنجز عملك بينما لازلت تحتفظ ببعض عقلك فذاك من الانجازات التى يتفاخر بها وتدون فى سجل مآثرك وستحكى يوما عنها لخلفك وأحفادك ..

نحن شعب طيب بفطرته تغلب الدعابة وروح الفكاهة على فعله وقوله وفكره ايضا وقليل منا من يشذ عن تلك القاعدة ، وهذا مما يهون قسوة الأيام وشدة الأوقات التى يعانيها الناس ، البعض ممن تلتقى يكون هينا لينا طيب المعشر رقيق القلب حسن الخلق جميل اللسان فيعين كل من استطاع على قضاء حاجته والكثير يجعل الأيام قاسية كليل شتاء لا ينتهى ...

الوقت جرى والأعمال كعادتها لم تنتهى  ، أسرع إلى لقاء أخر أقطع المسافات مغادر المدينة ، تتناثر الصحراء على جانبى الطريق ، صفراء ، حمراء وسمراء ، تتناثر بعض الحشائش والمكان يخلو سوى مما تحمله الريح أو يلقى به العابرين ، يعلو صوت محرك السيارة وارى دخانا يتصاعد ودرجة الحرارة تبدو أمامى مرتفعة عن طبيعتها ، أوقف السيارة وأغلق محركها وأترجل منها لأعرف ما بها ، أرفع غطاء الكبود فأجد الأدخنة تتصاعد أكثر وأنظر أسفل السيارة فأجد المياه قد نزلت من قارورتها دفعة واحدة .

لابد ان تترك السيارة حتى تنخفض حرارتها تماما لأعلم ما بها ، عدة اتصالات ببعض صنايعية السيارات لمعرفة ما أفعل وأكثر من تتصل به لا يجيب ، أبحث فى السيارة عن زجاجات وجراكن للمياه وأحاول النظر لأأقصى مما يمكننى لأرى من أين يمكننى احضار الماء ، أشير للسيارات التى تمر والكل فى الصحراء يخشى التوقف لأحدهم خشية أن يكون من لصوص الطريق ، ثم يتوقف أحدهم دون أن أشير إليه فيعلم حاجتى ويعيننى قدر استطاعته ثم يغادر .

الظلام بدأ يغطى الطريق والسيارة لم تبرد بعد ، أجلس فى السيارة منتظرا فيغلبنى النعاس ، الثلج يتساقط من حولى ، كسى الصحراء ببساط من مكعبات وكرات بيضاء ، أشجاء قد نبتت ، وبيوت قد أقيمت وأعمدة انارة تملأ الجوانب وهدوء يغلف المكان ، ييقظنى صوت أحدهم يطرق على زجاج سيارتى ، أنتبه فإذا هو ضابط من قوات تأمين الطرق أخبره بالأمر فيبدأ ومن معه فى مساعدتى ولا يتركونى إلا وقد بدأت السيارة فى العمل مجددا ، أشكرهم وننصرف كل فى وجهته.... الله لطيف بعباده .




1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

ما أجمل ودقة وروعة وصفك ....ياالله ما أعذب كلماتك .....رزقك الله الأمل والرفق واللين والتيسير .....الله لطيف بعباده