الأحد، 8 أغسطس 2021

كُن حيث قلبك

 

الموسيقى الصاخبة هدأت وتبدل اللحن ، المعازف سكنت ، الناى عاوده حزنه والعود اشتدت أوتاره ، عرائس من صلصال ، دمى تتمايل متراقصة ، حنة خضبت بها الأيدى وتشكلت بها ملامح مختلفة ، عيون غطاها الكُحل ، وشعر كليل شتاء طويل لا ينتهى ...

صوت تصفيق لا يكف ومطرب سجن صوته فى حلقه وستار أسدل مرغما ...

انسحب الجمهور من القاعة ، خفتت الأضواء ، انزوى فى ركن بعيد ، شاحب الوجه ، مرتعد الملامح ، على شفا البكاء ولكن العين تأبى ، كيف عجز اللحن فجأة وخرج عن مساره ، كيف خانه صوته وخذلته آلاته ....؟ .

اللحن لم يخرج عن مساره ولم تخذلك آلاتك ، هو فقط مارس شغفه ، مل من القيود المفروضة عليه أن يتنقل بين أشياء ثابتة فثار على كل ذلك واتخذ بنفسه مسارا يخلده ، مارس حريته ، ملك أمر نفسه فاتخذ قراره وعزف لحنه كما يشتهى ، نزع القيود والأصفاد وكسر القضبان وحطم الثوابت ، فر من نفسه  لقلبه وترك لقلبه إرشاده ، القلب يعزف والناس غير معتادون على ذلك ، ودوما تكره الناس من يهديها حقيقتها أو يقدم لها شيئا غير الذى تنتظره ....

دع قلبك يمارس شغفه ، فك قيوده وأطلق سراحه ، تابعه باستمتاع وتأنى ، دعه يخطئ ، دعه يقع ، دعه يصاب ، فى المرات التى تلى ذلك ستجده يقوم وحده ثم يتعلم أن يتجاوز ذلك ثم يتجنب أن يقع فيه ثم يرشد من نفسه غيره الى الصواب .

كن حيث قلبك يرغب فالجوارح دوما تنصاع للقلب ، ملكها وهى له خاضعه ، لذا تنشق عنك وتنقلب عليك إن حاولت إرغامها على إتيان ما يأباه القلب ، الآن استمع الى موسيقاه وحدثنى بصوت قلبك ، ارفع الستار ، انظر الى القاعة ، لن تجد مكانا شاغرا ، الجمهور يشغل كل المساحات حتى لم يعد منفذ هواء ، الآن استرح قليلا ودع قلبك يمارس شغفه .

اللحن ينسال كأنه شلال منهمر ، صوت تصفيق لا يكف وقلب علا صوته وستار يأبى الجمهور أن يُسدل  ...



1 رأيك يهمنى:

Asmaa Latif يقول...

ما أجمل كلماتك ما أجملها يا الله يا الله ......كن حيث قلبك يرغب دع قلبك يمارس شغفه دعه ستجد اللحن ينساب كأنه شلال منهمر .....ما أجمل ألحانك فى صورة هذه الكلمات .....كالعاده مبدع مبدع فوق الوصف يا الله